«زلابية بوفاريك»... عروس الحلوى في رمضان

اشتهرت بصنعها عائلات عريقة في مدينة صغيرة بالجزائر

تعد بوفاريك أشهر منطقة تُصنع فيها الزلابية بالجزائر
تعد بوفاريك أشهر منطقة تُصنع فيها الزلابية بالجزائر
TT

«زلابية بوفاريك»... عروس الحلوى في رمضان

تعد بوفاريك أشهر منطقة تُصنع فيها الزلابية بالجزائر
تعد بوفاريك أشهر منطقة تُصنع فيها الزلابية بالجزائر

يقبل الجزائريون، خلال شهر رمضان، بشراهة على حلوى «الزلابية» ويحرصون على أن تكون مائدة القهوة والشاي بعد الإفطار، مزينة بهذا المنتوج الذي يعدُّ «ماركة» مسجَلة بأسماء عائلات احترفت صناعتها، منذ أكثر من قرن.
وتعد بوفاريك، المدينة الصغيرة التي تبعد بـ30 كلم عن العاصمة، أشهر منطقة تصنع فيها الزلابية. بل إنّ هذه الحلوى المعسلة اقترنت بالمدينة وأهلها، حيث يزداد الإقبال عليها في رمضان، ويأتيها الزائرون من مسافات بعيدة لشرائها.
يقول سليم أكسيل، بائع الزلابية عند مدخل بوفاريك، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ لديه زبائن مهاجرين كانوا يأتون من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا لشراء منتوجه بكميات كبيرة، وذلك قبل إغلاق الحدود منذ عام بسبب «كورونا». مشيراً إلى أنّ بعض الزبائن يأتونه من وهران (400 كلم غرب) وسطيف (300 كلم شرق)، لشراء الزلابية والعودة في نفس اليوم لتناولها بعد الفطور. مبرزاً أنّه ورث صناعتها من والده الذي يشتغل برفقته في المحل، ووالده تعلم الصنعة من جدّه منذ أيام الاستعمار الفرنسي.
وأضاف سليم بشأن أثر «زلابية بوفاريك» على السكان المحليين، موضحاً: «في مدينتنا تستعد عائلات شهيرة بصناعة الزلابية لرمضان أسابيع طويلة قبل دخوله. فالاستهلاك الكبير للمنتوج، يتطلب توفر يد عاملة بأعداد كبيرة، ولهذا تفتح المناسبة الباب لتوظيف عمال لمدة قصيرة». وأكد أنّ بيع المادة لشهر واحد، يدرُّ على عائلته مالاً وفيراً تسدد به حاجياتها طوال العام. لكنّه قال إنّ توقف النشاط العام الماضي بسبب «كورونا»، حرمها من عائد معتبر.
وإلى جانب أكسيل، اشتهرت عائلات بن شرقي، وشيراف، وموساوي، وشنون، بإنتاج الزلابية ببوفاريك، وقد فتحت لها فروعاً في العاصمة والمدن الكبيرة.
وأول ما يلفت زائر بوفاريك من مدخليها الرئيسيين في الطريق السريع، محلات وعربات بيع زلابية، مطصفة على مسافات طويلة في شوارعها التي تشهد اكتظاظاً للمارة والسيارات طوال النهار للشراء، مما استدعى وجوداً مكثفاً للشرطة لتسهيل حركة المرور. ويكفي في أي مدينة أخرى بالجزائر أن يضع بائع المنتوج بأنه من بوفاريك، حتى يضمن بيعه بسهوله.
وتحضَر الزلابية من الطحين الأبيض متعدّد الاستعمالات ونشا الذرة مع كمية قليلة من الماء، والخميرة الفوريّة مع فستق حلبي مجروش للزينة.
غير أن للحلوى الشعبية وجهاً آخر، غير مذاقها الشهير وشكلها الجميل الذي يتميز بتقاطر العسل. فقد حذرت جمعيات الدفاع عن صحة المستهلك، من ثلاثة مكونات للزلابية منبوذة في علم التغذية، وهي القمح المكرر والسكر المركز والزيت النباتي، والملونات الغذائية. وقالت «منظمة حماية المستهلك»، في حسابها على شبكة التواصل الاجتماعي، إنّ اتحاد القمح مع الزيت تحت درجة حرارة عالية، يشكلان مادة سرطانية عالمية المعروفة باسم «الأكريلاميد».
وأضافت المنظمة، أنّ «أسلوب القلي بالزيت التي تطبخ به الزلابية، من أسوأ الطرق في التغذية العالمية، إضافة إلى أنّها ترفع نسبة السكر في الدم إلى مستويات خيالية».
وكتب موقع «القصبة العزيزة» الإلكتروني المهتم بالتراث في أصل الزلابية، أنّ منشأها بلاد فارس، ومنها انتقلت إلى الهند والشام والأندلس، ومن ثمّ إلى شمال أفريقيا. وهي معروفة، حسبه، في جزر شرق أفريقيا كزنجبار وجزر القمر بحكم تاريخها الإسلامي العريق. مبرزاً أنّ «عدة تفسيرات تعطى لكلمة الزلابية، فقد قيل إنّ اسمها مشتق من الجلاب، وهو شراب حلو معروف بالمشرق. وما يزال سكان باكستان والهند يسمون الزلابية (جلبي) إلى اليوم، كما قيل إنّ اسمها مشتق من زرياب، الموسيقي الشهير، الذي قد يكون أول من اخترعها ونقلها إلى الأندلس في القرن التاسع ميلادي، وسماها زريابية. وجاء في روايات، أنّ الزريابية حلوى أخرى اسمها لقمة القاضي، ثم تحولت الكلمة إلى زلابية».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.