تأجيل حكم «الشيخ جراح» لاحتواء التوتر في الأراضي الفلسطينية

واشنطن تحث إسرائيل على ضبط النفس وتطلب توضيحات

سميرة دجاني من سكان حي الشيخ جراح تعرض صورة والدها وإخوتها في المنزل نفسه عام 1956 (أ.ب)
سميرة دجاني من سكان حي الشيخ جراح تعرض صورة والدها وإخوتها في المنزل نفسه عام 1956 (أ.ب)
TT

تأجيل حكم «الشيخ جراح» لاحتواء التوتر في الأراضي الفلسطينية

سميرة دجاني من سكان حي الشيخ جراح تعرض صورة والدها وإخوتها في المنزل نفسه عام 1956 (أ.ب)
سميرة دجاني من سكان حي الشيخ جراح تعرض صورة والدها وإخوتها في المنزل نفسه عام 1956 (أ.ب)

ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية، جلسة اليوم الاثنين، بشأن عمليات الإخلاء من حي الشيخ جراح وقالت إن موعدا جديدا سيحدد خلال 30 يوما. يأتي ذلك بعد ارتفاع التوتر مجددا في الأراضي الفلسطينية، وتجدد الاشتباكات في المسجد الأقصى وتبادل القصف في قطاع غزة، في الوقت الذي تسعى فيه دول إقليمية وأطراف دولية لتهدئة الموقف خشية تحوله إلى مواجهة مفتوحة.
واشتبك مصلون في المسجد الأقصى، الأحد، مع قوات الشرطة الإسرائيلية، التي استفزتهم واستخدمت القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، تجاه مسيرة انطلقت من المسجد سرعان ما تحولت إلى مواجهات في الداخل والخارج. وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، إن طواقمه تعاملت مع 10 إصابات في المسجد الأقصى، بينها إصابة واحدة نقلت إلى المستشفى «عيار مطاطي بالفم مما أدى إلى جرح في الخد». وبين الإصابات 5 بالرأس، و4 بالأطراف، عولجت ميدانيا. جاء ذلك بعد ساعات من مواجهات أوسع في محيط باب العامود وباب الساهرة وحي الشيخ جراح وباب الأسباط، خلفت أكثر 90 إصابة.
وتعيش القدس حالة من التصعيد منذ بداية رمضان، بسبب استهداف مستوطنين للأقصى، ومحاولة السلطات إخلاء منازل في الشيح جراح في المدينة لصالح المستوطنين، سرعان من انتقلت شرارته إلى الضفة وقطاع غزة. وحيا الرئيس الفلسطيني محمود عباس المدافعين عن القدس وهاجم إسرائيل، كما هدد قائد القسام بتدخل مباشر قبل أن ينفذ مسلحون عمليات في الضفة ويطلق آخرون صواريخ من غزة.
وأمام هذا الغضب المتصاعد، أوصى المستوى الأمني في إسرائيل بتهدئة الموقف في القدس، خشية أن يشعل ذلك مواجهة على جبهتين في الضفة وقطاع غزة. وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية، أمس إن المستوى العسكري والأمني حذر المستوى السياسي في إسرائيل من السماح للمستوطنين بإجراء مسيرة الأعلام السنوية، التي ستقام في ذكرى «توحيد» (احتلال الشق الشرقي) مدينة القدس، اليوم الاثنين أو السماح لهم بدخول المسجد الأقصى، لأن ذلك سوف يؤدي إلى غليان في المدينة المتوترة ونقل ذلك إلى الضفة والقدس.
وإضافة إلى ذلك، يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير العدل، بيني غانتس، إلى تأجيل جلسة المحكمة العليا، اليوم الاثنين، حول قضية طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح، وأعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، أنه يعتزم الطلب من المحكمة العليا تأجيل جلستها.
جاء هذا التوجه في أعقاب المداولات الأمنية التي طالبت مندلبليت بالعمل على محاولة تهدئة الوضع في القدس. وثمة خشية من تدحرج الأمور بشكل خاص إلى جولة مواجهة في غزة بعد تهديدات كتائب القسام التابعة لحماس، بتدفيع إسرائيل ثمنا غاليا إذا استمرت في إجراءاتها في القدس. وقصف الطيران الحربي الإسرائيلي، أمس، موقعين في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ردا على صاروخ أطلق من القطاع تجاه مستوطنات الغلاف. وسقط الصاروخ في أحد الكيبوتسات المجاورة لحدود وسط القطاع.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، إن الصاروخ سقط في منطقة مفتوحة، دون إصابات أو أضرار، مشيرًا إلى أنه تم تفعيل صفارات الإنذار في التطبيق الإلكتروني فقط. جاء ذلك بعد وقت قصير من تغريدة للناطق العسكري باسم «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، قال فيها: «نحيي صمود أهلنا المرابطين في القدس والأقصى، ونقول لهم بأن قائد أركان القسام محمد الضيف وعدكم ولن يخلف وعده». وكان الضيف، قد صرح يوم الثلاثاء، أنه «إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي».
واستأنفت غزة إرسال البالونات الحارقة وكذلك المظاهرات عند السياج الحدودي. واستعدادا لتصعيد محتمل أرسل الجيش الإسرائيلي 4 كتائب إلى الضفة الغربية وقرب القطاع ووضع قوات أخرى في حالة تأهب ونصب منظومات للقبة الحديدية. كما صدرت تعليمات إلى القوات العاملة بالامتناع قدر المستطاع عن الاحتكاك مع الفلسطينيين.
ويذهب التوجه في إسرائيل لتهدئة الموقف، ليس فقط بسبب الخشية من تصعيد أوسع في القدس والضفة والقطاع، لكن أيضا بسبب المواقف الدولية والعربية الرافضة للإجراءات الإسرائيلية في القدس.
في هذه الأثناء، حثت الإدارة الأميركية، إسرائيل، على احتواء الأزمة في شرقي القدس وعدم القيام بأي خطوة قد تؤدي إلى تأجيج المخاطر. كما طلبت توضيحات حول مسألة البيوت المنوي إجلاء سكانها منها في حي الشيخ جراح. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن ذلك جاء خلال محادثات أجراها مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية نهاية الأسبوع الفائت مع موظفين إسرائيليين كبار.
وكانت السلطة قد طلبت تدخلا عربيا ودوليا للجم إسرائيل في القدس.
وأعلن مساعد وزير الخارجية للأمم المتحدة والمنظمات الدولية عمر عوض الله، أنه سيتم تعديل الاجتماع الذي ستعقده جامعة الدول العربية اليوم الاثنين، ليكون على المستوى الوزاري، وبشكل افتراضي؛ وذلك نظرا لأهمية هذا الاجتماع الذي سيبحث اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة.
وأشار عوض الله إلى أن مجلس الأمن الدولي سيعقد، الاثنين، جلسة بشكل عاجل وطارئ، وذلك بعد مشاورات أجرتها بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة.
من جهته، قال مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة إبراهيم خريشة، إن هناك اتصالات ومشاورات مع سفراء من الاتحاد الأوروبي والمنظمات العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز، لبحث إمكانية عقد اجتماع أو جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان، بشأن اعتداءات الاحتلال في القدس المحتلة.
وتتحرك فلسطين بالتنسيق مع المملكة الأردنية. وعمم وزير الخارجية والمغتربين، رياض المالكي، على سفراء دولة فلسطين بضرورة التحرك الفوري المشترك مع سفراء المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة تجاه وزارات الخارجية ومراكز صنع القرار والرأي العام والبرلمانات في الدول المضيفة، لشرح تطورات الأوضاع في القدس المحتلة، وما تتعرض له من عدوان إسرائيلي متواصل.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).