بوادر خلاف بين الحوثيين وغريفيث... وواشنطن تعتبر أنهم {فوّتوا فرصة}

ليندركينغ عاد بعد جولة الأيام الثمانية وشدد على ضرورة وقف الهجوم على مأرب

ليندركينغ وغريفيث خلال لقائهما دبلوماسيين أوروبيين في الرياض (تويتر)
ليندركينغ وغريفيث خلال لقائهما دبلوماسيين أوروبيين في الرياض (تويتر)
TT

بوادر خلاف بين الحوثيين وغريفيث... وواشنطن تعتبر أنهم {فوّتوا فرصة}

ليندركينغ وغريفيث خلال لقائهما دبلوماسيين أوروبيين في الرياض (تويتر)
ليندركينغ وغريفيث خلال لقائهما دبلوماسيين أوروبيين في الرياض (تويتر)

بعد 8 أيام قضاها المبعوث الأميركي لليمن تيم ليندركينغ في منطقة الخليج، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس عودته إلى واشنطن، من جولته الخامسة إلى المنطقة منذ تعيينه في منصبه، مؤكدة إصرار الإدارة الأميركية على إنهاء الأزمة اليمنية، رغم بوادر الخلاف الذي نشب بين المبعوث الأممي إلى اليمن مع الحوثيين، والذي دفع بالجماعة الانقلابية إلى رفض لقائه في مسقط الأسبوع الماضي.
وأوضحت وزارة الخارجية في بيان أمس، أن رحلة المبعوث ركّزت على تفعيل المقترحات بوقف إطلاق النار، وإنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن، إلا أنه عاد بقناعة أن «الحوثيين يزيدون سوءاً من خلال الاستمرار في مهاجمة مأرب، وتفاقم الظروف القاسية لليمنيين النازحين داخلياً».
وأكدت الولايات المتحدة على أن هناك صفقة عادلة مطروحة على الطاولة ستجلب الإغاثة الفورية للشعب اليمني، معتبرة أن الحوثيين فوتوا «فرصة كبيرة» لإثبات التزامهم بالسلام وإحراز تقدم في هذا الاقتراح، لكن البيان لم يوضح ما إذا كان المبعوث الأميركي قد التقى بالحوثيين في مسقط أم لا، لكن تصريحات ليندركينغ السابقة والسيناتور كريس مورفي، تؤكد اعتمادهم على العمانيين في التواصل مع الحوثيين وإقناعهم بإنهاء الأزمة.
كشف البيان أن الحوثيين رفضوا الالتقاء بالمبعوث الأممي مارتن غريفيث في مسقط خلال رحلته الأخيرة، في الوقت الذي أكدت الحكومة اليمنية استعدادها على دعم جهوده للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع، وهو ما تخالفه الأفعال الحوثية على عكس تصريحاتهم فيما يتعلق بالوضع الإنساني في اليمن، فإنهم «يزيدون (الوضع) سوءا من خلال الاستمرار في مهاجمة مأرب، وتفاقم الظروف القاسية لليمنيين النازحين داخليا». وقال البيان إن رحلة ليندركينغ شملت السعودية، والأردن، وسلطنة عمان، وزار خلال هذه الرحلة السعودية مرتين التقى في الأولى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وعددا من المسؤولين السعوديين والحكومة اليمنية، وفي الأردن التقى بالملك عبد الله الثاني، والمسؤولين الأردنيين، وفي مسقط التقى بوزير خارجية عمان بدر البوسعيدي.
وأفاد البيان، بأن الدبلوماسي الأميركي المخضرم عاد في السادس من مايو (أيار) الحالي بعد جولة ركّز فيها على ثلاثة أمور، تمثلت في التأكيد على ضرورة تخفيف جميع القيود في ميناء الحديدة ومطار صنعاء، والتوصل إلى وقف إطلاق نار شامل على مستوى البلاد، والانتقال إلى محادثات سياسية شاملة.
كما التقى ليندركينغ في جولته دبلوماسيين وسفراء بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، مع عدد من سفراء الدول الأوروبية ومسؤولي الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في الأردن، مؤكداً على أن الأطراف التي التقت ليندركينغ أعربت عن 3 رغبات مشتركة وهي التصميم على حل النزاع، وتمكين التدفق الحر للسلع إلى اليمن وعبره، وتحقيق وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، والذي سيفضي في نهاية المطاف إلى الانتقال السريع إلى المحادثات السياسية، التي تعتبرها السبيل الوحيد لتقديم الإغاثة الدائمة للشعب اليمني، وتوفير الأساس ليمن مستقر وموحد.
وأضاف «في مسقط، التقى المبعوث وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في اجتماع مشترك مع السيناتور الأميركي كريس مورفي، واتفقوا جميعاً على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، والتزموا بالعمل مع الأطراف للتوصل إلى حل سلمي للصراع، كما أعرب وزير الخارجية العماني والمبعوث الأميركي الخاص عن رغبتهما المشتركة في رؤية حل أزمة ناقلة النفط الصافر من أجل منع كارثة بيئية وإنسانية في البحر الأحمر».
يذكر أن بيان المبعوث الأممي إلى اليمن الأخير حمل امتعاضا من إطالة أمد الأزمة اليمينة، إذ قال قبل أيام: «لقد استمر نقاشنا حول هذه القضايا لما يزيد على العام، وكان المجتمع الدولي داعماً بشكل كامل في أثناء ذلك. ولكننا للأسف لسنا حيث نود أن نكون فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق، واستمرت الحرب بلا هوادة وتسببت في معاناة هائلة للمدنيين». وفي الوقت نفسه، أفاد غريفث بأنه أنهى حديثا جولة من الاجتماعات استمرت أسبوعاً مع مجموعة من المعنيين اليمنيين والإقليميين والدوليين في السعودية، وسلطنة عمان، بيد أنه لم يبين ما إذا كان التقى بالحوثيين في رحلته أم لا.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.