وهج تقييم نسب المشاهدة يخفت في رمضان 2021

بعدما كانت محطات التلفزة والمشاهدون يترقبون أرقامه

مسلسل «عشرين عشرين»
مسلسل «عشرين عشرين»
TT

وهج تقييم نسب المشاهدة يخفت في رمضان 2021

مسلسل «عشرين عشرين»
مسلسل «عشرين عشرين»

يسجل تقييم نسب المشاهدة لدى محطات التلفزة المعروف بـ«الرايتينغ» غياباً ملحوظاً على أجندة القنوات المحلية في موسم رمضان 2021، فهو وعلى عكس سنوات ماضية يلفه صمت تام. حتى أن اللبنانيين أنفسهم ما عادوا كما في السنوات الفائتة، يترقبون التقييم للتعرف إلى مدى تحقيق هذا العمل انتصاره على الآخر. فهم يكتفون حالياً بمتابعة القناة التي تحاكي تطلعاتهم السياسية الغارقين في زواريبها. أرقام نسب المشاهدة بالنسبة لهم صارت تفصيلاً، في ظل أوضاع مادية واجتماعية متردية يعيشونها.
التنافس الذي كان قائماً بين القنوات المحلية على تسجيل الأعلى بين هذه الأرقام في الشهر الفضيل، هو شبه غائب في ظل تراجع الإيرادات الإعلانية. فالأحداث التي توالت على لبنان منذ نحو سنتين حتى اليوم أسهمت في ترديها. وما تبقى منها بالكاد يمكن ذكره، إذ إنها باتت لا تتجاوز نسبة الـ5 في المائة من رصيدها الإعلاني في الأعوام الماضية. وما كان يدفع شركات إعلانية لاختيار هذه المحطة عن غيرها لأنها متابعة بشكل أكبر من المشاهد، لم يعد يجوز أخذه اليوم بعين الاعتبار. فالإمكانات المادية المتراجعة التي تشكو منها غالبية محطات التلفزة، تسببت بتعثر عملية العرض والطلب، التي كانت تجري عادة بينها وبين شركات الإنتاج. ونسب المشاهدة العالية ما عادت من أولوياتها، إلا من باب الفضول وتحسين أدائها ليس أكثر. كما أن إمكانية ترجمتها إلى دولارات أصبح غير وارد.
وجاءت شبكة برامج رمضان هذا العام خجولة عند بعض محطات التلفزة. واعتمدت فيها سياسة إكمال عرض مسلسلاتها المحلية لشبكة الشتاء. وبناء على ذلك أكملت محطة «إل بي سي آي» عرض مسلسل «رصيف الغرباء» للمنتج والمخرج إيلي معلوف، فيما قدمت قناة «الجديد» حلقات جديدة من الجزء الثالث لمسلسل «الباشا» والثاني لـ«موجة غضب». وهذه السياسة التي اعتمدتهما المحطتان، كان سبق وأن حققتا من خلالها في أعوام منصرمة نسب مشاهدة عالية. فـ«إل بي سي آي» تصدرت نسب المشاهدة في مواسم رمضانية سابقة، بعد أن قررت إكمال عرض مسلسلاتها الشتوية كـ«كل الحب كل الغرام» في عام 2018، و«وين كنت» في العام الذي سبقه. والأمر نفسه حققته «الجديد» بعد أن أكملت في رمضان الفائت عرض مسلسلاتها التركية «البحر الأسود» و«حب أبيض وأسود». ولكن ما كان رائجاً في الماضي ما عاد يصلح تطبيقه اليوم، في ظل انفتاح المشاهد على منصات إلكترونية. وهو ما رفع كلفة إرضائه وجذبه إلى الشاشة الصغيرة.
وحدها قناة «أم تي في» غردت خارج السرب في موسم رمضان الحالي. وقدمت سلة درامية منوعة تتألف من أعمال عربية مختلطة وأخرى محلية جديدة. وهي تعرض المسلسلات التالية، «2020» و«راحوا» و«للموت»، وهي أعمال درامية تستقطب نسب مشاهدة عالية، خصوصاً أن منصات إلكترونية كـ«شاهد» و«جوي» اختارتها من ضمن قائمتها الترفيهية في شهر رمضان. فهذه الأعمال تعد من الإنتاجات الجديدة لشركات عربية رائدة كـ«الصباح إخوان» و«إيغل فيلمز» التي يُحسب لها حساب في موسم رمضان.
والمعروف أن «إم تي في» كانت أول من تخلى عن «الرايتينغ» في منافستها المحطات الأخرى. وذلك إثر تشكيكها بصدقيتها من ناحية، وللثقة الكبيرة التي تكنها لجمهورها من ناحية ثانية. هذا العام يغيب التنافس عن تحقيق أرقام مشاهدة عالية، مع أن مراقبتها من قبل المحطات تحصيل حاصل، طوال أيام السنة من باب تحسين الأداء.
