المنفي يحذّر المنقوش بعد ارتكابها «مخالفة صريحة»

رئيس المجلس الرئاسي الليبي (أ.ب)
رئيس المجلس الرئاسي الليبي (أ.ب)
TT

المنفي يحذّر المنقوش بعد ارتكابها «مخالفة صريحة»

رئيس المجلس الرئاسي الليبي (أ.ب)
رئيس المجلس الرئاسي الليبي (أ.ب)

في مؤشر على تزايد الخلافات داخل حكومة «الوحدة الليبية، اعتبر محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، الذي زار مدينة سرت الاستراتيجية (وسط)، أن نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية»، ارتكبت ما وصفه بـ«مخالفة صريحة» بإعفاء ثلاثة سفراء ومندوبين، والإسراع في تعيين آخرين مكانهم.
وطالب المنفي المنقوش في رسالة تحذيرية سُرّبت إلى وسائل الإعلام بالامتناع مستقبلاً عن هذه الإجراءات، إلا وفقاً للقانون والاتفاق السياسي ومنتدى الحوار.
وقام المنفي في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس بجولة هي الأولى له وسط مدينة سرت، شملت عدداً من الشوارع الرئيسية التي تضم محال تجارية ومقاهي. وحظي المنفي لدى هبوطه بمطار القرضابية الدولي باستقبال لافت للانتباه، شاركت فيه قيادات من «الجيش الوطني»، الذي تسيطر قواته على المدينة، بالإضافة إلى عدد من أعضاء مجلس النواب والقيادات الأمنية والمحلية.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية مطالبة بعض المواطنين الذين التقاهم المنفي بالاهتمام بمدينة سرت؛ نظراً لما شهدته خلال السنوات الماضية من دمار وحروب، شملت العديد من أحيائها ومناطقها السكنية بها.
وعبّر المنفي عن أمله في أن تعالج حكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مشاكل المدن التي طالها الخراب والدمار بسبب الحروب، وخاصة ما يتعلق بالإعمار، مشيراً إلى إصدار الحكومة مؤخراً قرارات بإنشاء صناديق لإعمار المدن، التي تعرضت للدمار، ومن بينها مدينة سرت.
إلى ذلك، أعلن موسى الكوني، عضو المجلس الرئاسي، موافقة الجزائر على إعادة فتح معبري غات وغدامس الحدوديين مع ليبيا. وأشاد الكوني في تغريدة عبر «تويتر» باستجابة وزير الخارجية الجزائري صبري بوقدوم لدعوته بالتعجيل بفتح المعبرين، وقال إنها خطوة «ستسهم في حل أوضاع أهالي وسكان هذه المناطق الحدودية الصعبة»، موضحاً أن اجتماعاً قيد التحضير بين وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، ورجال الأعمال بشأن الافتتاح المبدئي للمعبرين أمام حركة نقل البضائع بين البلدين.
بدوره، تفقد الدبيبة رئيس الحكومة، مساء أول من أمس، بعض بلديات سهل الجفارة، وناقش وفقاً لبيان حكومي مع عمداء البلديات، وأهالي المنطقة الوضع في المنطقة، كما وعد بالنظر في احتياجاتهم وتوجيه الجهات المعنية بمعالجة التحديات الملحة.
وتلقى الدبيبة اتصالاً هاتفياً من السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، دعا فيه الحكومة الليبية إلى إجراء التغييرات اللازمة لضمان نجاح الانتخابات، والالتزام بالمواعيد النهائية.
في شأن آخر، نظم أعضاء الهيئات القضائية بنطاق محكمة استئناف طرابلس وقفة احتجاجية، أعلنوا خلالها مساء أول من أمس عن رفضهم «محاصصة القضاء»، فيما يتعلق بتوزيع المناصب السيادية القضائية.
وطالب الأعضاء مجلس النواب في بيان لهم بضرورة اعتماد نتائج الانتخابات، التي صدرت عن الجمعية العمومية للمحكمة العليا، والتي أسفرت عن انتخاب المستشار عبد الله بورزيزة رئيساً للمحكمة العليا، خلفاً للمستشار محمد الحافي.
كما أكدوا رفض كل الأصوات والجهات، التي تنادي ومحاصصة القضاء، باعتبار أنه لا يخضع للمحاصصة، وفقاً للقانون ومخرجات الحوار السياسي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.