ردا على التصريحات التي أطلقها الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل أيام، وحمّل فيها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي مسؤولية تأجيج العنف الطائفي في العراق، شن المالكي الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس الجمهورية هجوما عنيفا على أوباما، معتبرا أن تصريحاته تلك تعكس ما سماه «حالة التخبط التي تعيشها الإدارة الأميركية في التعاطي مع الأوضاع العامة في المنطقة والعالم خصوصا ما يتعلق منها بسوريا والعراق».
وجاء في بيان صدر أمس عن مكتب المالكي أن الولايات المتحدة وحلفاءها «ارتكبوا خطأ فادحا حين حاولوا استغلال تنظيم داعش وجبهة النصرة كأدوات لإسقاط نظام الحكم في سوريا، وهي السياسة التي أسهمت بدرجة كبيرة في تنامي قدرة تنظيم داعش وتمدده إلى العراق وباقي دول المنطقة». وأشار البيان إلى أن «تنظيم داعش هو امتداد طبيعي لتنظيم القاعدة الذي حاربه العراقيون بدعم من أصدقائهم في الإدارة الأميركية السابقة، وقد تمكنت القوات الأمنية من توجيه ضربات قاصمة لتنظيم القاعدة قبل انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية عام 2011، لكن اندلاع الاضطرابات في سوريا وتصميم واشنطن وحلفائها على إسقاط النظام السوري عسكريا قد أسهم بدرجة كبيرة في ولادة تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرهما، ليتمدد (داعش) من سوريا إلى العراق ثم إلى الأردن ومصر وليبيا واليمن»، مبينا أن «ما يثير علامات الاستفهام الكبيرة هو تجاهل الإدارة الأميركية لتحذيرات العراق المتكررة خصوصا أثناء الزيارة التي قام بها المالكي إلى الولايات المتحدة في أواخر عام 2011»، مضيفا أن «العراق لم يتوقف عن تحذيراته المتلاحقة حتى قيام (داعش) بالهجوم على محافظة الموصل وسط حالة من اللامبالاة في واشنطن».
وكشف المالكي أن «الحكومة العراقية السابقة أبلغت الإدارة الأميركية بشأن قيام تنظيم داعش بإقامة معسكرات في عمق الأراضي بين العراق وسوريا، وطالبت الحكومة الأميركية بالوفاء بالتزاماتها تجاه العراق طبقا لاتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين، لكن الإدارة الأميركية التزمت جانب التسويف والمماطلة»، مضيفا «كما ناشد العراق مرارا وتكرارا الإدارة الأميركية تسليمه الطائرات والأسلحة والمعدات العسكرية التي تعاقد على شرائها ودفع أثمانها، لكن واشنطن التي لم تصغ لتحذيرات بغداد لم تستجب أيضا لمناشداتها بتسليح القوات الأمنية بالمعدات اللازمة لتتمكن من ضرب وتدمير معسكرات الإرهابيين قبل قيامهم بالاقتراب من المدن العراقية ومهاجمة الموصل».
وأعتبر المالكي أن «تنظيم داعش الإرهابي هو المستفيد الأول من التصريحات غير المسؤولة للرئيس باراك أوباما، وأن الاستمرار في إطلاق هكذا تصريحات سيؤدي إلى إضعاف عزيمة القوات الأمنية في معركتها المصيرية مع الإرهابيين في وقت تكتفي فيه الإدارة الأميركية بالقيام بضربات جوية استعراضية».
وفي هذا السياق، أكد محمد ناجي، عضو البرلمان العراقي والقيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهدف من التصريحات التي أدلى بها أوباما هو إلقاء الكرة في ملعب الآخرين، بينما المسؤولية الكاملة تعود إلى السياسة الخاطئة التي اتبعتها الإدارة الأميركية ليس على صعيد الملف العراقي بل كل ملفات المنطقة». وأضاف محمد أن «المستغرب أن الإدارة الأميركية سبق أن دعمت المالكي ووقعت معه اتفاقيات، منها اتفاقية الانسحاب والإطار الاستراتيجي والتي التزمت الولايات المتحدة الأميركي بموجبها بمساعدة العراق، بما في ذلك عقود التسليح التي بقيت حبرا على ورق على الرغم من أننا دفعنا مليارات الدولارات ولم نحصل حتى الآن على السلاح الذي من شأنه مساعدتنا في القضاء على (داعش)». وردا على سؤال حول التناقض في الموقف الأميركي بين مهاجمة المالكي ودعم العبادي، قال محمد إن «الأميركيين سيقومون بدعم العبادي مثلما هو حاصل اليوم، لكن هدفهم من وراء ذلك عبور مرحلة معينة مثلما فعلوا مع المالكي الذي يحملونه اليوم مسؤولية (داعش) وهو أمر سيتكرر في المستقبل حين يتخلون عن العبادي».
على الصعيد نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي السابق عن كتلة التحالف الكردستاني شوان محمد طه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بلا شك أن الإدارة الأميركية تتحمل المسؤولية الأخلاقية عن الكثير مما يجري في المنطقة، لكن في مقابل ذلك علينا عدم تحميل الآخرين مسؤولية الأخطاء التي نرتكبها». وأضاف أن «إدارة المالكي للحكم كانت خاطئة، وأنه عمل على تسييس المنظومة الأمنية والعسكرية، وأنفق عشرات مليارات الدولارات لتسليح الجيش، لكنه انهار في ساعات». وأضاف طه أنه «من الأخطاء القاتلة للمالكي اتباعه سياسة المحاور والاصطفافات الإقليمية، الأمر الذي أدى إلى تخريب علاقات العراق مع دول الجوار الأخرى، وهو ما أدى إلى تشتيت الخطاب السياسي العراقي».
المالكي يحمل إدارة أوباما مسؤولية تمدد «داعش» في سوريا والعراق
قيادي في ائتلافه توقع أن تتخلى واشنطن عن العبادي كما تخلت عنه
المالكي يحمل إدارة أوباما مسؤولية تمدد «داعش» في سوريا والعراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة