هل يقتل «الطفل الواحد» الاقتصاد الصيني؟

شيخوخة المجتمع لا تخدم أهداف النمو

تلوح أزمة كبرى في أفق الاقتصاد الصيني بسبب ارتفاع معدل الأعمار وشيخوخة المجتمع (أ.ف.ب)
تلوح أزمة كبرى في أفق الاقتصاد الصيني بسبب ارتفاع معدل الأعمار وشيخوخة المجتمع (أ.ف.ب)
TT

هل يقتل «الطفل الواحد» الاقتصاد الصيني؟

تلوح أزمة كبرى في أفق الاقتصاد الصيني بسبب ارتفاع معدل الأعمار وشيخوخة المجتمع (أ.ف.ب)
تلوح أزمة كبرى في أفق الاقتصاد الصيني بسبب ارتفاع معدل الأعمار وشيخوخة المجتمع (أ.ف.ب)

سجل النمو السكاني في الصين أبطأ معدل له منذ عقود، ليصل إلى 1.411 مليار نسمة؛ على ما أظهرت نتائج التعداد السكاني الثلاثاء، مما سلط الضوء على أزمة تلوح في الأفق بسبب ارتفاع معدل الأعمار وشيخوخة المجتمع.
وازداد عدد سكان الصين بمقدار 72 مليون نسمة، لكن النمو السكاني البالغ 5.4 في المائة خلال العقد الماضي كان الأبطأ منذ ستينات القرن الماضي، ويتزامن مع انخفاض حاد في أعداد المواطنين في سن العمل.
ولا تزال الصين أكبر دولة في العالم عدديّاً، لكن تقترب منها جارتها الهند مع نحو 1.38 مليون نسمة ومن المتوقع أن يتجاوز سكانها الأكثر شباباً الصين في المستقبل القريب.
وبعد 40 عاماً من سياسة «الطفل الواحد» المثيرة للجدل، سمحت بكين في 2016 للعائلات بإنجاب طفلين مع تنامي المخاوف من تراجع حجم قوة العمل. وأجبرت الصين في أواخر السبعينات الأزواج على إنجاب طفل واحد فقط في مسعى للحد من الزيادة السكانية. لكن تخفيف القواعد لم يؤد للزيادة المتوقعة للمساعدة في تجاوز التراجع الديموغرافي في بلد يشيخ سريعاً.
وأفاد وانغ فنغ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا في إيرفين، بأن «التعداد لم يؤكد فقط شيخوخة السكان السريعة، لكنه أكد أيضاً انخفاض الخصوبة المستمر». وتابع: «بهذا المعدل المنخفض، لن يكون بوسع السكان تحقيق الاستدامة».
وسيكون لهذه التغييرات الاجتماعية عواقب اقتصادية وسياسية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم؛ إذ تراجع عدد السكان بين عمر 15 و59 عاماً نحو 7 نقاط، فيما ارتفعت أعداد أولئك الذين تجاوزوا 60 عاماً بأكثر من 5 نقاط. وسيشكل ارتفاع أعداد كبار السن تحدياً لبكين لإنفاق مزيد من الأموال على الرعاية الصحية والرواتب التقاعدية، على ما أوضح وانغ.
ويعود تراجع معدل الولادات إلى عوامل عدة؛ منها تراجع عدد الزيجات، وتكلفة السكن والتربية، وتأخر النساء في الإنجاب لإعطائهنّ الأفضلية لمسارهنّ المهني. وأوضح نينغ جيزه؛ مدير «المكتب الوطني للإحصاءات»، أن سياسة الخصوبة في الصين حققت «نتائج إيجابية»، لكنه أقر بأن شيخوخة السكان «تفرض ضغوطاً مستمرة» على مشروعات التنمية.
كما اختل التوازن بين الجنسين في الصين بسبب سياسة الطفل الواحد والتفضيل الاجتماعي لإنجاب الذكور منذ قرون؛ الأمر الذي حفز عمليات الإجهاض الانتقائي للجنس على مدى جيل وإهمال الفتيات الصغيرات. وأظهر أحدث بيانات التعداد أن عدد الرجال في البلاد لا يزال يزيد بمقدار 34.9 مليون على النساء؛ أي ما يزيد قليلاً على 51.24 في المائة من السكان.
وعلى المدى القريب، قال نينغ إن وباء «كوفيد19» أدى أيضاً إلى ثني الأزواج عن إنجاب الأطفال. وأضاف أن «(كوفيد19) زاد من حالة عدم اليقين في الحياة اليومية وزاد المخاوف بشأن الولادة في المستشفى». وأبلغ الصحافيين بأنه كان هناك نحو 12 مليون مولود في عام 2020، وهو العدد الأكثر انخفاضاً منذ عام 1961. وأظهرت بيانات التعداد أن متوسط حجم الأسرة الآن هو 2.62 شخص، بانخفاض عن متوسط 3.10 شخص قبل 10 سنوات.
وفي إشارة صارخة إلى تغير المجتمع، نما عدد سكان المدن بنحو 236.4 مليون نسمة.
ويعيش أكثر من 63 في المائة من الصينيين الآن في المدن. لكن نحو 500 مليون شخص يعملون في أماكن تختلف عن مناطق سكنهم المسجلة رسمياً والتي تسمى بالصينية «هوكو»، وهو ما يعقد عملية إرسال الأبناء للمدارس والحصول على الخدمات الصحية.
وقالت يون جيانغ، محررة «تشاينا نيكان» في «المركز الأسترالي حول الصين في العالم»، إن بكين «انتقلت بالفعل إلى اتجاه أكثر تأييداً للولادات» لأنها تحتاج إلى عدد كبير من السكان للحفاظ على نفوذها الدولي.
وتابعت أن الصين تحاول إزالة الحواجز التي تحول دون إنجاب الأطفال وتعزيز المواقف الاجتماعية المحافظة «مثل التشهير بالعازبات، وزيادة العبء على النساء العاملات». وتجري الصين تعداداً سكانياً كل عقد لتحديد النمو السكاني وأنماط حركة السكان والاتجاهات الأخرى، ولهذه المعلومات السياسية الحساسة دور رئيسي في مخططات الحكومة.
وانتهى التعداد السكاني العشري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمساعدة 7 ملايين متطوع انتقلوا من منزل إلى منزل في مجمل أنحاء البلاد، لكن معظم البيانات جُمعت إلكترونياً لأول مرة.
وتكهن الأكاديمي الأميركي، يي فوكسيان، كبير العلماء في جامعة «ويسكونسن ماديسون»، بأن عدد سكان الصين كان مبالغاً فيه بالفعل، مشيراً إلى أنه بدأ في الانخفاض في عام 2018. وقال إن بيانات التعداد السكاني لعام 2020 مصممة لتجنب «زلزال سياسي» لكنها ستؤدي إلى سياسات «تستند إلى بيانات سكانية خاطئة».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يستقبل نظيره الفرنسي جان نويل بارو في الرياض (واس)

فيصل بن فرحان يناقش التطورات اللبنانية مع نظيريه الفرنسي والأميركي

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، التطورات على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال لقائه في مكتبه بالرياض السفير الفرنسي لودوفيك بوي (وزارة الدفاع السعودية)

وزير الدفاع السعودي والسفير الفرنسي يناقشان الموضوعات المشتركة

ناقش الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي مع لودوفيك بوي سفير فرنسا لدى المملكة، الاثنين، عدداً من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.