الصاروخ الصيني «التائه» يخفي صراعاً تجارياً محموماً

شركات أميركية تطور مركبات فضائية استعداداً لتنظيم رحلات إلى القمر والمريخ

الصاروخ الصيني «لونغ مارش 5 بي» الذي أطلق في 29 أبريل الماضي من قاعدة بجنوب الصين (أ.ب)
الصاروخ الصيني «لونغ مارش 5 بي» الذي أطلق في 29 أبريل الماضي من قاعدة بجنوب الصين (أ.ب)
TT

الصاروخ الصيني «التائه» يخفي صراعاً تجارياً محموماً

الصاروخ الصيني «لونغ مارش 5 بي» الذي أطلق في 29 أبريل الماضي من قاعدة بجنوب الصين (أ.ب)
الصاروخ الصيني «لونغ مارش 5 بي» الذي أطلق في 29 أبريل الماضي من قاعدة بجنوب الصين (أ.ب)

كشف تقرير لموقع محطة «فوكس نيوز» الأميركية أن الضجة التي تثار حول الصاروخ الصيني التائه في الفضاء، المتوقع دخوله الغلاف الجوي للأرض خلال ساعات، قد يكون وراءها صراع خفي تخوضه الصين التي تقوم باستثمارات ضخمة في الفضاء من أجل إلحاق الضرر الاقتصادي والتجاري بالشركات الأميركية المنافسة.
وأضاف التقرير أن الصاروخ قد لا يسبب عند سقوطه ضرراً، على الرغم من عدم التأكد من احتمال سقوطه على اليابسة. لكن سعي الصين القوي لخفض تكلفة إطلاق الرحلات التجارية الفضائية سيضر بالشركات الأميركية، حيث إن الصين تقوم بدعم شركاتها الخاصة، عبر تزويدها بصواريخها الباليستية مجاناً، بهدف إخراج الشركات الأميركية من المنافسة، على حد تعبير غريغ أوتري، عضو المجلس الاستشاري لمكتب النقل الفضائي التجاري التابع لإدارة الطيران الفيدرالية الأميركية.
ويشير أوتري إلى أن كلفة إرسال كيلوغرام واحد إلى الفضاء كانت 40 ألف دولار. وكانت الشركات الناشئة تتوقع سعراً يتراوح بين 25 و30 ألف دولار، قبل أن يدخل الصينيون على خط المنافسة، ويعلنون أن بإمكانهم خفض التكلفة إلى نحو 5 آلاف دولار للكيلوغرام الواحد.
وأوضح أن هذا الأمر ليس بسيطاً، إذ إن الكلفة هبطت إلى أكثر بكثير من النصف. وعد أوتري أن الأمر لا يمكن تفسيره سوى بأنه سعي للاستحواذ على أكبر حصة من السوق عبر إغراق الأسعار. غير أن خبراء ذكروا أن الصين التي سلمت حكومتها الشركات الصينية صواريخها الباليستية مجاناً لاستخدامها في رحلات الفضاء لم تقم بتزويد تلك الصواريخ بالمعدات التقنية اللازمة، خصوصاً محركات الدفع الخاصة بتصحيح طيرانها حول مدار الأرض للتحكم بعملية دخولها الغلاف الجوي، وتدميرها فوق مناطق آمنة. وهذه من ضمن العيوب التكنولوجية التي لا تزال الصين متخلفة فيها، فضلاً عن محاولتها إبقاء التكلفة عند مستويات منخفضة لتعزيز قدرتها التنافسية. وهذا يعني، بحسب الخبراء، أنه سيكون على الشركات الأميركية الدخول في منافسة شرسة مع الصين التي أطلقت الأسبوع الماضي أول المكونات الثلاثة لمحطتها الفضائية «سي إس إس»، بواسطة صاروخ «لونغ مارش 5 بي» التائه الآن في الفضاء.
وانطلق الصاروخ «لونغ مارش 5 بي» من جزيرة هاينان الصينية في 29 أبريل (نيسان) الماضي، حاملاً على متنه مركبة تيانهي غير المأهولة التي كانت تحمل ما كان سيصبح أماكن للمعيشة في محطة فضائية صينية دائمة. وبعد انفصاله عن الوحدة الفضائية للمحطة، بدأ الصاروخ يدور حول الأرض في مسار غير منتظم مع انخفاضه تدريجياً، ما يجعل من شبه المستحيل توقع النقطة التي سيدخل منها إلى الغلاف الجوي، وبالتالي مكان سقوطه. وتؤكد الصين أن حطام الصاروخ سيسقط على الأرجح في مياه دولية، وأنه سيتفكك بعد احتراقه فور دخوله الغلاف الجوي للأرض.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قد وجه انتقاداً مبطناً للصين عندما دعا الدول التي ترتاد الفضاء إلى المحافظة على المعايير الدولية لضمان أمن وسلامة معداتها. وأضاف أن البنتاغون ليس لديه في الوقت الراهن خطط لتدمير الصاروخ، آملاً في أن يسقط في مكان لا يسبب أذى لأحد، في المحيط أو في مكان ما من هذا القبيل.
ويأتي ذلك في الوقت الذي طورت فيه شركة «سبيس إكس» التي يرأسها إيلون ماسك صواريخها الخاصة بتكلفة كبيرة، فيما تخطط شركة «فانتوم سبيس كورب» الناشئة لشراء محركات أميركية الصنع من شركة «أورسا ميجور» في دنفر. وتراهن هذه الشركات على نمو تجارة الرحلات الفضائية، حيث تقوم بتطوير نظم صاروخية ومركبات فضائية متعددة لإطلاق رحلات إلى القمر والمريخ.
وعن التوقعات حول مكان سقوط الصاروخ، قال مركز للأبحاث والتطوير يحصل على تمويل اتحادي أميركي إنه من المتوقع أن تدخل بقايا الصاروخ الغلاف الجوي في وقت متأخر من مساء السبت أو صباح الأحد.
وكانت وزارة الخارجية الصينية قد قالت، أمس (الجمعة) إن معظم حطام الصاروخ سيحترق عند دخول الغلاف الجوي، ومن المستبعد بشدة أن يسبب أي ضرر، وذلك بعدما قال الجيش الأميركي إن قيادة الفضاء الأميركية تتابع ما وصفه بدخول خارج عن السيطرة للصاروخ عبر الغلاف الجوي.
وفي تغريدة نُشرت مساء الجمعة في الولايات المتحدة، قالت «مؤسسة الفضاء الجوي» إن أحدث تنبؤات مركز دراسات العودة المدارية والحطام (كوردس) التابع لها تشير إلى أن جسم الصاروخ سيدخل الغلاف الجوي في حدود 8 ساعات، قبل أو بعد الساعة الرابعة صباح الأحد بتوقيت غرينتش.
وتشير أحدث توقعات «كوردس» إلى أن مكان دخول جسم الصاروخ للغلاف الجوي سيكون قرب الجزيرة الشمالية في نيوزيلندا، لكنه نبه إلى أن الدخول محتمل أيضاً في أي مكان على طول مسارات تغطي مساحات شاسعة من العالم.
وكان جوناثان ماكدويل، عالم الفيزياء الفلكية، قد أبلغ «رويترز» في وقت سابق أن هناك احتمالاً لسقوط أجزاء من الصاروخ على الأرض، ربما في منطقة سكنية مثلما حدث في مايو (أيار) 2020، عندما سقطت أجزاء من الصاروخ «لونغ مارش 5 بي» الأول على ساحل العاج، مما ألحق أضراراً ببعض المباني، وإن لم ترد أنباء عن إصابات بشرية.
ويتقلص ارتفاع جسم الصاروخ منذ الأسبوع الماضي، لكن سرعة الانخفاض لا يمكن تحديدها بسبب متغيرات في الغلاف الجوي لا يمكن التنبؤ بها. وهذا الجزء من أكبر قطع الحطام الفضائي التي تعود عبر الغلاف الجوي إلى الأرض، حيث يزن 18 طناً.


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.