غياب سيزار نمور مؤسس متحف «مقام» وحافظ الذاكرة التشكيلية في لبنان

متحف «مقام» من الداخل - الراحل سيزار نمور
متحف «مقام» من الداخل - الراحل سيزار نمور
TT

غياب سيزار نمور مؤسس متحف «مقام» وحافظ الذاكرة التشكيلية في لبنان

متحف «مقام» من الداخل - الراحل سيزار نمور
متحف «مقام» من الداخل - الراحل سيزار نمور

حزينة قرية «عليتا»، وحزين متحف «مقام» للنحت التشكيلي اللبناني، الذي فقد مؤسسه وراعيه وعاشقه، سيزار نمور. هذا الرجل الذي وهب حياته كلها للفن، غادرنا يوم الجمعة بعد صراع مع المرض، تاركاً وراءه إرثاً فناً، كان يحتاج دعماً كبيراً ليجمع، وإرادة فولاذية لصيانته، والاعتناء به، ومع ذلك اضطلع نمور بالمهمة بفرح وإقبال شديدين. هو ناقد، ومؤرخ للفن، بل لعله من أهم من أرخّ للحركة التشكيلية في لبنان، وخاصة حركة النحت التي عاصرها وعايش وزامل روادها، وكتب عنهم، وربط بين أعمالهم، ثم كان له ذاك الجهد الجبار ليجمع ما وصل إليه من أعمالهم في مكان واحد، أصبح قبلة لمحبي اكتشاف هذا الفن، والتعرف على رموزه وخيرة أعمالهم.
ترك نمور مشروعاً عمل عليه أكثر من نصف قرن. خلّف ما يقارب 25 كتاباً عن الفن التشكيلي اللبناني. تعددت أنشطته، لكنها كانت تصب جميعها في موضع واحد: الفن التشكيلي. افتتح «غاليري كونتانت» عام 1972 مع شركاء آخرين، ثم «غاليري لو سيميز»، وأكثر من جمعية. أسس عدة أنشطة ومؤسسات مهتمة بالفن. من هذه المشاريع دار نشر ومكتبة عامة. وبنتيجة ثقة كبيرة بناها مع الفنانين، بدأوا بإرسال أشغالهم إلى نمور إما للعرض أو للترميم، فتطورت علاقتهم به، وكبرت مجموعة الأعمال الفنية لديه، وسرعان ما اضطر إلى البحث عن مكان عرض يتسع لكل هذه الكنوز.
هو شغف لم يتوقف، وولع لم يخفت وهجه رغم تقدمه في السن. بل على العكس كان يزداد تعلقاً بالحلم الذي عاشه منذ عشريناته حتى تمكن عام 2013 من أن يشكل متحفه ويحقق تلك الفكرة المجنونة التي لا تصدق. فقد نجح في تحويل مصنعين توقفا عن العمل في قمة جبل فوق بلدة قرطبا، إلى متحف. منطقة تظن بغاباتها وخضرتها أنها منقطعة عن العالم، لكن نمور جلب إليها السيّاح والطلاب وعشاق الفن والبحاثة، من كل مكان في العالم. مصنعان أحدهما كان لأكياس الإسمنت وآخر للسبورات الصغيرة وأقلام التلوين الشمعية. تمكن من تغيير وظيفة المصنعين المهجورين بمساحة شاسعة تصل إلى 10 آلاف متر مربع إلى متحف أطلق عليه اسم «مقام»، والأظرف من ذلك أنه عرض مجموعاته النحتية في هذه المساحة الشاسعة وسكن قربها مع زوجته وشريكته في المشروع الألمانية غابرييلا شوب، وسط الأشجار في منزل خشبي صغير وأنيق كان يقول إنه «كهف». وشوب لم تكن تقل عن نمور اندفاعاً وحماسة وسعادة بهذه الحياة إلى جانب الأعمال الفنية، حيث الطبيعة هي منزلهما الحقيقي، ومجموعتهما محور اهتمامهما اليومي. متحف مقام الكبير بسقفه الشاهق الذي يصل إلى 7 أمتار، يعطيك إحساساً بالرحابة والرهبة، وقد قسم إلى صالات وأجنحة. وما إن تخرج من قسم حتى تدخل في آخر، لتجد نفسك بين التجهيزات التي جمع منها الجميل والطريف وشديد الحداثة. جمع نمور ما لم تستطع أن تفعل مثله وزارة الثقافة، 400 قطعة نحتية، لـ70 فناناً من كبار الفنانين اللبنانيين. في «مقام» تعرض مجموعات لكل من الأخوة بصبوص الذين عرفهم عن كثب، ورودي رحمة، وحسين ماضي، ورافي توكاتليان، ورافي ياداليان، وعارف الريس، وسلوى روضة شقير، ورؤوف رفاعي، وبولس ريشا، وغيرهم. في المتحف أيضاً مكتبة تحوي مخطوطات وكتب ومجلدات، ومحفوظات تكنز تفاصيل عن الحياة التشكيلية اللبنانية. كل ما وصلت إليه يد هذا المؤرشف الدقيق الرقيق، صار جزءاً من المتحف المبهر، المنظم والمقسم، حيث لكل فنان زاويته وجناحه، الذي يمكنك من خلاله قراءة تدرج مساره وأن تفهم تطور أعماله.
منحوتات من الخشب والمعدن والبرونز والحديد وقطع سيراميك. هي مجموعة دائمة، إضافة إلى المعارض الموسمية التي تنظم باستمرار، تبعاً لعناوين، غالباً ما تماشي حاجات الناس، وانشغالاتهم الفكرية. جزءاً من عمل مقام هو التنوير الفني، والتوعية والاهتمام بتلامذة المدارس، ومساعدة طلاب كليات الفنون ومساندتهم، وما لم يتخل عنه نمور يوماً هو أن يبقى مشروعه مستمراً إلى ما بعد حياته، وهذا هو الرهان اليوم الذي يقع على عاتق عائلته.



