الرئاسة الفلسطينية تتحدث عن «معركة القدس» والضيف يهدد إسرائيل بـ«ثمن غالٍ»

لافتة على جدار منزل في حي الشيخ جراح ترفض قرار الإخلاء (أ.ف.ب)
لافتة على جدار منزل في حي الشيخ جراح ترفض قرار الإخلاء (أ.ف.ب)
TT

الرئاسة الفلسطينية تتحدث عن «معركة القدس» والضيف يهدد إسرائيل بـ«ثمن غالٍ»

لافتة على جدار منزل في حي الشيخ جراح ترفض قرار الإخلاء (أ.ف.ب)
لافتة على جدار منزل في حي الشيخ جراح ترفض قرار الإخلاء (أ.ف.ب)

بينما تنتهي، اليوم، المهلة التي منحتها المحكمة الإسرائيلية العليا، لأهالي حي الشيخ جراح في القدس، قالت الرئاسة الفلسطينية إن الوقت الآن هو وقت معركة المعارك، واصفة المرحلة الحالية بأنها «أخطر مرحلة على المشروع الوطني الفلسطيني»، فيما قالت مصادر إسرائيلية إن التهديد النادر، لرئيس «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حركة حماس»، محمد الضيف، تأكيد على أن الحركة تسعى لتسخين الوضع في القدس والضفة الغربية.
وجاء في بيان للناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة: «الآن جاءت معركة المعارك، معركة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وعروبتها وإرثها وتاريخها، وهذه مواجهة طويلة وصعبة، والنصر فيها ليس مستحيلاً، فأحداث القدس الأخيرة وصمود المقدسيين أثبتت أن الشعب الفلسطيني قادر على أن يوقف المؤامرة مرة أخرى، كما فعلها في معركة البوابات والكاميرات والمواجهات الدائمة حفاظاً على الأقصى والقيامة».
وشدد أبو ردينة على القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وعلى أن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، وعلى القدس، وأنها عوامل فعالة لتحقيق الوحدة الوطنية، مؤكداً أن بوصلة الصراع يجب أن تبقى فقط مع الاحتلال. وقال الناطق الرسمي إن هذه هي العوامل التي أسقطت المشروعات المشبوهة كافة التي حيكت ضد القضية الفلسطينية، كـ«صفقة القرن»، ودولة ذات حدود مؤقتة وقيادة محلية بديلة، بما في ذلك رفض روابط القرى، وآخرها رفض أي فكرة لإقامة إمارة في غزة.
ويعيد بيان أبو ردينة للذاكرة، بيانات مشابهة للرئاسة نشرت في مواجهة طروحات إيجاد قيادة بديلة؛ خصوصاً أن البيان ينادي الأطراف الفلسطينية إلى التوحد ضد إسرائيل، بعد الاصطفافات التي شهدتها الساحة الفلسطينية ضد قرار الرئيس عباس إلغاء الانتخابات، الذي وقفت ضده، «حماس» وجزء من حركة فتح، كذلك إلى جانب المستقلين.
وإعلان الرئاسة أن معركة القدس بدأت الآن، جاء في وقت تشهد في القدس توتراً كبيراً، وتشير جميع التقديرات الإسرائيلية أنه سيتحول إلى مواجهة ساخنة. وتقول إسرائيل إن «حماس» تسعى إلى تسخين القدس والضفة الغربية، بعد إلغاء عباس الانتخابات. وتعززت هذه القناعات في إسرائيل بعدما وجّه رئيس «كتائب القسام» الجناح العسكري لـ«حركة حماس» ، محمد الضيف، تحذيراً نادراً وواضحاً للاحتلال ومستوطنيه، في حال لم يتوقف العدوان على أهالي حي الشيخ جراح في القدس.
وقال الضيف، في تصريح مقتضب، وزعته «كتائب القسام»: «لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غالياً»، مؤكداً أن قيادة المقاومة والقسام «ترقب ما يجري عن كثب». والضيف هو المطلوب الأول لإسرائيل منذ سنوات وتعليقاته نادرة للغاية. ولاقت تصريحات الضيف اهتماماً واسعاً في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي نقلت عن جهات رسمية، أن «حماس» تحاول تكريس معادلة جديدة، وهي الهدوء في الجنوب، مقابل عدم المس بالأقصى والشيخ جراح. وقال المراسل العسكري لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية: «إنه في أحداث أكبر بكثير مما يحدث في الشيخ جراح أو مؤخراً في القدس، كان الضيـف صامتاً، وخروجه من خزانة الصمت دليل على تصميم (حماس) على إشعال المنطقة. تصريحه الليلة ليس تحذيراً بل مادة حارقة».
وأكد القيادي في «حركة حماس» محمود مرداوي أن على أهل القدس والضفة وأهالي 48 أن يستعدوا لترجمة هذا التحذير، فيما لو استمر الاحتلال في سياساته التهويدية.
وتصاعد التوتر خلال الأيام الأخيرة في القدس الشرقية بسبب قضية الإخلاء لعائلات مقدسية من بيوتها في حي الشيخ جراح. وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا، قد أمهلت الأحد، 4 عائلات فلسطينية مهددة بالإخلاء من حي الشيخ جراح، في القدس، حتى اليوم (الخميس)، من أجل التوصل لاتفاق مع المستوطنين بشأن ملكية الأراضي المقامة عليها منازلهم.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.