اتهامات لانقلابيي اليمن بالاستيلاء على مساعدات غذائية وطبية

وسط تصاعد حملات فرض الإتاوات والسطو على ممتلكات عامة وخاصة

TT

اتهامات لانقلابيي اليمن بالاستيلاء على مساعدات غذائية وطبية

أفادت مصادر تربوية وأخرى طبية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بتصاعد جرائم السطو والسرقة التي يقف وراء ارتكابها قادة ومشرفون في الميليشيات الحوثية، حيث طالت أخيرا مساعدات طبية وغذائية كانت خصصتها منظمات دولية وتجار لصالح موظفين وعاملين بقطاعي الصحة والتربية المحرومين من رواتبهم منذ سنوات ماضية.
وإلى ذلك ذكرت مصادر محلية أخرى أن أموال المواطنين وممتلكات وعقارات الدولة في مناطق تحت سيطرة الجماعة لم تسلم هي الأخرى من عمليات النهب والمصادرة الحوثية.
في هذا السياق قال مصدر تربوي بصنعاء إن الجماعة تواصل منذ نحو ثلاثة أسابيع التلاعب بكشوف المستفيدين من المعلمين والعاملين في القطاع التعليمي في صنعاء بغية التمكن من نهب معونات خيرية خصصها تجار ورجال أعمال للآلاف منهم.
وأفاد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميليشيات فرضت عقب مصادرتها للمعونات لجانا تابعة لها لتقوم بعملية توزيع تلك المساعدات المكونة من سلال غذائية متنوعة. مشيرا في ذات الوقت إلى أن اللجان الحوثية لا تزال تراوغ وتدعي أنها تجمع بيانات تفصيلية عن المستفيدين، في حين أنها لم تصرف أي شيء من تلك المعونات رغم استكمالها جمع البيانات.
وأشار المصدر إلى وجود تلاعب كبير في أسماء المستفيدين إلى جانب عمليات مماطلة وتطفيش هدفها الوحيد الاستيلاء على أكبر كمية من تلك المعونات.
في غضون ذلك، شكا تربويون وعاملون في القطاع التعليمي بصنعاء من استمرار الميليشيات في السطو وسرقة المساعدات المقدمة لهم، وقال البعض منهم لـ«الشرق الأوسط»: «لم تكتف الجماعة بنهب رواتبنا منذ سنوات وتسببها في أسوأ أزمة إنسانية ومعيشية، بل توسعت شهيتها للسطو على ما يجود به علينا فاعلو الخير من مساعدات تبقينا وأسرنا على قيد الحياة».
وفي حين لا يزال آلاف التربويين في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة يواجهون أوضاعا معيشية وإنسانية صعبة خصوصا منذ سطو الميليشيات على رواتبهم منذ العام 2016 اتهم العاملون بذلك القطاع، الجماعة وميليشياتها بمواصلة السطو العلني على المعونات المخصصة لهم، إلى جانب استخدام بياناتهم وهوياتهم الشخصية لأغراض وصفوها بـ«المشبوهة».
وعلى صعيد لقاحات فيروس «كوفيد - 19» المقدمة من قبل وزارة الصحة في الحكومة اليمنية لصالح الفرق الطبية بمناطق سيطرة الجماعة، كشفت مصادر طبية في صنعاء عن استيلاء الميليشيات على كميات كبيرة من اللقاحات الطبية.
وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يسمى بالمجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية الحوثي احتجز قبل فترة شحنة اللقاحات ورفض تسليمها للقطاع الصحي في العاصمة المختطفة صنعاء.
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة كانت قد وافقت بوقت سابق وعقب ضغوط شديدة مورست ضدها من قبل منظمات دولية على تسليم جزء بسيط من تلك اللقاحات للطواقم الطبية لكنها عاودت من جديد احتجازها ورفض تسليمها.
وفي ظل استمرار مسلسل الانفلات الأمني وارتفاع منسوب الجرائم بما فيها السرقة والسطو بمناطق الجماعة بشكل عام وفي صنعاء على وجه التحديد والتي يقف خلف ارتكاب معظمها عناصر حوثيين، أفاد شهود لـ«الشرق الأوسط»، بأن عصابة مسلحة يعتقد انتماؤها للميليشيات أقدمت قبل يومين على الاعتداء بوحشية على المواطن نجيب أحمد الوصابي بالقرب من مقر أمني حوثي بحي مذبح (وسط صنعاء) ونهب أكثر من مليوني ريال كانت بحوزته.
وقال الشهود: «ليس من المعقول أبدا أن تقوم عصابة مسلحة بضرب مواطن وسرقته بوضح النهار وبالقرب من مقر أمني إلا إذا كانت تستند في ارتكاب جرائمها على دعم ورعاية كاملة من تلك الجماعة التي تخضع كافة المقار الأمنية بصنعاء لسيطرتها».
وأشاروا إلى أنه وبفعل الانقلاب وسيطرة وحكم الميليشيات على العاصمة صنعاء تحولت إلى مسرح مفتوح للجريمة والفوضى الأمنية والتي تعد الجماعة الفاعل الرئيسي والراعي الحصري لها.
وفيما يتعلق بجرائم النهب والسطو الحوثي المنظم بحق ما تبقى من ممتلكات وعقارات الدولة، كشفت مصادر محلية بمحافظة ذمار (100 كم جنوب صنعاء) عن قيام أحد مشرفي الجماعة ويكنى «أبو ياسين» منتصف الأسبوع الماضي بالسطو بقوة السلاح على قطعة أرض كبيرة بمنطقة عزان الواقعة وسط المدينة كانت مخصصة منذ سنوات لبناء قسم شرطة.
وأشارت إلى أن المشرف الحوثي وفي تعد صارخ بحق ما تبقى من ممتلكات الدولة شرع قبل يومين في البناء في تلك الأرض.
ولفتت المصادر إلى أن أهالي المنطقة حاولوا مرارا منع المشرف الحوثي من الاعتداء على الأرض المملوكة للدولة، لكنه وبرفقة عدة عربات على متنها مسلحون هددهم بالاعتقال والسجن.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.