لماذا نشعر بالحنين لزيارة نفس الأماكن مراراً وتكراراً؟

مسافرون يصلون إلى أحد  مطارات إسبانيا (رويترز)
مسافرون يصلون إلى أحد مطارات إسبانيا (رويترز)
TT

لماذا نشعر بالحنين لزيارة نفس الأماكن مراراً وتكراراً؟

مسافرون يصلون إلى أحد  مطارات إسبانيا (رويترز)
مسافرون يصلون إلى أحد مطارات إسبانيا (رويترز)

ينتظر كثير منّا انتهاء جائحة «كورونا» للسفر إلى أماكن لطالما حلمنا بها، وربما خططنا لزيارتها قبل تفشي الفيروس.
وكتبت ليليت ماركوس في موقع شبكة «سي إن إن»: «تضمنت قائمة السفر الخاصة بي قبل الوباء الوصول إلى معسكر قاعدة جبل إيفرست، رحلة بحرية إلى القارة القطبية الجنوبية، وزيارة كل محافظة في اليابان».
وأشارت إلى أن قائمة السفر الخاصة بها بعد الوباء تتضمن السفر إلى مسقط رأسها وقضاء بعض الوقت مع والدها.
وقالت: «أعلم أنني لست الوحيدة. في حين لعب الحنين دائماً دوراً مهماً في تحديد المكان الذي نسافر إليه، فإن عمليات الفصل القسري وإغلاق الحدود في أثناء الوباء جعلت الجميع تقريباً في العالم يعيدون التفكير في مكان رحلتهم القادمة».
أما قبل «كورونا»، اعتقدت ماركوس أن هناك نوعين أساسيين من المسافرين - الأشخاص الذين يبحثون دائماً عن شيء لامع وجديد، وأولئك الذين يحبون التعمق وقضاء الوقت في إعادة استكشاف نفس الوجهات، ولكنها باتت تعلم أن الأمر ليس بهذه البساطة بالضرورة.

* كيف نختار أماكن عطلتنا؟
توضح كارين شتاين، عالمة الاجتماع ومؤلفة كتاب «الابتعاد عن كل شيء: الإجازات والهوية»، أنه يمكن أن يكون للوجوه والمواقع معاني عميقة حقاً بالنسبة إلينا، من حيث كيفية تفكيرنا في أنفسنا ومَن نحن وكيف نضع أنفسنا في العالم».
وتقضي شتاين الكثير من وقتها في محاولة تحديد كيف يشكّل السفر هويتنا وشخصيتنا.
وتضيف: «كل شيء خارج عن السيطرة الآن... وأعتقد أن القدرة على العودة والقيام بالأشياء التي نفتقدها قد يجلب لنا الراحة والاستمتاع. أعتقد أن هذا مطمئن».
وللمسافرين أسباب مختلفة للعودة إلى الوجهات التي يعرفونها ويحبونها. في بعض الأحيان، لا تكون هذه الأسباب حتى أشياء يمكنهم وضعها في الكلمات -كيف يثير مكان معين مشاعرنا بطريقة لا مثيل لها؟
وفي كل مرة تزور فيها ماركوس «أوتر بانكس» في نورث كارولاينا، تغمرها ذكريات جدتها. وقالت: «كنا قريبين جداً، وتوفيت عندما كنت مراهقة، لذا فإن زيارة المكان الذي عرفتني عليه يُشعرني أنني معها مرة أخرى».
وتابعت: «في هذه الأثناء، أخطط أيضاً لرحلة ما بعد الحدود إلى لندن -والتي تتعلق أكثر بلقاء الأقارب والأصدقاء والزملاء الذين يعيشون هناك أكثر مما ترتبط بالذهاب إلى المتاحف أو المقاهي».

* استمرار القيود المرتبطة بالجائحة
على الرغم من أن الأفكار المرتبطة بالسفر هذه قد تبدو كأنها مجرد خيارات شخصية، فإن هناك بيانات تدعم سبب اتخاذنا لتلك للقرارات.
ويركز عمل البروفسور نيكولاوس ستايلوس، المحاضر الأول في التسويق في كلية الإدارة بجامعة بريستول، على اقتصاديات السفر وكيف تسوق الشركات وجهاتها للمستهلكين.
ويقول: «هناك نوع واحد من الزيارات نسميه (في إف إف)، وهو زيارة الأصدقاء والعائلة. وستكون هذه هي الرحلات الأولى التي نتوقعها عندما يُسمح لأي شخص بالقيام بذلك... على المدى القصير، ستكون هذه بالتأكيد أولى الرحلات التي يتم إجراؤها».
ولكن ماذا عن الرحلات الثانية والثالثة؟ يشير ستايلوس إلى أن التأثيرات طويلة المدى للوباء ستضيف علامة فارقة جديدة ترتبط بالتخطيط لسفر، ربما إلى الأبد.
وحتى بالنسبة إلى الأشخاص الذين يريدون شيئاً جديداً، من المرجح أن تحدّ القيود المتعلقة بالوباء من خياراتهم.
ستظل العوامل المعتادة، مثل التكلفة، مهمة.
ولكن لن تفتح كل دولة حدودها أمام السياح الأجانب، أو ربما هناك فنادق ومطاعم قد يتم إغلاقها بشكل دائم، مما يؤثر على السياحة.
وقد يلهم التنقل في عالم السفر الجديد، مع أكوام من الأعمال الورقية وإلغاءات محتملة في اللحظة الأخيرة، شخصاً ما اختيار المكان الذي يعرفه بالفعل أكثر من المكان الذي يشعر فيه بمزيد من الغرابة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
TT

