محاكمات «داعش» في العراق قد تنطلق العام المقبل

فريق «يونيتاد» لدى قيامه بزيارة ميدانية رفقة رئيسه كريم في مدينة الموصل عام 2019 (الأمم المتحدة)
فريق «يونيتاد» لدى قيامه بزيارة ميدانية رفقة رئيسه كريم في مدينة الموصل عام 2019 (الأمم المتحدة)
TT

محاكمات «داعش» في العراق قد تنطلق العام المقبل

فريق «يونيتاد» لدى قيامه بزيارة ميدانية رفقة رئيسه كريم في مدينة الموصل عام 2019 (الأمم المتحدة)
فريق «يونيتاد» لدى قيامه بزيارة ميدانية رفقة رئيسه كريم في مدينة الموصل عام 2019 (الأمم المتحدة)

حمل فريق التحقيق بجرائم «داعش» الأممي ثلاثة مستجدات لافتة في إحاطته لمجلس الأمن أمس. الأولى أنه وصف جرائم «داعش» بحق الإيزيديين بأنها جريمة إبادة جماعية، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها ذلك الوصف القانوني من قبل فريق التحقيق الأممي. كما أنه وصف ما ارتكبه التنظيم الإرهابي من إعدامات جماعية في قاعدة تكريت الجوية، المعروفة باسم قاعدة سبايكر، بأنها جريمة ضد الإنسانية. وأشار إلى ارتكاب «داعش» تحريضاً على «الإبادة» ضد المسلمين الشيعة. كما أشارت الأدلة إلى استخدام «داعش» للسلاح الكيماوي والبيولوجي.
ولم يتوقف الفريق عند ذلك، لكنه أكد أيضاً أن هناك إمكانية لبدء محاكمات لعناصر «داعش» على هذه الجرائم العام المقبل «إذا ما تمت الخطوات التشريعية اللازمة داخل العراق».
وقال كريم خان، رئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب «داعش» (يونيتاد)، لـ«الشرق الأوسط»: «إن ولاية فريق التحقيق طبقاً للقرار (2379) تتعامل مع الجرائم التي ارتكبها (داعش)، وذلك لأن من حق الضحايا والناجين، وأيضاً من حق العالم، معرفة الحقيقة وتحري العدالة. ويجب أن نتجاوز منطوق القرارات، ونذهب إلى ما وراء تلك القرارات. فالهدف هو محاسبة الأفراد الذين ارتكبوا تلك الجرائم من خلال محاكمات عادلة، حتى يتم إنشاء سجل. وأيضاً مع زيادة الطائفية التي نراها في العالم، من المهم أيضاً رفض العقاب الجماعي لطائفة ما بسبب تلك الجرائم».
وأضاف: «لهذا السبب أقول دائماً إن درس نورمبرج مهم جداً، لأن محاكمات نورمبرج ساعدت في تجنب إنزال العقاب الجماعي بالشعب الألماني بأكمله. وبدلاً من ذلك، تم تحديد أولئك النازيين المسؤولين عن غرف الغاز والمحرقة، ولكن ليس الشعب الألماني بأكمله من فعل ذلك»، مستطرداً: «أعتقد أنه من المهم أن نفصل (داعش) في العراق ودولياً عن المجتمع السني، فـ(داعش) هؤلاء مجرمون لا يمثلون الراية التي يرفعونها، لهذا السبب عد مجلس الأمن أن إجراء تحقيقات عادلة محايدة مستقلة أمر ضروري».
ويعتقد رئيس «يونيتاد» قرار مجلس الأمن «مهماً للغاية»، معللاً: «كان من المهم للغاية أن يتحد أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر بصوت واحد، روسيا والصين والولايات المتحدة وألمانيا (كانت في المجلس آنذاك) والمملكة المتحدة وفرنسا (...) تحدث الأعضاء الدائمون وغير الدائمين بصوت واحد، وقالوا إننا نطالب باسم الإنسانية، وباسم الحضارة، بإجراء تحقيقات مستقلة، وتحقيق العدالة، وهذا أمر مهم للمصالحة داخل العراق أيضاً، ومسؤوليتنا المشتركة، ويجب أن تكون هناك محاكمات عادلة على المستوى المحلي، وهو عبء يقع على عاتقنا جميعاً.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.