صمت فرنسي بعد استثناء الراعي من لقاءات لو دريان في بيروت

المسؤول الإعلامي في بكركي: باريس أكدت دعمها لمبادرات البطريرك

البطريرك الراعي مستقبلاً السفيرة الفرنسية أمس (الوطنية)
البطريرك الراعي مستقبلاً السفيرة الفرنسية أمس (الوطنية)
TT

صمت فرنسي بعد استثناء الراعي من لقاءات لو دريان في بيروت

البطريرك الراعي مستقبلاً السفيرة الفرنسية أمس (الوطنية)
البطريرك الراعي مستقبلاً السفيرة الفرنسية أمس (الوطنية)

لا تزال زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت واللقاءات التي عقدها تترك تداعياتها في لبنان في وقت يسود فيه الترقب لما ستكون عليه الخطوات الفرنسية المقبلة ومصير المبادرة الفرنسية انطلاقاً من المواقف التصعيدية التي رفعها لودريان في وجه المسؤولين اللبنانيين.
وبعدما اقتصرت لقاءات لودريان «البروتوكولية» على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، إضافة إلى ممثلين عن أحزاب المعارضة والمجتمع المدني، واستثنى قيادات الأحزاب التقليدية والبطريرك الماروني بشارة الراعي، ينقل مقربون عن الأخير استياءه من هذه الخطوة، في وقت قامت أمس السفيرة الفرنسية لدى لبنان آن غريو بزيارة للراعي لتوضيح خلفية استبعاده من لقاءات لودريان وخرجت من دون الإدلاء بأي تصريح.
ويوضح المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة السفيرة أتت بطلب من لودريان وذلك لنقل رسالة شفهية للراعي للتأكيد على أن باريس تتابع مبادراته، وهي داعمة لها وليس هناك أي خلفية لعدم زيارة لودريان له، فمدة الزيارة كانت قصيرة ورسالته كانت موجهة إلى المسؤولين اللبنانيين. وعما إذا كان هناك أي زيارة قريبة مرتقبة للراعي إلى فرنسا يقول غياض: «ليس هناك موعد محدد لكن كل شيء وارد ورهن الحاجة إليه».
لكن الوزير السابق سجعان قزي، المقرب من بكركي، يرى أن الفرنسيين هم الذين أسقطوا مبادرتهم لتراجعهم عن معظم بنودها الأساسية. وينتقد استثناء البطريرك الماروني من اللقاءات التي عقدها لو دريان لما تمثله بكركي والراعي في لبنان، مقابل اعتبار مصادر في «التيار الوطني الحر» أن «الجزء المتعلق بتفاصيل الحكومة في المبادرة الفرنسية سقط»، بينما لا يزال «تيار المستقبل» يتمسك بها، رافضاً الاعتبار أنها انتهت ومؤكداً على تحميل مسؤولية التعطيل لرئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل.
ويقول قزي لـ«الشرق الأوسط»: «الفرنسيون أسقطوا المبادرة أكثر من اللبنانيين والإيرانيين بسبب سوء أداء المسؤولين وتراجعهم عن بنود أساسية وتنازلهم لحزب الله». ويضيف: «لكي تكون المبادرة فعالة يجب أن تعود إلى أصولها التي أعلن عنها ماكرون عندما زار لبنان العام الماضي»، ويوضح: «الفرنسيون تراجعوا عن بنود عدة، فبعدما كانوا دعموا حكومة من اختصاصيين غير حزبيين باتوا الآن مع حكومة اختصاصيين يرضى عنهم السياسيون، وبعدما كانوا مع المداورة الشاملة في توزيع الوزارات بين الطوائف أصبحوا مع استثناء وزارة المالية (في إشارة إلى إبقائها مع الثنائي الشيعي بناء على طلب «حزب الله» وحركة «أمل»)، كذلك كانوا مع حكومة يختارها الحريري من دون المرور بالأحزاب، فصارت اليوم تمر عبر الأحزاب وبعدما كانت حكومة للإصلاحات فقط بات يفترض أن تتعاطى أكثر من ذلك».
ويعتبر قزي أن التخبط الفرنسي ظهر في زيارة لودريان «عندما اجتمع مع لا أحد»، وفق تعبيره، ولم يزر بكركي، واصفاً ما حصل بـ«الخطأ الكبير الذي لا يصحح بزيارة السفيرة الفرنسية ولا يعوّض إلا بدعوة من ماكرون للراعي لزيارة فرنسا، لا سيما أنه أتى خلافاً للتقاليد الفرنسية»، مع تأكيده «أن الراعي لم يعلن أو يعبّر عن انزعاجه من هذا الأمر ولكن اللبنانيين الذين يحرصون على العلاقة بين بكركي وفرنسا وأنا واحد منهم شعرنا بالامتعاض»، مشدداً: «الراعي ليس مرجعية دينية فقط، بل هو حامل لواء حياد لبنان والدعوة لعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة ومن بكركي تخرج الحلول».
وعن مبادرة بكركي التي سعت لتذليل عقبات تأليف الحكومة وعما إذا كانت هناك جهود إضافية تبذل الآن، يقول قزي: «لا مبادرة جديدة، وجهود الراعي انتهت عندما سعى للقاء عون والحريري، وهو ما حصل، لكن اللقاءات باءت بالفشل بل زاد الخلاف بينهما، يعني أن المشكلة أبعد من شخصين، وتبقى نصيحته للطرفين لا تزال نفسها وهي ضرورة اللقاء الدائم».
في المقابل، تقول مصادر في «التيار الوطني الحر» مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» أن المبادرة الفرنسية لم تسقط بمجملها إنما بعض عناوينها أو مفاعيلها المرتبطة بشكل مباشر بتفاصيل تأليف الحكومة وتوقيت تأليفها بعد وضع مواعيد لها من دون تنفيذ، وتعتبر أن عناوينها العريضة لا تزال صالحة وتحظى بموافقة مختلف الأطراف أهمها الإصلاحات والتدقيق الجنائي وغيرها. لكن مصادر في «تيار المستقبل» مقربة من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تخالف ذلك، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن النظر إلى المبادرة الفرنسية لا يمكن أن يكون مجتزءاً، «فبالنسبة لنا المبادرة الفرنسية لم تسقط بل لا تزال سارية المفعول بكل عناصرها... إنما المشكلة ليس بالمبادرة إنما بمن يعطلها وتحديداً عون وباسيل ومن خلفهما».
وكان لودريان استبق زيارته لبيروت بالتلويح بالعقوبات ضد المسؤولين عن عرقلة تأليف الحكومة، وأطلق في نهايتها مواقف تصعيدية على غرار الرسائل التي بعث بها قبيل زيارته. وقال: «من الملح أن يخرج لبنان من المأزق السياسي الحالي، وقد عبرت بصراحة عن هذ الأمر خلال لقاءاتي مع الرؤساء الذين قابلتهم من منطلق أنهم معنيون دستورياً بالاتفاق على حكومة، ولاحظت أن الفاعلين السياسيين لم يتحملوا لغاية الآن مسؤوليتهم ولم ينكبوا على العمل بجدية من أجل إعادة نهوض البلد، وأعتقد أن الأمر ممكن إذا رغبوا في ذلك»، وأكد: «إذا لم يتحركوا بمسؤولية فعليهم تحمل نتائج هذا الفشل ونتائج التنكر للتعهدات التي قطعوها ونحن نرفض أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام التعطيل الحاصل، ولقد بدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المسؤولين المعطلين والضالعين بالفساد إلى الأراضي الفرنسية، وهذه ليست سوى البداية وإذا استمر الأمر، فإن هذه الخطوات ستزداد حدة وستعمم وستكمل بأدوات ضغط يمتلكها الاتحاد الأوروبي».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.