تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر

خلاف علني بين قيادات التنظيم بعد لقاء مثير للجدل مع معارضين لإردوغان

تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
TT

تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر

تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر

في الوقت الذي تترقب فيه أطراف إقليمية ودولية الزيارة التي أعلن عنها مسؤولون أتراك وتتضمن وصول وفد رسمي من بلادهم إلى القاهرة للقاء مسؤولين مصريين بهدف إحراز تقدم في مساعي «التفاهم» بين الجانبين، تواصلت انعكاسات ذلك الاتجاه على صفوف جماعة «الإخوان» التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، وأظهرت قيادات في الجماعة تبايناً كبيراً بشأن المسؤولية عن «تردي الأوضاع «داخلها».
وفجر بيان أصدره نائب المرشد العام للجماعة إبراهيم منير على خلفية لقاء عدد من قيادات التنظيم مع رئيس «حزب السعادة» المعارض غضبا واسعا وعمق من صراع الأجنحة داخل صفوف التنظيم وحالة التخبط التي أعقبت التقارب التركي مع مصر. وتسبب البيان في استياء واسع بعدما وصف الإخوان المقيمين في تركيا بـ«اللاجئين».
وجاء بيان منير، غداة الكشف عن لقاء قيادات من الإخوان مع رئيس حزب تركي معارض، وهو ما حاول القائم بأعمال المرشد تفنيده، وقال إن قيادات من «الإخوان» و«قوى أخرى» كانت تستهدف «الالتقاء مع بعض المؤسسات التركية المجتمعية، لتوضيح أحوال المصريين اللاجئين إلى تركيا». وواصل متعهداً: «مع واجب الاعتراف بالفضل لأصحاب الفضل في تركيا، رئيسا وحكومة وشعبا، نؤكد باسم (الإخوان) الوفاء الكامل لكرم الضيافة والالتزام بواجباتها واحترام كل القوانين والنظم والأعراف وعدم المساس باستقرار وأمن هذا البلد». وأبدى جناح «شباب الإخوان» ردة فعل غاضبة على البيان الذي حمل عنوان «شكر وتقدير» لتركيا ووصفوه بأنه «خزي وعار». وأعلنوا تبرؤهم من البيان الذي لا يمثلهم كما هاجموا منير واتهموه بترسيخ نهج الخضوع والاستجداء، الذي اتبعه منذ الإطاحة بحكم الإخوان في مصر عام 2013.
وفي منتصف الشهر الماضي، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، إن «وفداً من بلاده سيزور مصر مطلع مايو (أيار)، وأنه سيلتقي بنظيره المصري سامح شكري عقب ذلك»، ولم تنف القاهرة أو تؤكد الزيارة بشكل رسمي، لكن شكري كان اعتبر أن «مساعي أنقرة لتصويب العلاقات (مع القاهرة) مقدرة». وتوالت تعليقات شباب الإخوان، عبر حساباتهم الرسمية، بين التعليق عليه بعبارات غاضبة، أو السخرية من البيان الذي عكس كيف تتعامل معهم القيادات، على أنهم قرابين لخدمة مصالحهم، ووصفوا البيان بـ«المنبطح» و«المستسلم» وبأنه بيان «خزي وعار» صدر عن نفوس منهزمة نزع التوفيق من تفكيرهم ومواقفهم، معتبرين أن «الإصرار على حصر المصريين أصحاب القضية وأصحاب الحق في خانة اللاجئين، رغم أننا هنا لنتلقى ضيافة فقط، هو تصدير لفكرة العجز وأننا غير قادرين على العمل والحركة».
من جهته، قدر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، أن هناك «انعكاسات حقيقية وكبيرة ستظهر إقليمياً حال المضي في محاولات التقارب بين القاهرة وأنقرة، أما على مستوى تنظيم «الإخوان» فإنه ثمة اهتمامات رئيسية تشغل القائمين على الجماعة ومنها؛ أولاً: التواجد الإعلامي الذي يشغل الإخوان والإدارة التركية، لأن المنصات المصنفة معادية بالنسبة لمصر كان لها دور في الهجوم على الدولة المصرية والتحريض عليها». وعلى مستوى آخر قال فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «إشكاليات أخرى تتعلق بالقيادات التي حصلت على الجنسية التركية، والعناصر التي تقدمت بطلب لنفس الهدف وفي انتظار الحصول عليها، فضلاً عن تأثير التقارب على الدعم المالي لعناصر الجماعة والتنظيم الدولي، والتي كانت تتم على الأراضي التركية بلا ممانعة من السلطات».
وذهب القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» عاصم عبد الماجد، الهارب إلى تركيا، إلى أن هناك جناحا من تنظيم «الإخوان» فتح الباب {للمواجهة مع إردوغان وحزبه (العدالة والتنمية الحاكم)، تحسباً لغدر السلطات التركية وإردوغان». وقال عبر صفحته على «فيسبوك» إن «الرئيس التركي يكاد ينفجر غيظاً من تصرفات قيادات الإخوان في تركيا، وتحديداً مجموعة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة»، متهماً تلك المجموعة بـ«الخيانة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.