بلينكن: واشنطن لن تتراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
TT

بلينكن: واشنطن لن تتراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

بينما لم يشر بيان الناطق باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، ولا بيان وزارة الخارجية المغربية إلى تطرق أنطوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما مساء أول من أمس (الجمعة)، إلى قضية الصحراء، كشف موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي أن بلينكن قال لبوريطة إن إدارة جو بايدن لن تتراجع عن اعتراف الرئيس السابق دونالد ترمب بسيادة المغرب على الصحراء، على الأقل في الوقت الحالي، حسب ما ذكره له مصدران مطلعان على المكالمة الهاتفية بين الوزيرين. وفي غضون ذلك، ذكر بيانا الخارجية المغربية والناطق باسم الخارجية الأميركية أن بلينكن أشاد بالدور الذي يضطلع به المغرب في تحقيق الاستقرار في منطقة موسومة بالاضطراب.
وبشأن الاتفاق الثلاثي الموقع في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمغرب، رحب بلينكن باستئناف الاتصالات الرسمية بين الرباط وتل أبيب، وقال إن هذه العلاقات ستكون لها منافع على المدى الطويل، مشيراً إلى «الدور الرائد والعمل ذي المصداقية، الذي يقوم به المغرب من أجل الوصول إلى سلام دائم في الشرق الأوسط».
وكانت القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما الوضع في ليبيا ومنطقة الساحل، في صلب مباحثات الوزيرين الأميركي والمغربي.
ونوه بلينكن وبوريطة بالشراكة الاستراتيجية الصلبة والدائمة، القائمة بين المملكة المغربية والولايات المتحدة منذ عقود. وقال بلينكن إن من شأن العلاقة الشخصية القائمة بين الملك محمد السادس، والرئيس الأميركي جو بايدن، إعطاء دفعة قوية لهذه الشراكة المرتكزة على القيم والمصالح المشتركة، وعلى إرادة مشتركة للعمل من أجل تحقيق السلم والاستقرار الإقليميين.
كما أشاد بلينكن بالتقدم الذي أحرزه المغرب خلال العقدين الماضيين بقيادة الملك محمد السادس، على صعيد الإصلاحات السياسية والتقدم الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وبالدور القيادي لملك المغرب في مكافحة التغيرات المناخية، والاستثمار في الطاقة المتجددة وتعزيز الاقتصاد الأخضر.
وفي غضون ذلك، أشاد الوزيران أيضاً بالاحتفال هذا العام بالذكرى المئوية الثانية لإهداء السلطان المغربي، مولاي سليمان، مبنى المفوضية الأميركية في طنجة للولايات المتحدة، والذي يعد مثالاً على الأبعاد المتعددة للشراكة الاستراتيجية المغربية - الأميركية الطويلة الأمد.
وتعد مكالمة «الجمعة» الأولى من نوعها بين بلينكن وبوريطة، منذ تولي الرئيس بايدن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، ومرور الــ100 يوم الأولى على رئاسته. وذكر موقع «أكسيوس» أن الرباط كانت قلقة من إمكانية تراجع إدارة بايدن عن الاعتراف بمغربية الصحراء، وهو الإنجاز الدبلوماسي الذي طال انتظاره بالنسبة للمغرب، وأن إسرائيل بدورها كانت قلقة من أن يؤدي تراجع واشنطن عن الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه إلى الإضرار بعملية التطبيع مع الرباط.
وكشفت تسريبات «أكسيوس» أيضاً عن تحدث مستشار بايدن لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، إلى وزير خارجية المغرب قبل 10 أيام، معطياً الانطباع بأنه لن يكون هناك تغيير في سياسة الولايات المتحدة بشأن الصحراء، نقلاً عن مصدر مطلع على المكالمة الهاتفية بين بلينكن وبوريطة، مشيراً إلى أن كبار المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية أجروا خلال الأسابيع القليلة الماضية نقاشات كثيرة حول هذه المسألة.
وذكر المصدر ذاته أن القرار، الذي انبثق عن هذه النقاشات، لم يكن معاكساً لسياسة الرئيس السابق ترمب، بل دفع للعمل مع المغاربة على تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة إلى الصحراء في محاولة لاستئناف المحادثات بشأن الحكم الذاتي المحتمل في الصحراء.
وترى أوساط دبلوماسية في واشنطن أن إدارة الرئيس بايدن عمدت منذ البداية إلى تجميد الحديث ضمنياً عن اعتراف ترمب بسيادة المغرب على الصحراء، وهي وإن لم تتراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء، فإنها تسير بخطى بطيئة شبيهة بـ«المشي على البيض»، فيما يتعلق بعملية تفعيل الاعتراف.
في غضون ذلك، يتساءل مراقبون في الرباط عما إذا كانت وزارة الخارجية الأميركية ستبدأ في الأيام المقبلة العمل على تفعيل فتح القنصلية الأميركية في الداخلة، والتي تشكل أحد بنود الاتفاق بين الرباط والإدارة الأميركية في عهد ترمب قبل القبول بمقايضة إعادة العلاقات مع إسرائيل مقابل اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».