توافق إماراتي ـ سوداني على تغليب الحوار والدبلوماسية

ناقش ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال لقاء جمعهما في أبوظبي مساء أول من أمس، عدداً من القضايا والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، خصوصاً المستجدات في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.
وأكد الطرفان في هذا الصدد «توافق الرؤى حول أهمية تغليب صوت الحكمة والحوار وإيجاد الحلول الدبلوماسية لمختلف القضايا والتحديات التي تواجهها المنطقة، وذلك بما يسهم في نزع فتيل التوترات والأزمات ويرسخ لقاعدة وأسس قوية للمضي قدماً على طريق التنمية والتقدم والازدهار لشعوبها»، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
وبحث اللقاء «علاقات البلدين وسبل تنمية أوجه التعاون والعمل المشترك وتعزيزه في جميع المجالات». وأكد الشيخ محمد بن زايد «حرص دولة الإمارات على دعم جهود السودان في تعزيز السلام والاستقرار والتنمية، خصوصاً خلال هذه المرحلة المفصلية من تاريخه، انطلاقاً من إيمانها بأن استقرار السودان وأمنه وسلامته يمثل ركيزة مهمة في أمن المنطقة».
من جانبه، أكد البرهان أن «السودان حريص على تعزيز مختلف جوانب التعاون والعمل المشترك مع دولة الإمارات في ضوء العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع البلدين وشعبيهما»، معرباً عن تثمينه «مواقف الإمارات تجاه الحفاظ على استقرار السودان وأمنه في ظل المنعطف التاريخي الذي يمر به والتحديات التي يواجهها».
وأشاد بـ«مبادرات الإمارات الإنسانية العاجلة والإمدادات الطبية التي تواصل تقديمها إلى الشعب السوداني لدعم جهود مؤسسات السودان في مواجهة تداعيات جائحة كورونا».
حضر الاجتماع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة الإماراتي الشيخ منصور بن زايد والشيخ حمدان بن محمد بن زايد، ومن الجانب السوداني وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف والوفد المرافق للبرهان.
وفي الخرطوم، أحجم مسؤولون سودانيون عن الكشف عن محتوى رد الحكومة على المبادرة الإمارتية التي تدعو إلى تجاوز الخلافات والتوتر في المناطق الحدودية بين السودان وإثيوبيا، من خلال شراكة اقتصادية ثلاثية، وأكدوا تمسك بلدهم باتفاقية 1972 التي حسمت مسألة ترسيم الحدود مع أديس أبابا.
وقال وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني، في تصريحات صحافية عقب عودة الوفد أمس، إن «اللقاءات مع الجانب الإماراتي تناولت تطورات الحدود الشرقية بين السودان وإثيوبيا، بالإضافة إلى (سد النهضة)» الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، وتخشى السودان ومصر تأثيره على أمنهما المائي.
وأكد أن «السودان نقل إلى الإمارات موقفه الواضح في الاتفاق الذي حسم مسألة تخطيط الحدود بين السودان وإثيوبيا منذ عام 1972»، حين اعترفت إثيوبيا باتفاقية 1902 بسيادة السودان على منطقتي الفشقة وأم بريقة، مع التزام البلدين بالإسراع في ترسيم الحدود على الأرض بشكل نهائي.
وأضاف الوزير: «فيما يخص (سد النهضة)، نقلنا موقف السودان الثابت بحل الملف بالتفاوض، وأهمية الوصول إلى اتفاق ملزم فيما يخص ملء (سد النهضة) وتشغيله، بما يعود بالنفع على مصلحة الدول الثلاث: السودان ومصر وإثيوبيا».
وكانت مصادر قد أبلغت «الشرق الأوسط» أن الجانب السوداني يحمل خلال زيارته للإمارات رداً مكتوباً، يمثل موقف السلطة الانتقالية من المبادرة الإماراتية، به بعض التحفظات.
ووصف الوزير السوداني الزيارة بأنها «كانت مثمرة ناجحة في الجانب الذي يخص العلاقات الثنائية»، وقال إن الجانبين ناقشا تعثر التحويلات البنكية بين السودان والإمارات، مشيراً إلى أنه «تلقينا وعداً من الجانب الإماراتي بتذليل العقبات، وتنظيم زيارة لمحافظ البنك المركزي بالسودان، عقب عيد الفطر المبارك، للعمل على إزالة تلك العقبات».
وقال إن الجانبين ناقشا ملف استيراد السودان للمشتقات النفطية، موضحاً: «توصلنا إلى اتفاقات سيتم تحويلها لوزارة الطاقة والتعدين في البلاد لبحثها مع الجانب الإماراتي». ونوه بأن الطرفين «تطرقا إلى القضايا الإقليمية التي تهم البلدين من أجل مصلحة الشعبين الصديقين».
وخضعت المبادرة الإمارتية قبل الرد عليها إلى دراسة في كل مستويات السلطة الانتقالية في السودان، وفي مجلس الأمن والدفاع. وأبرز ما رشح عن المبادرة ما كشفه البرهان عن شراكة ثلاثية مقترحة في الأراضي السودانية الواقعة على الحدود مع إثيوبيا.
ووافقت الحكومة السودانية، في مارس (آذار) الماضي، على مبادرة تقدمت بها الإمارات للتوسط بين الخرطوم وأديس أبابا بشأن النزاع الحدودي بينهما. ويشدد السودان على أن الحدود مع إثيوبيا ليست محل نزاع، ويدعوها إلى إكمال وضع العلامات الحدودية على كامل الحدود. وفشلت مفاوضات ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في التوصل إلى اتفاق بشأن الملف.