وحسب إحصاءات تعود إلى شركة «إيبسوس نيلسن» للدراسات، فقد حققت محطة «إم تي في» أكبر نسب مشاهدة للأسبوع الثاني على التوالي من الشهر الفضيل.
وحصد مسلسل «راحوا» المركز الأول وتلاه كل من «2020» و«للموت» في المركزين الثاني والثالث، متقدمين على باقي الأعمال الدرامية المعروضة على قنوات أخرى.
فيما حل مسلسل «رصيف الغرباء» على شاشة «إل بي سي آي» في المركز الرابع. ويعلق مدير برامج «إم تي في» جوزف حسيني في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إننا كـ(إم تي في) فخورون بما نحققه اليوم بعدما أخذنا على عاتقنا السير قدماً، رغم كل المصاعب التي نواجهها. والسياسة التي يتبعها رئيس مجلس إدارة المحطة ميشال المر، من خلال عرض الجديد على الشاشة، من أعمال لبنانية وتركية كانت ناجحة. فلقد جازفنا بكل شيء من أجل إرضاء مشاهدنا في موسم رمضان وكذلك طيلة أيام السنة.
فقبل رمضان عرضنا باقة من الأعمال الدرامية («الهيبة» و«من الآخر» و«حادث قلب» و«ع اسمك»)، وبذلك كنا بعيدين عن الاستسلام للأمر الواقع. ويتابع: «أما الصمت الذي تتحدثين عنه حول تقييم نسب المشاهدة من قبل المحطات، فهو أمر طبيعي بعد أن كانت بعضها تفتخر بتصدرها، وتطبل لأرقام عالية حققتها. فتلك المحطات حاولت، ولكنها خسرت، إذ لم تأت خياراتها على قدر رغبات المشاهد. فنحن أيضاً نعاني من إمكانات مادية متردية كغيرنا من المحطات، ولكننا شئنا أن نخاطر كي نبقى على مستوى تطلعات المشاهد الذي بات أكثر تطلباً من الأمس».
ويتابع في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أن (إم تي ف) تحقق نسب المشاهدة لأعمالها الرمضانية أضعاف ما تحققه المحطات الباقية. وهذا الأمر نلمسه على أرض الواقع عبر صفحاتنا الإلكترونية، والتفاعل الكبير مع مسلسلاتنا عبر وسائل التواصل. فهي تحتل (التراندات) بشكل يومي.
كما أن المسلسلات الأخرى المعروضة ومع كل المودة التي أكنها لمنتجيها، ليست على المستوى المطلوب لتنافس في شهر رمضان. وأن تقديم (إم تي في) مادة ترفيهية بهذا المستوى، تدرجها منصات إلكترونية مشهورة على لائحة عروضها الرمضانية، لهو أمر نعتز به كثيراً ويميزنا عن غيرنا. هذا رغم خسارتنا لشريحة لا يستهان بها من المشاهدين، يجري قطع بث (إم تي في) عنهم، في عدد من المناطق اللبنانية لأسباب سياسية».
ومن ناحيته يشير طارق عمار أحد الخبراء المطلعين على نسب «الرايتينغ» في لبنان، من خلال عمله السابق كمدير شركة «جي إف كاي» للإحصاءات (أقفلت أبوابها اليوم)، أن خفوت وهج تقييم نسب المشاهدات التلفزيونية في رمضان يعود إلى أسباب عديدة. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «مع انخفاض حجم الإنفاق الإعلاني على محطات التلفزة لمستويات متدنية جداً، بسبب انهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي، أصبح التسابق العلني على نسب المشاهدة أقل حدة عن السنوات السابقة. بالطبع المحطات تتابع يومياً الإحصاءات لتحسين أدائها، إلا أن الحديث عنها وإبراز أي محطة أو برنامج هو الأكثر مشاهدة خفت. فالصراع التاريخي غير البناء على نسب المشاهدة، وكأن من يتصدر يلغي الآخر، وما يسببه من شكوك في الإحصاءات وضرر لمنتجي المسلسلات، هو بسبب تأثيرها على إيرادات المحطات. علماً بأن الإحصاءات كانت تظهر تفوق عدد لا بأس به من المسلسلات بنسب مشاهدة متقاربة، لا تستأهل كل هذا الضجيج من حولها والتشكيك بها».


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.