مصر: الإطلالة الرمضانية الأخيرة لفنانين راحلين تأسر المشاهدين

هادي الجيار وأحلام الجريتلي ويوسف شعبان في مقدمهم

أحلام الجريتلي وأحمد السقا في لقطة من «نسل الأغراب»
أحلام الجريتلي وأحمد السقا في لقطة من «نسل الأغراب»
TT

مصر: الإطلالة الرمضانية الأخيرة لفنانين راحلين تأسر المشاهدين

أحلام الجريتلي وأحمد السقا في لقطة من «نسل الأغراب»
أحلام الجريتلي وأحمد السقا في لقطة من «نسل الأغراب»

أسرت الإطلالة الرمضانية الأخيرة لفنانين مصريين رحلوا عن عالمنا في بداية العام الجاري قلوب المشاهدين في مصر والعالم العربي، لا سيما أن مشاهدهم التمثيلية انتهت بالموت خلال الحلقات، ومن أبرزهم، هادي الجيار الذي غيبه الموت في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، عن عمر ناهز 71 عاماً، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، بعد مشوار فني طويل شارك خلاله بعشرات الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية.
وشهد مسلسل «الاختيار 2» الظهور الأخير للجيار حيث قدم دور والد «يوسف الرفاعي» الذي يجسده أحمد مكي، وظهر الجيار في لقطات عدة، واتسم ظهوره بخفة الظل وشخصية الأب الحنون، حتى الإعلان عن رحيله المفاجئ في الحلقة التاسعة عشر من المسلسل، وعالج المخرج رحيل الجيار درامياً بشكل مميز، حيث تلقى «يوسف» أحمد مكي مكالمة هاتفية من عمه «عادل» الذي يجسده أحمد حلاوة يخبره فيها بنقل والده إلى المستشفى، ليذهب مسرعاً إلى هناك ويفاجئ بموته، ليسدل بذلك الستار على مسيرة الجيار الفنية، وهو ما تعاطف الكثير معه عبر «السوشيال ميديا» بعد الاهتمام بمشاهد الفنان الراحل.
أمّا الفنانة الراحلة أحلام الجريتلي، التي تجسد دور «شامية»... «والدة غفرن الغريب» الذي يقدمه الفنان أمير كرارة في مسلسل «نسل الأغراب» فقد خطفت الأنظار رغم ظهورها المحدود في المسلسل، نظراً لتجسيدها دور سيدة تم اختطافها وحبسها لمدة 20 عاماً، وأطلت الجريتلي في الحلقة الـ19 من المسلسل بشكل مميز، حيث دخلت الجريتلي في سجال مع خصم ابنها «سعفان الغريب» الذي يقدمه أحمد السقا قبيل إطلاق سراحها ودخولها قصر ابنها الفخم والبحث عن آثار السنين الضائعة بين أركانه.
وقال المخرج المصري محمد سامي مخرج «نسل الأغراب» في مقابلة تلفزيونية مساء أول من أمس، إنه تأثر كثيراً برحيل الجريتلي، لا سيما أنه كانت تربطه بها علاقة طيبة، مضيفاً: «خلال تصوير أحد المشاهد باغتتني بسؤال غريب، هل ستحزن عندما أموت يا محمد؟، لكنني دخلت في وصلة مزاح معها، وبعد هذا اللقاء بيومين استقبلت مكالمة تخبرني بوفاتها، ما أصابني بحالة من الاكتئاب».
وشاركت الجريتلي كذلك بمسلسل «القاهرة - كابول» في الموسم الرمضاني الجاري، وتوفيت «خيرات» والدة «رمزي» الذي يجسده طارق لطفي، خلال أحداث الحلقة الـ15 من العمل، ولجأ صناع العمل إلى ذلك بعد وفاتها في بداية شهر مارس (آذار) الماضي، بشكل مفاجئ عن عمر يناهز 70 عاماً، وخيّم الحزن على الوسط الفني المصري وقتئذ، لتشييع جنازة الجريتلي في اليوم ذاته الذي شُيّع فيه جثمان الفنان الكبير الراحل يوسف شعبان، الذي رحل عن عمر ناهز 90 عاماً متأثراً بـ«كورونا».
وظهر يوسف شعبان في بداية حلقات مسلسل «ملوك الجدعنة» بطولة مصطفى شعبان وعمرو سعد، وبدا متأثراً بتقدمه في العمر، ورغم ذلك فإن طريقة حديثه المعتادة لم تتغير. وأصيب شعبان بوعكة صحية عقب عودته من بيروت التي استضافت تصوير المسلسل، وثبت إيجابية إصابته بكورونا، هو وزوجته إيمان التي كانت برفقته في لبنان، حتى وافته المنية بالقاهرة، تاركاً إرثاً كبيراً من الأعمال الفنية الشهيرة.
ويعزي الناقد المصري خالد محمود، هذا التعاطف والتفاعل الإنساني مع المشاهد الأخيرة لهؤلاء الفنانين، إلى «حضورهم المميز على الشاشة وانتمائهم إلى (مدرسة التمثيل القوية)»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم يشعر الجمهور برحيل الفنان الكبير هادي الجيار بسبب خط دوره الدرامي الواضح، إذ لعب دور الأب بشكل رائع وصادق». مشيراً إلى «أن مخرج المسلسل تعامل مع رحيله بذكاء شديد ووظفه في سياق الأحداث ليبدو الأمر طبيعياً». ولفت إلى أن «رؤية هؤلاء النجوم على الشاشة خلال رمضان بعد رحيلهم، تكون مفعمة بالمشاعر الصادقة والحزينة في الوقت ذاته، فمن يتحدثون ويسيرون أمامه على الشاشة، رحلوا نهائياً عن عالمنا في الحقيقة».



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.