الجزائر تشترط معالجة «آلام الذاكرة» لتطوير علاقتها مع فرنسا

صورة أرشيفية تؤرخ لحظة استلام الرئيس ماكرون تقرير المؤرخ بنجامين ستورا حول «آلام الذاكرة» (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تؤرخ لحظة استلام الرئيس ماكرون تقرير المؤرخ بنجامين ستورا حول «آلام الذاكرة» (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تشترط معالجة «آلام الذاكرة» لتطوير علاقتها مع فرنسا

صورة أرشيفية تؤرخ لحظة استلام الرئيس ماكرون تقرير المؤرخ بنجامين ستورا حول «آلام الذاكرة» (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تؤرخ لحظة استلام الرئيس ماكرون تقرير المؤرخ بنجامين ستورا حول «آلام الذاكرة» (أ.ف.ب)

استبعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أي تحسن في العلاقة مع فرنسا، من دون معالجة ما يعرف بـ«آلام الذاكرة»، التي استحضرها الجزائريون، أمس، بمناسبة مرور 76 سنة على مجازر مروعة ارتكبها الاستعمار في شرق البلاد، وخلفت 45 ألف قتيل. وفي غضون ذلك، تنقل نشطاء الحراك بأعداد كبيرة من عدة مناطق إلى مدينة خراطة (300 كلم شرق) أمس لإحياء هذه الذكرى، وللتأكيد في الوقت نفسه على التمسك بمطلبهم الأساسي، وهو تغيير النظام.
وقال تبون في خطاب مكتوب نشرته الرئاسة بحساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، أمس، «بينما نحيي اليوم الوطني للذاكرة، لا بد أن نشير إلى أن جودة العلاقات مع جمهورية فرنسا لن تأتي دون مراعاة التاريخ، ومعالجة ملفات الذاكرة، التي لا يمكن بأي حال أن يتم التنازل عنها مهما كانت المسوغات، وما زالت ورشاتها مفتوحة، كمواصلة استرجاع جماجم شهدائنا الأبرار، وملف المفقودين واسترجاع الأرشيف (أرشيف الثورة)، وتعويض ضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية».
ويرمز «اليوم الوطني للذاكرة» إلى عمليات تقتيل جماعي بإطلاق النار على عشرات الآلاف من الجزائريين، الذين خرجوا في مظاهرات بمدن سطيف وقالمة وخراطة في الثامن من مايو (أيار) 1945، لتذكير فرنسا بوعدها بإنهاء احتلال الجزائر إن شاركوها في القتال ضد ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وكانت هذه الأحداث منعطفاً حاسماً في نضال الحركة الوطنية من أجل الاستقلال، ومهدت لتفجير ثورة التحرير في فاتح نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، التي انتهت بالاستقلال بعد سبع سنوات من كفاح مرير.
يشار إلى أن الجزائر استرجعت من فرنسا في يوليو (تموز) 2020 رفات (جماجم) 24 من قادة الثورات الشعبية ضد الاستعمار خلال القرن 19.
وأكد تبون في خطابه أن «النظر إلى المستقبل يعتبر الحلقة الأهم في توطيد وتثمين أواصر العلاقة بين الأمم، لكن هذا المستقبل يجب أن يكون أساسه صلباً، خالياً من أي شوائب. فالجزائر مصممة دوماً على تجاوز كل العقبات، وتذليل كل الصعوبات نحو مستقبل أفضل، وتعزيز الشراكة الاستثنائية (مع فرنسا)، لترتقي علاقاتها إلى المستوى الاستراتيجي إذا ما تهيأت الظروف الملائمة لذلك، ومعالجة كل ملفات الذاكرة بجدية ورصانة، وتنقيتها من الرواسب الاستعمارية، فالشعبان يتطلعان إلى تحقيق قفزة نوعية نحو مستقبل أفضل، تسوده الثقة والتفاهم، ويعود بالفائدة عليهما في إطار الاحترام المتبادل، والتكافؤ الذي تحفظ فيه مصالح البلدين». وسلم بن يامين ستورا، الباحث الفرنسي المتخصص في حرب الجزائر، مطلع العام، تقريراً عن «الذاكرة» للرئيس إيمانويل ماكرون بناء على طلبه. وتضمنت الوثيقة بعض المقترحات، على سبيل تذليل العقبات بين البلدين لتجاوز رواسب التاريخ. غير أن المسعى لم يرض الجانب الجزائري لأنه لم يتضمن اعترافاً صريحاً بالاستعمار كجريمة ضد الإنسانية. وصرح ماكرون وقتها بأنه يرفض أي «توبة» من فرنسا تجاه ماضيها الاستعماري بالجزائر.
وجرت الاحتفالات الرسمية بـ«يوم الذاكرة» بمحافظة سطيف، حيث نظمت وزارة المجاهدين مظاهرة عرفت مشاركة أفراد الكشافة الإسلامية، وعناصر الشرطة والدرك. واتجه المتظاهرون وهم يرددون الأناشيد الوطنية إلى النصب التذكاري «بوزيد سعال» بوسط المدينة، الذي يحمل اسم أول شهيد سقط في الأحداث.
وعلى بعد 50 كلم من سطيف، تجمع الآلاف من نشطاء الحراك بمدينة خراطة لإحياء الذكرى بطريقتهم، حيث نظموا احتجاجات كبيرة جابت شوارع المدينة، رددوا خلالها شعارات الحراك المعروفة، مثل «دولة مدنية لا عسكرية»، وهاجموا السلطة بشدة، معبرين عن رفضهم الانتخابات التشريعية المقررة في 12 من الشهر المقبل. كما تنقل نشطاء الحراك من العاصمة ومدن الغرب ومحافظات القبائل بكثرة إلى هذه المنطقة، التي اندلع فيها احتجاج ضخم ضد النظام، قبل أسبوع من انتفاضة 22 فبراير (شباط)، التي يعتبرها النشطاء «أيقونة الحراك الشعبي»، الذي قام ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».