«الوقت» يلاحق جهوداً أميركية ـ أفريقية لحل نزاع «سد النهضة»

«سد النهضة» كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
«سد النهضة» كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

«الوقت» يلاحق جهوداً أميركية ـ أفريقية لحل نزاع «سد النهضة»

«سد النهضة» كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
«سد النهضة» كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

يلاحق عامل الوقت محاولات أميركية وأفريقية مزدوجة، لحل نزاع «سد النهضة» الإثيوبي، في ظل إصرار أديس أبابا على تنفيذ عملية الملء الثاني لخزان السد في يوليو (تموز) المقبل، بصرف النظر عن التوصل إلى اتفاق شامل ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، ورفض مصر والسودان أي حلول جزئية، تساعد إثيوبيا في تمرير عملية الملء و«فرض الأمر الواقع»، وفق مراقبين.
واختتم المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، أمس، جولة ثلاثية، بدأت في الرابع من مايو (أيار) الجاري بزيارة القاهرة ثم الخرطوم، وانتهت بأديس أبابا، حيث التقى وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي، بحضور الفريق المفاوض الإثيوبي في ملف سد النهضة.
ووفق بيان للوزير الإثيوبي أمس، أطلع بيكيلي المبعوث الخاص على عملية بناء السد والمفاوضات الثلاثية، موضحاً أن «مشروع سد النهضة هو مصدر لروح التعاون، ومفيد لتحقيق التكامل الإقليمي».
ونقل عن المبعوث الأميركي جيفري فيلمان، قوله إنه «تم تكليفه في هذه المهمة حديثاً، وإن الملف سيكون محل اهتمامه». ومن المتوقع أن يجري المبعوث الأميركي الخاص محادثات مع مسؤولي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في أديس أبابا. وتنظر القاهرة للسد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل بصفته «تهديداً وجودياً» لها، بسبب تأثيره السلبي المتوقع على حصتها المائية المحدودة، فيما تخشى الخرطوم أن يؤثر السد الإثيوبي في عمل سدودها، ويُصران على إبرام اتفاق ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد. وتأتي جولة المبعوث الأميركي متزامنة مع مساعي الاتحاد الأفريقي الذي يرعى مفاوضات متعثرة بين الدول الثلاث منذ يوليو (تموز) العام الماضي، إلى تخفيف حدة التوتر، حيث أجرى رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي، الذي يترأس الاتحاد الأفريقي، جولة مماثلة في محاولة لاستئناف المفاوضات. وطرح تشيسيكيدي مبادرة جديدة لجمع الأطراف والوصول إلى حل قبل التخزين الثاني لسد النهضة. وأعلنت أديس أبابا في 2020 إكمال المرحلة الأولى من عملية ملء السد محققة هدفها المحدد بـ4.9 مليار متر مكعب، ما سمح باختبار أول توربينتين من السد. وحددت لهذه السنة هدف ملء 13.5 مليار متر مكعب إضافية. ويتوقع أن يصبح سدّ النهضة أكبر مصدر لتوليد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا بقدرة متوقعة تصل إلى 6500 ميغاواط.
وتقول إثيوبيا إن الطاقة الكهرومائية التي ينتجها السد ضرورية لتلبية احتياجات سكانها البالغ عددهم 110 ملايين نسمة من الكهرباء.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية إن بناء وملء سد النهضة سيسري وفق المخطط له، مضيفاً: «مصممون على استغلال موارد النيل بشكل عادل دون إضرار كبير بدولتي المصب».
وخلال الأسابيع الماضية، أعادت إثيوبيا طرح مقترح قديم، بتوقيع اتفاق إجراء حول الملء الثاني فقط، كما عرضت تبادل بيانات الملء الثاني. لكن مصر أبدت تمسكها بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، وأبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الكونغولي، أن مصر «لن تقبل بالمساس بأمنها المائي، وبالتالي ضرورة التوصل إلى الاتفاق القانوني الملزم المنشود الذي يحافظ على حقوق مصر المائية، ويجنب المنطقة مزيداً من التوتر وعدم الاستقرار». ويرى الدكتور هاني رسلان، الخبير في الشأن الأفريقي أن المقترح الأميركي باتفاق جزئي للملء الثاني فقط يهدف إلى «الفصل بين موقفي السودان ومصر، والالتفاف على الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس السيسي، وصولاً إلى تمكين إثيوبيا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».