تبادل اتهامات بين «القوات» و«الوطني الحر» بالمسؤولية عن العتمة

TT

تبادل اتهامات بين «القوات» و«الوطني الحر» بالمسؤولية عن العتمة

أشعل قرار المجلس الدستوري بتجميد سلفة خزينة للكهرباء إثر مراجعة دستورية تقدّم بها نوّاب «القوات»، سجالاً بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، فيما حاول التيار رد المسؤولية عن وزراء الطاقة المتعاقبين المقربين منه، نافياً الاتهامات الموجهة لهم بالمسؤولية عن هذا الملف، وحمّل «القوات» مسؤولية التهمة المقبلة.
وكان المجلس الدستوري علق في الأسبوع الماضي تنفيذ قانون تقدّم به «التيّار الوطني الحر» وأقر معدلاً ليعطي مؤسسة كهرباء لبنان سلفة مالية بقيمة 200 مليون دولار لشراء المحروقات لتشغيل محطات الإنتاج. وانطلق حزب «القوات» في الطعن من عدم دستورية القانون كون السلفة ستموّل من احتياطي مصرف لبنان الإلزامي أي من ودائع المواطنين.
ورأى التيار أمس أن الطعن الذي تم تقديمه إلى المجلس الدستوري ضد السلفة لشراء الفيول الخاص بإنتاج الكهرباء «كشف ما جرى استغلاله على مدى سنوات لتوجيه اتهامات لوزراء التيار الوطني الحر، بينما الحقيقة هي أن سلفة الخزينة أو مساهمتها لشراء الفيول هدفها إنتاج الكهرباء وبيعها بسعر حدّدته حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري لدعم إنتاج الكهرباء ومساعدة المواطنين».
وقال «التيار» إنه «يضع هذه الحقيقة برسم الشعب اللبناني والهجوم المركّز لمنع وزراء الطاقة من تنفيذ الخطط الموضوعة منذ عام ،2010 وذلك بهدف دعم أصحاب المولدات وأصحاب شركات شراء الفيول»، قائلاً إن «المعادلة المطروحة مجدداً هي إما أصحاب المصالح أو العتمة على اللبنانيين. والعتمة الآتية هي برسم المتسببين بها».
ويتهم قسم كبير من السياسيين في لبنان وزراء الطاقة المتعاقبين بالفشل الذي أدى إلى عجز الخزينة نتيجة الإنفاق الكبير على قطاع الكهرباء. وردّ نوّاب حزب «القوّات اللبنانيّة» على اتهامات بعض نوّاب «التيّار» لهم بالتسبب في «العتمة» وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» (تضمّ نوّاب القوّات) النائب أنطوان حبشي أنّ جوهر العتمة ليس في قرار المجلس الدستوري بتجميد قانون السلفة وإنما في إدارة «التيّار» لوزارة الطاقة منذ سنوات والذي وضع كلّ طاقته لتبديد الطاقة في لبنان.
وقال حبشي إنّ سلفة الكهرباء وبحجة الهروب من العتمة بددت أموال اللبنانيين بمليارات الدولارات والعتمة لم تتبدد ولكن أموال المودعين تبخرت، متوجهاً إلى «التيّار الوطني الحر» بالقول: «وضعتم خطة للكهرباء بالعام 2010 ووعدتم بتأمين كهرباء 24 ساعة عام 2015، كلها وعود في الهواء ولكن في الواقع سلف للكهرباء من أموال المودعين». ورأى حبشي أنّ العتمة موجودة في إدارة «التيّار» الفاشلة، مضيفاً: «أموال المودعين لا لون سياسي، ولا طائفي لهم. إنكم تسرقون أموال محازبيكم، هم أيضاً من المودعين».
بدوره انتقد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب عماد واكيم ما ورد على لسان من سماهم بعض «الجهابذة» من تحذير الشعب اللبناني من العتمة وعظائم الأمور بعد أن اتّخذ المجلس الدستوري قراراً بوقف تنفيذ قانون السلفة، معتبراً أنّ هذه السلفة كانت ستقضي على ما تبقى من ودائع المواطنين.
وقال واكيم إنّه كان حرياً بالحريصين على مصالح الناس أن يعترضوا ويواجهوا كلّ ما كان يجري في وزارة الطاقة في السنوات العشر الأخيرة الذي أدى إلى ما يفوق الـ25 مليار دولار من الخسائر المتراكمة من جراء طريقة العمل في هذه الوزارة، ومما حول شركة كهرباء لبنان إلى ثقب أسود يقضي على القرش الأبيض للبنانيين. واعتبر واكيم أنّه لا يجوز مواصلة ابتزاز الناس وتخييرهم بين العتمة وبين سرقة أموالهم من الاحتياطي الإلزامي، خصوصاً أنّ السلفة الحالية ستتبعها سلفة أخرى، متسائلاً عن الحل بعد استنزاف كلّ الاحتياطي الذي لا يجوز المسّ به باعتباره ملكية خاصة، وبالتالي عاجلاً أم آجلاً سيصل لبنان إلى المحظور مع فريق سياسي كبّد الدولة وأنهك الناس.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.