الكونغرس بين «الشيخ جراح» وصواريخ «حماس»

ذكّر بعض الجمهوريين بالدور الإيراني في دعم الحركة

الكونغرس بين «الشيخ جراح» وصواريخ «حماس»
TT

الكونغرس بين «الشيخ جراح» وصواريخ «حماس»

الكونغرس بين «الشيخ جراح» وصواريخ «حماس»

تهافت أعضاء الكونغرس للتعليق على أحداث القدس، فتراوحت ردود أفعالهم بين الانتقاد الخجول لسياسة إسرائيل تجاه احتمال ترحيل عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح، إلى الدفاع الشرس عن «حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها». وفيما تحدث بعضهم بشغف، دفاعاً عن حقوق الفلسطينيين، إلا أن أغلبيتهم التفوا حول حليف الولايات المتحدة وتدافعوا لانتقاد حركة «حماس» وإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وأدان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، غريغوري ميكس، إطلاق الصواريخ، فقال في بيان: «إن اعتداءات (حماس) على إسرائيل هي إرهاب، بكل بساطة، ويجب أن تتوقف فوراً».
وفي سياق انتقاداتهم لـ«حماس»، ذكّر بعض الجمهوريين بالدور الإيراني في دعمها، فقال السيناتور الجمهوري تيد كروز: «يجب أن نتذكر أن (حماس) مدعومة من إيران التي تستمر في تقديم المساعدة للإرهابيين لمهاجمة حليفنا الديمقراطي». وتابع كروز في بيان صادر عن مكتبه: «إن الهجمات بالصواريخ أتت بعد أيام من التحريض على العنف والتصريحات المعادية للسامية، من القادة الفلسطينيين والنظام الإيراني، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي».
وهذا ما شدد عليه زميل كروز، الجمهوري ماركو روبيو، الذي غرّد قائلاً: «إذا واجهت أميركا أو أي بلد آخر صواريخ تنهمر على مدنها، فماذا سيكون جوابها؟ إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها ضد الاعتداءات العسكرية بالصواريخ التي تزودها إيران لـ(حماس)». وانتقد داعمو إسرائيل، من جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء، ما وصفوه بـ«تحفظ إدارة بايدن في دعم إسرائيل بشكل قاطع، والتشديد على حقها في الدفاع عن نفسها، على غرار ما فعلت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.
وقال كروز: «في مناسبات عدة قارن مسؤولون وسياسيون في واشنطن وفي إدارة بايدن ووزارة الخارجية، بين حليفنا إسرائيل والإرهابيين الفلسطينيين، وفي بعض الأحيان وجّهوا اللوم بشكل قاطع لإسرائيل من دون أي تبرير». وشدد المشرّعون في خضم إدانتهم لإطلاق الصواريخ على أهمية استمرار الدعم العسكري لإسرائيل، فقال النائب الديمقراطي براد شرمان: «إن الهجمات الأخيرة بالصواريخ تسلّط الضوء على أهمية البرامج الدفاعية في إسرائيل، كالقبة الحديدية. وسوف أستمر بدعم التمويل الأميركي المكثف لهذه البرامج الضرورية».
وفي ظل تصريحات داعمة من هذا النوع، خرجت أصوات جديدة منتقدة لإسرائيل، ولو أنها من الأصوات النادرة، فدعت النائبة الديمقراطية رشيدة طليب، زملاءها في الكونغرس، إلى وضع شروط على المساعدات التي يتم إرسالها إلى إسرائيل. وقالت طليب وهي من أصول فلسطينية: «أموال دافع الضرائب الأميركي تُستعمل لارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان. يجب أن يضع الكونغرس شروطاً على تقديم المساعدات لإسرائيل، ووقفها كلياً، في حال لم يتم احترام هذه الشروط». لكن على الأرجح لن ترى دعوات طليب، النور، فإسرائيل تتمتع بدعم كبير من الحزبين في الكونغرس، وتحتل المرتبة الأولى من حيث المساعدات الخارجية المقدمة من الولايات المتحدة إلى بلدان أجنبية. إذ تصل المساعدات إلى أكثر من 4 مليارات دولار سنوياً. وهذا الدعم لا يقتصر على الإدارات الجمهورية فحسب، إذ يتوافق الحزبان حولها، وقد توصلت الولايات المتحدة وإسرائيل في نهاية عهد الرئيس السابق باراك أوباما، في عام 2016، إلى اتفاق ثنائي يضمن لإسرائيل 38 مليار دولار من الولايات المتحدة على مدى 10 أعوام.
وفيما يحظى هذا الدعم الأميركي لإسرائيل بإجماع كبير في الولايات المتحدة، فإن قضية حي الشيخ جرّاح، أدت إلى صدور ردود أفعال لافتة للانتباه من بعض الديمقراطيين البارزين. فقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولان، إن «إخلاء العائلات الفلسطينية من منازلها هو انتهاك للقوانين الدولية»، ودعا إدارة بايدن إلى أن تكون حاسمة في هذه المسألة بقوله: «إذا كانت إدارة بايدن جدية في تقديمها لحقوق الإنسان على أجندة سياستها الخارجية، فيجب أن تصدر بياناً صارماً بهذا الشأن».
ووصفت الديمقراطية إليزابيث وارن، إجلاء العائلات الفلسطينية بـ«الأمر غير المقبول»، وغرّدت: «إن الإجلاء القسري لسكان الشيخ جراح الفلسطينيين، هو أمر مثير للاشمئزاز وغير مقبول. على الإدارة أن تكون واضحة مع الحكومة الإسرائيلية، وأن تقول لها إن هذه العمليات غير قانونية ويجب أن تتوقف فوراً».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.