جلسة طارئة لمجلس الأمن حول غزة تنتهي بـ«التريث»

واشنطن توفد مبعوثاً إلى تل أبيب لـ«خفض العنف»

نساء من العقبة في الضفة يتابعن مرور جنازة شاب قتل في هجوم إسرائيلي (إ.ب.أ)
نساء من العقبة في الضفة يتابعن مرور جنازة شاب قتل في هجوم إسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

جلسة طارئة لمجلس الأمن حول غزة تنتهي بـ«التريث»

نساء من العقبة في الضفة يتابعن مرور جنازة شاب قتل في هجوم إسرائيلي (إ.ب.أ)
نساء من العقبة في الضفة يتابعن مرور جنازة شاب قتل في هجوم إسرائيلي (إ.ب.أ)

حذّر مسؤولون في الأمم المتحدة وأعضاء في مجلس الأمن، من أن الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين «يتجه إلى حرب شاملة» إذا لم يتوقف التصعيد «على الفور»، فيما كان متوقعاً أن يصل نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإسرائيلية - الفلسطينية، هادي عمر، إلى تل أبيب، في مستهل جولة، هدفها الحيلولة دون انزلاق الأحداث الخطيرة إلى الأسوأ.
وعقد مجلس الأمن في نيويورك جلسة مشاورات طارئة مغلقة هي الثانية له في غضون 48 ساعة، بطلب من تونس والنرويج والصين، في محاولة لاتخاذ موقف من التطورات، علماً بأن الاجتماع الأول الذي انعقد الاثنين، أيضاً، لم يؤدِ إلى إصدار بيان، لأن الولايات المتحدة أحجمت عن تبني النص الذي اقترحته الدول الثلاث «على الأقل في هذه المرحلة». ووفقاً لما أكده دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، فإن الدبلوماسيين الأميركيين ما زالوا يتريثون انتظاراً للجهود التي يقومون بها، في إشارة إلى إرسال وفد أميركي إلى المنطقة.
وخلال جلسة المشاورات المغلقة، حذر المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، من أن الوضع «يتجه إلى حرب شاملة»، مضيفاً أن «على القادة من جميع الأطراف تحمل مسؤولية وقف التصعيد»، إذ إن «تكلفة الحرب في غزة مدمرة». وقال: «أوقفوا العنف الآن». وردد موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، معبراً عن «القلق البالغ» من «التصعيد الخطير» على الأرض، ونبه إلى أنه «يزيد من حدة التوتر والعنف في القدس الشرقية المحتلة». وعبر عن «حزنه العميق عندما علم بوقوع أعداد كبيرة متزايدة من الضحايا، وبينهم أطفال، من الضربات الجوية الإسرائيلية في غزة، وسقوط قتلى إسرائيليين من جراء إطلاق صواريخ من غزة». وحضّ إسرائيل على «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وضبط استخدامها للقوة»، مؤكداً في الوقت ذاته أن «الإطلاق العشوائي للصواريخ وقذائف الهاون باتجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية أمر غير مقبول». ودعا إلى «وقف هذا التصعيد المتصاعد على الفور»، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة تعمل مع كل الأطراف المعنية «لتهدئة الوضع بشكل عاجل».
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الولايات المتحدة باتت مستعدة للمساهمة في إصدار موقف من مجلس الأمن. ويحتاج أي بيان من المجلس إلى إجماع أعضائه الـ15 خلافاً للقرار الذي يحتاج إلى 9 أصوات على الأقل، مع عدم استخدام حق النقض من أي من الدول الدائمة العضوية في المجلس.
إلى ذلك، وخلال مؤتمر صحافي حول تقرير الحرية الدينية، قال وزير الخارجية الأميركي، إن المسؤولين في إدارة الرئيس بايدن «قلقون للغاية حيال ما نراه هناك من صور ظهرت بين عشية وضحاها، وهي صور مروعة وفقدان أي أرواح مدنية هو مأساة»، مضيفاً أنه طلب من نائب مساعد وزيرة الخارجية هادي عمرو «التوجه إلى المنطقة على الفور للقاء القادة الإسرائيليين والفلسطينيين». وأوضح أن عمرو «سيحض نيابة عني ونيابة عن الرئيس بايدن، على خفض العنف»، مشدداً على أن «الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بحل الدولتين. وهذا العنف يأخذنا بعيداً عن هذا الهدف». وأعلن أن واشنطن «تؤيد بالكامل حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها»، مكرراً «التنديد بأقوى العبارات الممكنة بالهجمات الصاروخية». وقال: «نعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون بنفس القدر العيش بسلامة وأمان، وسنواصل التعامل مع الإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم من الشركاء الإقليميين، للحض على عدم التصعيد وتحقيق الهدوء».
من جهة أخرى، أجرى بلينكن محادثة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي. وأفاد الوزير الأميركي في بيان، أنه عبّر عن «قلقه من الهجمات الصاروخية على إسرائيل وعن تعازيه في الأرواح التي سقطت نتيجة لذلك»، مضيفاً أنه ناقش مع نظيره الإسرائيلي «العنف في القدس، ولا سيما الحرم الشريف وفي الشيخ جراح»، مجدداً دعوته إلى «تهدئة التوترات ووقف العنف الذي أودى بحياة المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبينهم أطفال».
وكشف دبلوماسيون أن بلينكن لم يضغط على الإسرائيليين لوقف العملية العسكرية في غزة على الفور، لكنه أكد أن «الولايات المتحدة لا تريد تصعيد الأمور إلى حرب شاملة، وتريد منع وقوع إصابات بين المدنيين في غزة». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: «نريد أن نتأكد من أن هذه الخطوات، سواء أكانت صادرة عن الحكومة الإسرائيلية أو السلطة الفلسطينية أو مجلس الأمن، لا تؤدي إلى التصعيد أو الاستفزاز، بل تعمل على وقف التصعيد».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.