بعد اللحوم... الدجاج والبيض للميسورين فقط في لبنان

TT

بعد اللحوم... الدجاج والبيض للميسورين فقط في لبنان

«بتنا نطبخ الفاصولياء بالدجاج بدلاً من اللحم، لكن إذا ارتفع سعر الدجاج بماذا سنطبخ، على الأرجح سنكتفي بالفاصولياء إذا بقي سعرها على حاله»، بهذه العبارة يلخص عاطف سائق التاكسي الخمسيني خوف اللبنانيين من رفع الدعم عن السلع الأساسية وواقع موائدهم التي غابت عنها مؤخراً اللحوم الحمراء بسبب ارتفاع أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة، فعمدت العائلات إلى الاستعانة بالدجاج، ولو مرة في الأسبوع، كون سعره لا يزال مقبولاً مقارنة بسعر اللحمة (أقل من النصف)، ولكن حتى هذا البديل سيصبح غير مقدور عليه خلال الأسابيع المقبلة.
ففي الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون خطة ترشيد الدعم عن المواد الأساسية التي من المفترض أن ترسل من رئاسة الوزراء إلى مجلس النواب مع نهاية شهر مايو (أيار) الحالي، لتقر كقانون، بدأ رفع الدعم عملياً عن عدد من المنتجات، منها الدواجن، إذ يشير رئيس نقابة الدواجن موسى فريجي، إلى أن وزارة الاقتصاد أخبرت النقابة بأنها لن توقع على أي معاملات جديدة تتعلق باستيراد لوازم الإنتاج في قطاع الدواجن على أساس سعر الدولار المدعوم والمحدد بـ3900 ليرة، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن هذه المواد، التي من بينها الأعلاف والفيتامينات والمعادن واللقاحات تشكل ما بين الـ65 والـ70 في المائة من كلفة الإنتاج. ويقدر فريجي ارتفاع سعر الدجاج بـ40 في المائة ليصل كيلو «الفيليه» منه إلى 70 ألف ليرة (حوالي 47 دولاراً حسب سعر الصرف الرسمي)، إذا بقي سعر صرف الدولار في السوق السوداء بحدود الـ12500 ليرة، وإذا لم نحتسب ارتفاع أسعار المحروقات، لا سيما أن المزارعين يعتمدون على مولدات خاصة تحتاج للمازوت، يعني المزيد من ارتفاع سعر الدجاج. وستطال الزيادة نفسها، أي الـ40 في المائة كحد أدنى، سعر البيض، إذ سيتراوح سعر الكرتونة منه ما بين الـ42 والـ45 ألف ليرة.
يُشار إلى أن الحد الأدنى للأجور، المحدد بـ675 ألف ليرة (450 دولاراً حسب السعر الرسمي)، فقد أكثر من 80 في المائة من قيمته (بات يساوي 56 دولاراً) بسبب تدهور قيمة الليرة.
وإذ يشير فريجي إلى أن كميات مستلزمات إنتاج الدواجن المدعومة والموجودة لدى التجار والمزارعين كمخزون تكفي لثلاثة أسابيع، ما يعني أن ارتفاع الأسعار من المفترض ألا يبدأ قبل أسبوعين على الأقل في حال لم يقدم أي دعم جديد، يلفت إلى أن بعض التجار يستغل مجرد الحديث عن رفع الدعم لرفع الأسعار، فيما لا يزال المزارع يسلم الدجاج على سعره المدعوم.
ولاحظ المواطنون ارتفاع أسعار الدجاج خلال اليومين الماضيين في عدد كبير من المحلات، بحجة رفع الدعم، الأمر الذي يستوجب، حسب فريجي، تدخلاً سريعاً لوزارة الاقتصاد التي يجب أن تتأكد بأن نسبة الربح لا تتجاوز الـ15 في المائة.
وتأتي أزمة الدجاج بعد أزمة مستمرة طاولت اللحوم الحمراء وفوضى بتسعيرها خلال الأشهر الماضية، إذ عمد بعض التجار إلى رفع سعرها بشكل كبير وصل إلى أكثر من الضعف بحجة مماطلة مصرف لبنان بدفع اعتمادات اللحوم المدعومة، كما قام عدد من أصحاب الملاحم بإقفال أبوابهم أمام الزبائن، مؤكدين أن لا لحوم مدعومة لديهم، وأن بعض البلديات تقوم بتغريمهم في حال رفع سعر كيلو اللحم عن السعر الذي حددته وزارة الاقتصاد مع بداية شهر رمضان بـ48 ألف ليرة للمستهلك كحد أقصى.
وترافقت أزمة اللحوم مع أخبار عن تهريب المواشي المدعومة، إما براً عبر الحدود السورية، وإما جواً عبر إعادة تصديرها، إذ تم منذ أسابيع إفراغ حمولة طائرة ومنع القضاء تصدير البضائع التي تحملها وطلب فتح تحقيق بالموضوع، بعدما تبين أن الطائرة محملة بـ1280 رأس غنم بينها أغنام مختومة في الأذن، وهي إشارة إلى أن هذه الأغنام مستوردة ويتم إعادة تصديرها.
ويتخوف اللبنانيون من ارتفاع أسعار مختلف السلع الغذائية (غير اللحوم)، بعد إقرار خطة ترشيد الدعم، إلا أن المعنيين يؤكدون أن الزيادة ستكون محدودة، وتتعلق فقط بارتفاع أسعار المحروقات (بعد رفع الدعم عنها)، إذ إن معظم السلع الغذائية تباع حالياً على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء وليست مدعومة.
ومن المقرر أن يتوقف الدعم عما يسمى «السلة الغذائية»، التي تتضمن مواد غذائية أساسية يتم استيرادها وبيعها على أساس سعر دولار محدد بـ3900 ليرة، ولكن منتجات هذه السلة لطالما كانت غير متوافرة ومنذ إقرارها في الأسواق بالكميات المطلوبة، وكانت تسببت مؤخراً بعدد من المشكلات بين المواطنين بسبب أحقية الحصول عليها. ويعود شح المواد المدعومة في الأسواق بشكل أساسي إلى تهريبها إلى الخارج، أي إعادة تصديرها من قبل التجار للحصول على «دولار جديد»، أو تخزينها بهدف بيعها بعد إقرار خطة ترشيد الدعم.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.