تحركات إيرلو في صنعاء تدفع يمنيين إلى اتهامه بالسيطرة على قرارات الانقلابيين

«السفير» الإيراني الذي دخل صنعاء بالتهريب يتفقد مستشفى بالعاصمة اليمنية المحتلة في صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي
«السفير» الإيراني الذي دخل صنعاء بالتهريب يتفقد مستشفى بالعاصمة اليمنية المحتلة في صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي
TT

تحركات إيرلو في صنعاء تدفع يمنيين إلى اتهامه بالسيطرة على قرارات الانقلابيين

«السفير» الإيراني الذي دخل صنعاء بالتهريب يتفقد مستشفى بالعاصمة اليمنية المحتلة في صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي
«السفير» الإيراني الذي دخل صنعاء بالتهريب يتفقد مستشفى بالعاصمة اليمنية المحتلة في صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي

مثلت الصور التي وزعها مكتب القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني حسن إيرلو المنتحل صفة السفير في صنعاء، وهو يتفقد أعمال صيانة في أحد المستشفيات، دلائل جديدة على مدى سلطته، وأنه بات يتصرف، وفقاً لناشطين ومحللين يمنيين، بصفته «حاكماً فعلياً» للجماعة في صنعاء، خصوصاً أن زيارته المستشفى جرت دون وجود ممثلين من قادة الجماعة إلى جواره.
ويرى يمنيون أن الخطوة جاءت لتكشف عن أن إيرلو بات يتصرف على أنه المسؤول الأول في مناطق سيطرة الميليشيات، بعد أن كانت طهران تتحكم في القرار العسكري من خلال ضباطها الموجودين على الأرض وسياسياً من خلال ميليشيات «حزب الله» اللبناني.
الخبر الذي وزعه مكتب الجنرال إيرلو وأظهره كأنه رئيس حكومة يؤدي وظيفة اعتيادية، أورد أنه «قام بزيارة المستشفى الجمهوري بصنعاء وطاف رفقة مسؤولي المستشفى للاطلاع على العمل في قسم العمليات» وأن الزيارة أتت بعد تقديم إيراني مزعوم لترميم وصيانة قسم العمليات في المستشفى.
وفي حين يشهد القطاع الصحي في اليمن تدهوراً كبيراً في الخدمات ونقصاً في الأدوية والمحاليل الطبية، تتولى المنظمات الأممية واللجنة الدولية للصليب الأحمر إدارة كثير من المستشفيات في اليمن وتوفر لها الوقود والحوافز والأدوية، بينما هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها إيران عن تقديم دعم من هذا النوع.
مصادر أخرى ذكرت أن القيادي في «الحرس الثوري» زار جرحى إيرانيين أصيبوا خلال المواجهات مع قوات الحكومة الشرعية في غرب مأرب؛ إذ إن الميليشيات ومنذ أعوام عدة خصصت «المستشفى الجمهوري» لمقاتليها، ومنعت استقبال أي مريض أو مصاب مدني، حتى في ظل وباء «كورونا» وإصابة المئات يومياً دون أن يجدوا مكاناً للعلاج ولا أن يستطيعوا دفع تكاليف المستشفيات الخاصة.
وفي حين تتكهن المصادر بأن خبر الزيارة جاء للتغطية على هذا الأمر، فإنه مع ذلك لا يقدم تبريراً مقنعاً لغياب أي ممثل عن حكومة الميليشيات إلى جوار إيرلو.
وإذا تأكد فعلاً أن إيران مولت ترميم قسم في المستشفى، فذلك سيكون أول دعم غير عسكري تقدمه لميليشيات الحوثي منذ بداية الحرب ليضاف إلى شحنة المياه التي قدمتها مع بداية الحرب وكانت محل سخرية اليمنيين بمن فيهم أنصار الجماعة الانقلابية.
ويقول أحد السياسيين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن إيرلو، إلى جانب لقاءاته شبه اليومية مع السياسيين وزعماء القبائل والمسؤولين في حكومة الميليشيات، يقوم بزيارة المؤسسات الحكومية ويناقش أوضاعها كأنه رئيس الحكومة، مضيفاً أن «النافذين والناشطين وحتى زعماء القبائل يلتقونه بشكل مستمر من أجل قضاء منفعة أو وساطة لدى أي مسؤول حوثي».
وفي مارس (آذار) الماضي، أحيا إيرلو ذكرى مصرع حسين الحوثي مؤسس الميليشيات الحوثية. وقال إن مشروعه «يرسم مسارات النهوض» ليجعل اليمنيين منخرطين فيما يسمى «محور المقاومة ومواجهة الاستكبار»، وهو المسمى الذي تقوده طهران ليضم أدواتها في المنطقة. كما لم تفته الإشارة إلى أن حسين الحوثي كان يعدّ «ثورة الخميني من أعظم الثورات»؛ وفق قوله.
وباستعراض سريع لمواقف القيادي في «الحرس الثوري» من دعوات السلام، سيتضح أنه الموجه في كل شيء، فعقب إطلاق المبادرة السعودية بشأن وقف الحرب في اليمن، رد المتحدث باسم ميليشيات الحوثي عبد السلام فليتة المعروف باسم محمد عبد السلام، مطالباً برفع القيود عن دخول سفن الوقود التابعة لشركته وقادة الميليشيات، وقال إن جماعته لا تقبل مقايضة ميناء الحديدة ومطار صنعاء بأي شروط عسكرية أو سياسية.
لكن بعد تصريحات فليتة بيوم واحد غرد إيرلو، وقال إن المبادرة المطلوبة هي وقف الحرب بشكل كامل، ورفع الحصار عن الحوثيين بشكل كامل، وسحب قوات التحالف، ووقف الدعم عن الشرعية. ولهذا عاد فليتة ليكرر مطالب إيرلو، عندما قال إن أي دعوة للسلام لا تعدها جماعته جادة ما لم تتضمن رفع الحصار عنها كلياً.
ومنذ تهريبه إلى صنعاء، حرص القيادي في «الحرس الثوري» إيرلو على التعامل على أنه صاحب السلطة المطلقة، حيث أشرف على إحياء الميليشيات الذكرى السنوية للحرب، واستخدم مقر وزارة الخارجية في صنعاء للقاء ممثلين عن منظمات دولية، فضلاً عن أنه يعلن مواقف سياسية من مختلف القضايا التي تخص اليمن، دون الحاجة لإحالة هذا الأمر إلى قيادة الميليشيات كي تحافظ على ادعائها بالاستقلالية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.