تونس: «اتحاد الشغل» يرفض إصلاحات الحكومة ويتمسك برفع الأجور

حذّر من تفجر احتقان اجتماعي واسع

رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال حواره مع وكالة «رويترز»
رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال حواره مع وكالة «رويترز»
TT

تونس: «اتحاد الشغل» يرفض إصلاحات الحكومة ويتمسك برفع الأجور

رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال حواره مع وكالة «رويترز»
رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال حواره مع وكالة «رويترز»

قال الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، ذو التأثير القوي في البلاد، أمس، إنه يرفض الإصلاحات المقترحة لخفض كتلة الأجور وخفض الدعم، معتبراً أنها إجراءات «غير اجتماعية»، وشدد على تمسكه ببدء مفاوضات لرفع الأجور في القطاع العام في ظل الصعوبات المعيشية للتونسيين.
وبدأ وفد تونسي يقوده وزير المالية ومحافظ البنك المركزي هذا الأسبوع زيارة إلى واشنطن للنقاش مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تمويلي، قال رئيس الحكومة هشام المشيشي، إنه يتطلع أن يكون في حدود أربعة مليارات دولار. لكنّ المقرضين، بما فيهم صندوق النقد، يعدّون أن موافقة اتحاد الشغل على الإصلاحات «أمر ضروري» لضمان الحصول على برنامج قرض لتمويل العجز ودفع ديون خارجية هذا العام.
وبهذا الخصوص قال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، سامي الطاهري، لوكالة «رويترز» إنها «إجراءات أحادية لم نناقشها مع الحكومة، وفوجئنا بتفاصيلها عبر (رويترز)». مضيفاً: «نحن لا نقبل إجراءات غير شعبية وغير اجتماعية، وهي هروب للأمام من الحكومة، والبحث عن حلول سهلة ومسكنات». مضيفاً أن أزمة المالية العمومية «أكبر من مجرد الحديث عن كتلة الأجور، ويتعين على الحكومة البحث عن أموال كبرى من التهرب الضريبي، وتفادي المس بالموظفين وعامة التونسيين الذين يعانون ظروفاً اقتصادية صعبة».
وأمس كشفت «رويترز» استناداً إلى وثيقة حكومية حصلت عليها، أن تونس تريد خفض كتلة الأجور إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، مقابل 17.4% في 2020 من خلال التشجيع على المغادرة الطوعية للموظفين مقابل حصولهم على 25% من الراتب أو الحصول على نصف الراتب مقابل أيام عمل أقل.
وقالت الحكومة الشهر الماضي إنها توصلت لاتفاق حول ضرورة شن إصلاحات عاجلة، لكن الطاهري قال إن الاتفاق لم يتعرض لأيٍّ من هذه التفاصيل، موضحاً أن الحكومة «لا تعتمد الشفافية».
وأضاف المسؤول النقابي أن «اتحاد الشغل» متمسك ببدء مفاوضات لرفع الأجور في الوظيفة العمومية، محذراً من أن المس بكتلة الأجور، واستمرار تجميد الانتدابات، سيكدّسان مزيداً من العاطلين من حاملي الشهادات، وقد يفجر احتقاناً اجتماعياً واسعاً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».