شكري سرحان يعود للأضواء بعد «انتقاد موهبته»

الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)
الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)
TT

شكري سرحان يعود للأضواء بعد «انتقاد موهبته»

الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)
الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)

عاد الفنان المصري شكري سرحان الملقب بـ«ابن النيل» إلى الأضواء مجدداً بعد مرور 27 عاماً على رحيله، وذلك عقب «انتقاد موهبته»، والإشارة إلى أن نجوميته كانت أكبر من موهبته، وفق ما قاله الفنان الشاب عمر متولي، نجل شقيقة الفنان المصري عادل إمام، في إحدى حلقات برنامجه «السوشياليليك لوك2» عبر موقع «يوتيوب»، استضاف خلالها الفنان أحمد فتحي، الأمر الذي أثار استياء أسرة الفنان الراحل، ودعاهم للرد على متولي.

الناقد والمؤرخ الفني المصري محمد شوقي تحدث عن موهبة شكري سرحان الفنية، مؤكداً أنه «أحد أهم نجوم الشاشة العربية وفنان تميز كثيراً عن نجوم جيله، فقد قدم أدواراً مختلفة ومنتقاة، وشارك في أهم أفلام المخرجين يوسف شاهين وكمال الشيخ وصلاح أبو سيف وبركات وحسن الإمام وعز الدين ذو الفقار، وجميعهم أشادوا بموهبته».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «سرحان ابتعد عن النمطية ولم يَعْتَد السير على وتيرة واحدة، بل قدم الأعمال الدينية والوطنية والتاريخية والاجتماعية والرومانسية، وحتى الكوميدية قدمها في بدايته مع إسماعيل ياسين ونعيمة عاكف».

شكري سرحان وسعاد حسني (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)

بدأ شكري سرحان مشواره الفني في أربعينات القرن الماضي، وتجاوزت أفلامه 100 فيلم، منها أكثر من 90 فيلماً تصدر بطولتها، لكنّ مشاركته الفنية الأبرز كانت عبر بطولته فيلم «ابن النيل» في بدايته، وبعد ذلك قدم أفلاماً كثيرة من بينها «الستات ميعرفوش يكدبوا» و«أهل الهوى» و«شباب امرأة» و«رد قلبي» و«قنديل أم هاشم» و«السفيرة عزيزة» و«اللص والكلاب» و«البوسطجي» و«عودة الابن الضال» بالإضافة إلى عدد كبير من المسلسلات الإذاعية والسهرات التلفزيونية والمسرحيات.

ولفت شوقي إلى أن «شكري سرحان شارك مع أجيال نسائية عدة في مشواره الفني، وحتى مع تقدمه في العمر ظهر في أدوار محدودة لكنها مؤثرة، فقد كانت موهبته لا حدود لها، فهو النجم الوحيد الأكثر عطاءً في تاريخ السينما، والحاصل على لقب (نجم القرن العشرين) عام 1996 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي».

ونشرت أسرة الفنان الراحل بياناً عبر صفحة الإعلامي محسن سرحان، المتحدث باسم الأسرة، للرد على متولي، أكد خلاله أن «شكري سرحان كان فناناً أكاديمياً وقف في بدايته أمام عمالقة المسرح المصري، من بينهم زكى طليمات وجورج أبيض ويوسف وهبي»، مؤكداً أن «الفنان الراحل شارك في أفلام عالمية منها (قصة الحضارة) و(ابن كليوباترا)، كما حققت أعماله إيرادات لافتة».

شكري سرحان ومريم فخر الدين (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)

وكشف سرحان في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أنه «بصدد تقديم شكوى رسمية ضد متولي وفتحي في نقابة المهن التمثيلية خلال أيام»، مؤكداً «تصعيد الأمر واتخاذ إجراءات قانونية في حال عدم اعتذارهما عمّا بدر منهما والذي يقع تحت بند (الإهانة أو السب والقذف) حسب الرؤية القانونية»، وفق قوله. مؤكداً استياء نجل الفنان شكري سرحان المقيم في أستراليا مما قيل في حق والده، ومطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة نيابةً عنه.

ونوّه سرحان بأن معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته القادمة سيحتفي بمئوية ميلاد الفنان الراحل من خلال إقامة ندوة يوم 30 يناير (كانون الثاني) الجاري لتناول سيرة حياة الفنان الراحل ومشواره الفني.

وأوضح سرحان أنه بدأ في كتابة «السيرة الذاتية» للفنان الراحل بالتعاون مع نجله من أجل تقديمها في عمل درامي سيتم إنتاجه قريباً، لكنهم لم يستقروا على اسم فنان بعينه لتجسيد شخصيته.

شكري سرحان قدم أدواراً متنوعة في السينما والمسرح والتلفزيون (فيسبوك)

وشارك شكري سرحان بطولة أفلامه أشهر فنانات مصر، من بينهم شادية وسعاد حسني ونادية لطفي وفاتن حمامة وماجدة وسميرة أحمد وتحية كاريوكا ولبنى عبد العزيز وشمس البارودي ونيللي ونجلاء فتحي.

وحصل سرحان على جوائز عدة واختير أفضل فنان في القرن العشرين بوصفه صاحب أعلى رصيد في قائمة «أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية» التي ضمت 16 فيلماً من بطولته من بينها «اللص والكلاب» و«شباب امرأة» و«البوسطجي» و«عودة الابن الضال».