قطع تراثية تعيد اكتشاف طقوس رمضان في مصر وتونس

احتفاءً بعادات وطقوس الشعبين المصري والتونسي، في شهر رمضان يحتضن غاليري «نوت» بالقاهرة، معرضاً جماعياً تحت عنوان «رمضان في نوت» لـ11 فناناً مصرياً وتونسياً، يضم نحو 150 عملاً بخامات واتجاهات فنية متنوعة، من بينها قطع عصرية من الباتيك، والملابس، والسجاد اليدوي والحقائب وقطع من جذوع الأشجار والمزهريات، ووحدات الإضاءة واللوحات وقطع ديكور صغيرة وحُلي، إضافة إلى أعمال من النحت والخزف.
مها فخر الدين، مديرة غاليري «نوت» تقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحرص خلال الشهر الكريم سنوياً على تنظيم معرض يسرد حكايات المصريين مع رمضان، وعمق سعادتهم بقدومه، وما يرتبط بذلك من احتفالات وطقوس وعادات ممتدة على مر السنين».
ويتميز المعرض الجديد بتنوع معروضاته واهتمامها بالفنون التطبيقية إلى جانب الرسم والتصوير، على غرار الباتيك الذي يُقدم بالغاليري لأول مرة، وذلك تماهياً مع تنامي اهتمام المرأة المصرية به، فهو فن كانت بدايته في الحضارة المصرية ومن ثم انتقل إلى حضارات أخرى، واختفى من مصر فترة طويلة حتى أعيد إحياؤه مرة أخرى في الخمسينات علي يد المهندس رمسيس ويصا واصف بقرية الحرانية، والذي تتلمذت فيها الفنانة صباح أبو راس، التي تقدم لنا مجموعة من أعمالها الفنية المميزة المستوحاة من البيئة المحلية، وخصوصاً بشهر رمضان.
في السياق ذاته، يضم المعرض أعمالاً تنطلق من مفهوم يكرسه الغاليري، وهو انتقاء أعمال يحولها الفن إلى أشياء يمكن الاستفادة منها في ممارسات الحياة، بدلاً من الاكتفاء بعرضها على الحائط كلوحات فنية فقط، ومن أبرز ملامح ومعطيات هذا المفهوم القسم الخاص بالفنانة نيها حتة بالمعرض، فبينما تزدان الجدران به بلوحات فنية للفنانة، يرى الزائر صوراً لتصاميم أزياء عصرية وحوامل تقدم ملابس مستلهمة من اللوحات نفسها، وقامت حتة أيضاً بتصميمها وتنفيذها في تمازج بين الفنون المختلفة.
وتقول نيها لـ«الشرق الأوسط»: «ترتبط المولوية الصوفية بالشهر الفضيل؛ لذلك استوحيت منها جانباً كبيراً، إضافة إلى زينة الشارع التي يتبارى الجميع في تعليقها أمام بيوتهم في مختلف أحياء مصر المتواضعة والراقية، بل وتجدها حتى في أي تجمع سكني جديد، من هنا قدمت أيضاً ملابس تحاكي الزينة الورقية الملونة بأشكالها المعروفة التي تتخذ في الغالب شكل المثلث المكرر».
وفي تجربة فنية مماثلة يضم المعرض أعمالاً للفنانة التونسية عائشة حمدي التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «رحبت بالمشاركة في المعرض الذي يأتي مواكباً بعام التبادل الثقافي المصري - التونسي، ولاعتزازي أيضاً باحتفال المصريين بشهر رمضان، وما يرتبط به من أجواء تراثية وفلكلورية، وقد حفزني ذلك على تقديم أعمال تحمل الطابع نفسه، نابعة من تراث تونس عبر مجموعة من اللوحات التي تم تحويل بعضها إلى رسم يدوي وتطريز علي شيلان وملابس وحُلي».
وتأخذ الفنانة المصرية إيمان حكيم زائر المعرض إلى كل ما هو مصري صميم عبر أعمال متنوعة تم توظيفها للاستعمال اليومي ما بين اللوحات الفنية والمعلقات النسيجية والمزهريات والأطباق والأباجورات الزاخرة بمفردات وعناصر ووجوه مصرية خالصة في أغلبها تعبر عن حياة البسطاء وأصالة طقوسهم وعاداتهم الممتدة إلى آلاف السنين، والتي عبرت عنها بألوانها المأخوذة عن ضوء الشمس، وأسلوب المدرسة التأثيرية التعبيرية.
ويقدم الدكتور كرم مسعد مجموعة من الحلي المستوحاة من التراث الشعبي، بينما تحول الفنانة هند راغب مجموعة من لوحاتها المصنعة بدقة شديدة إلى فن الديكوباچ في شكل حقائب وحُلي من الجلد إضافة إلى الأواني، ويستحضر الفنان الشاب محمود رشدي أجواء رمضان في مجموعة تحاور بعضها من القطع الخزفية، ويقدم الفنان علي المريخي أعمالاً دافئة من مسقط رأسه أسوان تعكس حميمية الأسرة المصرية، ويُعد المعرض مدخلاً لتجسيد الحرف المصرية وأصحاب المهن التقليديين مثل الخيامية المرتبطة بالتراث الرمضاني في مصر وصانع الفانوس وباعة الفول والعرقسوس والكنافة.