الراعي لا يرى حلاً نهائياً لأزمات لبنان إلا بمؤتمر دولي يكرس حياده

عودة: نحتاج إلى حكومة لا تسيطر عليها الأحزاب المتناحرة

البطريرك الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك الراعي (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي لا يرى حلاً نهائياً لأزمات لبنان إلا بمؤتمر دولي يكرس حياده

البطريرك الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك الراعي (الوكالة الوطنية)

رأى البطريرك الماروني بشارة الراعي، أن لبنان لا يمكن أن يقوم من حالته من دون مؤتمر دولي يعلن حياده، مؤكداً الحاجة إلى «حل القضايا والصراعات التي تمنع من أن يكون لبنان دولة في حالة طبيعية»، وذلك أبعد من العثرات في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية التي تَحول الخلافات السياسية دون تأليفها منذ 9 أشهر على استقالة الحكومة السابقة.
ولا ينكر المسؤولون السياسيون عمق الأزمات التي عانى منها لبنان، وقد عبّر المسؤولون خلال التهاني التي نشروها أمس بمناسبة عيد الفصح عن هذا الجانب، وهنّأ الرئيس اللبناني ميشال عون الطائفة الأرثوذكسية بعيد الفصح، آملاً أن «يضيء مساحات الظلمة في لبنان فيعبر جميع اللبنانيين عتبة الخلاص من نفق الأزمة الراهنة التي تثقل حياتهم وتهدّد مستقبل أبنائهم». ودعا للتمسك جميعاً «بالقيم الروحية ونغرف منها معنى التضحية والعمل بتجرّد من أجل وطننا».
وتوجّه الرئيس المكلّف سعد الحريري بالتهنئة إلى «اللبنانيين عموماً والمسيحيين الذين يتبعون التقويم الشرقي خصوصاً، بحلول عيد الفصح»، سائلاً الله في هذه المناسبة أن «يمكّن لبنان من تخطي الأزمات والظروف الصعبة التي يمر بها، وأن نتمكن من العبور إلى مرحلة من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي».
وفي ظل الانغلاق في ملف تشكيل الحكومة، توجه البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى المسؤولين بالقول: «الحكومة والوزارات والحكم والمؤسسات ليست لكم بل للشعب. كفى شروطاً لا تخدم الوطن والمواطنين، بل مصالح السياسيين. هذه هي الأسباب التي حملتنا على المطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، وبإعلان حياد لبنان».
وقال إن الممارسة السياسية أن لبنان تؤكد أنه «مهما طال الوقت، لا يقوم من حالته من دون مؤتمر دولي يعلن حياده»، لافتاً إلى أنه «خارج هذا المسار سيبقى لبنان يخرج من أزمة إلى أخرى، ومن حرب إلى أخرى، ومن فشل إلى آخر، ويعطي انطباعاً بأننا شعب لا يعرف أن يحكم نفسه بنفسه»، معتبراً أن ذلك «هو هدف الذين يمنعون تأليف الحكومة وإعادة بناء الدولة».
ورأى الراعي أن «مسؤولية الأمم المتحدة والدول الصديقة الذهاب إلى عمق القضية اللبنانية، وإلى جوهر الحل». وقال: «صحيح أننا بحاجة إلى حكومة، لكننا بحاجة إلى حل القضايا والصراعات التي تمنع من أن يكون لبنان دولة في حالة طبيعية».
وقال الراعي إن «ما نشكو منه هو منع تأليف الحكومات وإجراء الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية، ومنع تطبيق الدستور وتشويه مفهوم الميثاق الوطني، وتعطيل النظام الديمقراطي، والحول دون تثبيت سيادة الدولة عبر جيشها داخلياً وعلى الحدود، كل الحدود، ومنع إنهاء ازدواجية السلاح بين شرعي وغير شرعي، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الموجودين على الأراضي اللبنانية».
وأكد أنه «لا بد من الإسراع في عقد هذا المؤتمر لأن التأخر بات يشكّل خطراً على لبنان الذي بنيناه معاً نموذج الدولة الحضارية في هذا الشرق، ويستحق الحياة».
وإذ شكر الراعي لقادة المملكة العربية السعودية «إعادة السماح للشاحنات اللبنانية بالدخول إلى أراضيها»، قال: «إن أجهزة الدولة باشرت بدهم أوكار المهربين وتجار المخدرات. من واجب الدولة أن تكافح بجدية هذا الوباء الصحي والاجتماعي، وأن تبسط سلطتها على المربعات والمناطق حيث السلاح المتفلت يحمي زراعة المخدرات وتجارتها وتصديرها. وكم طالبنا الدولة أن تقفل جميع المعابر غير الشرعية وتراقب بجدية المعابر الشرعية كذلك، وتقبض على عصابات التهريب».
في سياق متصل، أكد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أنه لكي يقوم لبنان من محنته «نحن بحاجة أولاً وقبل كل شيء إلى حكومة فاعلة تقوم بالإصلاحات الضرورية، وتعيد الحياة إلى مؤسسات الدولة وإداراتها، وتفعّل أجهزة الرقابة، وتفرض هيبة الدولة والقانون وتكسب ثقة المجتمع الدولي».
وقال عودة: «إننا بحاجة إلى حكومة لا تسيطر عليها الأحزاب المتناحرة، بل يكون أعضاؤها من أصحاب الاختصاص الناجحين في أعمالهم، المجلين كلٌّ في حقل اختصاصه، غير طامعين بمكاسب ونفوذ، بل مريدون خدمة وطنهم ووقف انهياره وإصلاح إدارته. نحن بحاجة إلى حكومة تنتزع ثقة الشعب بإنجازاتها وأولها مصارحة الشعب بالحقيقة، حقيقة انفجار المرفأ، والحقيقة حول وضع البلد المالي، وما مصير ودائع المواطنين وجنى أعمارهم، ومن تسبب في اندثارها، والحقيقة حول تهريب المحروقات والمواد الغذائية المدعومة بمال الشعب، ووضع المعابر والجمارك والانفلات على الحدود». وأضاف: «نحن بحاجة إلى حكومة تفرض القانون وتحاسب، تقتصّ من كل مَن يتطاول على هيبة الدولة وعلى المال العام، ومن يقوم بالاغتيالات، وكل من يشوّه وجه لبنان بجعله مصدراً أو معبراً للممنوعات، وكل مَن يستغل مركزه أو نفوذه لتهريب ثروات اللبنانيين ومنتجاتهم بطرق غير شرعية».
وأكد عودة الحاجة إلى حكومة «تكافح الفساد بالفعل لا بالشعارات، وتحفظ حقوق الناس، كل الناس، وكراماتهم، وتمنع أي تعدٍّ على المواطنين والإعلاميين»، كما أكد الحاجة إلى «حكومة تنقلنا من الحضيض إلى حياة كريمة ينال فيها المواطن حقوقه بلا منّة من أحد، ويقوم بواجباته بفرح وثقة بدولته العادلة المستقوية فقط بجيشها الساهر على أمنها، وبقضائها المستقل الذي يحكم باسم الشعب، لا باسم فئة أو حزب أو طائفة». وإذ أكد الحرص على أموال الناس، قال إنه «للوصول إلى هذا الحق نحن بحاجة إلى قضاء متحرر من السياسة ومن كل ارتباط، ليحكم بالحق والعدل والنزاهة وعدم التمييز».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.