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

أظهرت دراسة أجراها باحثون من كلية «ديل ميد» في «جامعة تكساس» الأميركية، بالتعاون مع دائرة «لون ستار» المجتمعية للرعاية الصحّية في الولايات المتحدة، أنّ المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من ذوي الدخل المنخفض، من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرة هؤلاء الأشخاص على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

ويقول الباحثون إنّ لتقديم الدعم الحقيقي المُرتكز على التعاطف مع المريض تأثيراً في الصحة يعادل تناول الدواء، مفسّرين ذلك بأنّ المدخل العاطفي هو البوابة إلى تغييرات نمط الحياة التي تعمل على تحسين إدارة المرض؛ وهي المنطقة التي غالباً ما تفشل فيها الرعاية الصحّية التقليدية.

وتشير الدراسة التي نُشرت، الثلاثاء، في دورية «جاما نتورك أوبن»، إلى أنّ هذا النهج يمكن أن يوفّر نموذجاً بسيطاً وفعّالاً لجهة التكلفة لإدارة الحالات المزمنة، خصوصاً المرضى الذين لديهم وصول محدود إلى الخدمات الصحّية والعقلية والدعم التقليدية.

قال المؤلِّف الرئيس للدراسة، الأستاذ المُشارك في قسم صحّة السكان في «ديل ميد»، الدكتور مانيندر كاهلون: «يبدأ هذا النهج الاعتراف بالتحدّيات الحقيقية واليومية للعيش مع مرض السكري».

خلال التجربة السريرية التي استمرت 6 أشهر، قُسِّم 260 مريضاً مصاباً بالسكري بشكل عشوائي إلى مجموعتين: واحدة تتلقّى الرعاية القياسية فقط، والأخرى الرعاية القياسية والمكالمات المنتظمة التي تركز على الاستماع والتعاطف. أجرى أعضاء مدرَّبون هذه المكالمات لتقديم «الدعم الرحيم»؛ مما أتاح للمشاركين مشاركة تجاربهم وتحدّياتهم في العيش مع مرض السكري.

وأفادت النتائج بحدوث تحسُّن في السيطرة على نسبة السكر بالدم، إذ شهد المرضى الذين تلقّوا مكالمات قائمة على التعاطف انخفاضاً متوسّطاً في الهيموغلوبين السكري بنسبة 0.7 في المائة، مقارنةً بعدم حدوث تغيير كبير في المجموعة الضابطة.

كما أظهرت الدراسة حدوث تأثير أكبر للمرضى الذين يعانون أعراض اكتئاب خفيفة أو أكثر شدّة، مع تحسُّن في متوسّط ​​الهيموغلوبين السكري بنسبة 1.1 في المائة. وصنَّف جميع المشاركين تقريباً المكالمات على أنها مفيدة جداً.

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لدائرة «لوني ستار» للرعاية الصحّية، جون كالفن: «في وقت يشكّل فيه نقص القوى العاملة تحدّياً لتقديم الرعاية الصحّية، تؤكد هذه الدراسة التأثير السريري العميق الذي يمكن أن يُحدثه الموظفون غير السريريين».

وأوضح: «من خلال توظيف أفراد مجتمعيين عاديين ولكن مدرَّبين، نثبت أنّ التعاطف والاتصال والمشاركة المُتعمدة يمكن أن تؤدّي إلى تحسينات صحّية قابلة للقياس»، مشدّداً على أنه «في عالم الطبّ سريع الخطى بشكل متزايد، الذي يعتمد على التكنولوجيا بشكل أساسي، يُذكرنا هذا العمل بأنّ الاتصال البشري يظلّ في قلب الرعاية الفعالة. لا يعزّز التعاطف مشاركة المريض فحسب، وإنما يُمكّن الأفراد من اتخاذ خطوات ذات مغزى نحو نتائج صحّية أفضل».

بالنظر إلى المستقبل، يأمل باحثو الدراسة في استكشاف التأثيرات طويلة المدى للدعم القائم على التعاطف على كلٍّ من السيطرة على مرض السكري والصحّة العقلية على نطاق أوسع. كما يخطّطون لتوسيع نطاق هذا النموذج، بهدف جعل الدعم الشامل والمتعاطف متاحاً بشكل أوسع لمَن هم في حاجة إليه.