الجزائر: {منظمة المجاهدين} تعتبر أن «جبهة التحرير» لا تستحق اسمها

بعد رفض ترشح الأمين العام للحزب للانتخابات التشريعية

جانب من المظاهرات الجزائرية الرافضة للانتخابات (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الجزائرية الرافضة للانتخابات (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: {منظمة المجاهدين} تعتبر أن «جبهة التحرير» لا تستحق اسمها

جانب من المظاهرات الجزائرية الرافضة للانتخابات (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الجزائرية الرافضة للانتخابات (أ.ف.ب)

طالبت «منظمة المجاهدين» في الجزائر بسحب اسم «جبهة التحرير الوطني»، التي قادت ثورة الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي في خمسينات القرن الماضي، من الحزب الذي يحمل اسمها، بعد أن رُفض ترشح أمينه العام أبو الفضل بعجي لانتخابات البرلمان، بحجة عدم إثبات انخراطه في الخدمة العسكرية.
وقال الأمين العام بالنيابة للمنظمة، محند ولحاج واعمر، أمس عبر قناتها على «يوتيوب»، إنه «عار أن يقصى أمين عام (جبهة التحرير) من سباق التشريعيات بسبب عدم أدائه الخدمة الوطنية»، موضحاً أن المنظمة التي تملك ثقلاً سياسياً وتاريخياً كبيراً في أوساط الحكم «تأسف للوضع الذي آلت إليه (جبهة التحرير) منذ 1962 (تاريخ الاستقلال). فقد كان الشرط الأساسي للانخراط فيها (بعد الاستقلال) هو المشاركة في حرب التحرير الوطني»، في إشارة إلى أنه ليس مقبولاً ألا يكون أمين عام كيان سياسي يعود له فضل طرد الاستعمار، قد أدى واجب الخدمة في صفوف الجيش الوطني.
وأضاف واعمر متحسراً: «إنه الانحطاط؛ حتى لا أقول أكثر من هذا. بل قد استهلكنا انحطاطنا»، مبرزاً أن حزب «(جبهة التحرير الوطني) لا يستحق هذا العنوان الرمز، لهذا طلبنا منذ عام أن ينزع منه بعد أن لاحظنا أن الذين يقودونه يشغلون المناصب من دون شرعية. واليوم نعيد نفس الطلب: يجب سحب اسم (جبهة التحرير الوطني) من الحزب... علينا أن نحافظ على نظافة الاسم».
وبحسب أمين عام «المنظمة»، فإن رفض ملف ترشح أبو الفضل بعجي «يعدّ سبباً آخر للإصرار على سحب العنوان التاريخي من الحزب... إنه أمر يدعو للخجل». وقال إنه «يجب طي هذا العنوان من أجل التاريخ؛ لأنه ينتمي للتاريخ والذاكرة. فمنذ إطلاق التعددية الحزبية (بموجب مراجعة للدستور في 1989) انتهى التعامل مع (حزب جبهة التحرير)، وبات كرمز ملكاً لكل الشعب. ولذلك يجب إبعاد المليارديرات والتجار والانتهازيين عنه»، مشيراً إلى أن المشاركين في حرب الاستقلال، ممن بقوا على قيد الحياة، «هم الورثة الشرعيون لـ(جبهة التحرير) عن طريق منظمتهم».
يذكر أن «سلطة الانتخابات» أزاحت عشرات المترشحين للانتخابات من لوائح الترشيحات التابعة لأحزاب ومستقلين. فيما طالبت «منظمة المجاهدين» في مارس (آذار) 2020 بـ«إدراج (جبهة التحرير الوطني) مؤسسةً مرجعيةً مستقلةً»، في وثيقة مراجعة الدستور، الذي جرى الاستفتاء عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه. غير أن الرئيس عبد المجيد تبون لم ينزل عند طلبها.
جاء ذلك في سياق الحراك الشعبي ومطالبة المتظاهرين بـ«حل (حزب جبهة التحرير) وإحالته على المتحف»، بسبب ضلوع قياديين منه في فساد، وسجن أمينين عامين سابقين له بتهم اختلاس مال عام، واستغلال النفوذ وسوء التسيير، هما: جمال ولد عباس، ومحمد جميعي.
وعلى خلفية شبهات الفساد، التي تحوم حول قياديين بالحزب منذ سنوات طويلة، دعت «منظمة المجاهدين» إلى «وجوب التمييز بين (جبهة التحرير الوطني) و(حزب جبهة التحرير الوطني)، الذي نعرف جيداً كيف تم استغلاله وإفراغه من مناضليه المخلصين النزهاء، وفتح أبوابه أمام المتسلقين والانتهازيين»؛ حسب واعمر.
وخلّف إقصاء «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» بعجي من منافسة 12 يونيو (حزيران) المقبل زلزالاً في الحزب. وعده قدامى المنتسبين للحزب «فضيحة سياسية». وأطلق مناضلوه في العاصمة وبعض المحافظات الكبيرة مساع لإقالته من المنصب الذي وصل إليه في مايو (أيار) 2020.
وأكدت قيادة الحزب في بيان أن بعجي «كان قد اتخذ قراره بعدم استكمال ملف ترشحه، والانسحاب من سباق الترشح، لاعتبارات سياسية وشخصية، قبل أن تبلغه سلطة الانتخابات رفض ملفه رفضاً إدارياً، وليس سياسياً أو أمنياً»، في إشارة ضمناً إلى رفض ترشح أشخاص عدة بمبرر «تحفظات أمنية»، حسبما جاء في تقارير «سلطة الانتخابات».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».