المعارضة السورية تنفي بدء المفاوضات لتبادل الأسرى وتنتقل إلى مرحلة الهجوم في ريف حلب

تتحدث عن نحو 100 من قوات النظام قيد الأسر وتأكيد اعتقال 48 عنصرا في رتيان

المعارضة السورية تنفي بدء المفاوضات لتبادل الأسرى وتنتقل إلى مرحلة الهجوم في ريف حلب
TT

المعارضة السورية تنفي بدء المفاوضات لتبادل الأسرى وتنتقل إلى مرحلة الهجوم في ريف حلب

المعارضة السورية تنفي بدء المفاوضات لتبادل الأسرى وتنتقل إلى مرحلة الهجوم في ريف حلب

نفت مصادر الفصائل المعارضة في سوريا أمس ما تردّد عن بدء مفاوضات مع النظام لتبادل الأسرى في جبهات ريف حلب بشمال البلاد، بل أعلنت النفير العام للسير قدما في معركة حلب متوعدة النظام بمفاجأة كبيرة في الساعات المقبلة.
في موضوع تبادل الأسرى، بعدما أشارت وسائل الإعلام الموالية للنظام أن مفاوضات لتبادل الأسرى انطلقت بالفعل بين طرفي النزاع، معتبرة أنّ هناك تضخيما في العدد المتداول به من أسرى النظام، نفى مصدر في المعارضة الأمر تماما، واعتبر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ ما أشيع ليس إلا محاولة للقول إن النظام يهتم لأسراه وسيعمل على تحريرهم، على عكس الواقع الذي يؤكّد أنه لم يعد يهتمّ لكل العناصر المعتقلين في صفوفه، ولا يقوم بالتفاوض عليهم إلا إذا كانوا أسرى لبنانيين من حزب الله أو إيرانيين أو ضباطا علويين من آل الأسد، وأوضح أنّ المفاوضات وإن كانت ستحصل فهي لن تبدأ الآن في ظل استمرار المعركة.
وقال ورد الفراتي، مدير المكتب الإعلامي في الجبهة الشامية، إحدى الفصائل المعارضة المشاركة في المعارك، إنّ «النظام بعد الهزيمة الكبرى التي مني بها والخسائر البشرية التي تكبّدها في هجومه على حلب أصبح اليوم يعتمد على (حرب الشائعات)». وتابع الفراتي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الفصائل «لا تعتقد أن النظام قادر في الوقت الحالي على فتح أي جبهة جديدة... وأن الخريطة على الأرض اليوم عادت إلى ما كانت عليه قبل انطلاق معركة الشمال مع تقدم في بعض النقاط للمعارضة»، لافتا إلى تحوّل الأخيرة إلى موقع الهجوم الذي لن يكون محور بلدة باشكوي، الذي اشتدت المعارك في محيطه، بعيدا عنه. وباشكوي هي القرية الأخيرة بين المناطق التي تقدمت إليها قوات النظام في محاولة لقطع طريق الإمداد الرئيسي على مقاتلي المعارضة الموجودين في أحياء مدينة حلب الشرقية وفك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب الشمالي الغربي.
يذكر أن المعارضة تمكنت من السيطرة على بلدة رتيان بالكامل، إضافة إلى بلدات أخرى قريبة من باشكوي كانت قوات النظام تقدمت إليها. وفي هذا الإطار، قال أبو جاد، القيادي الميداني في حلب، إنّ قوات النظام منذ بعد ظهر يوم الخميس تأخذ مدنيين وعائلات دروعا بشرية في مبنيين داخل باشكوي، وقد جرت مفاوضات بينهم وبين الفصائل المعارضة لأخلائهم، لكنها لم تنجح لغاية الآن، مشيرا إلى أنّهم يعانون حالة تخبّط وينتظرون وصول مؤازرة لهم. ويوم أمس، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية و«جبهة النصرة» وجبهة «أنصار الدين»، تمكنت من التقدم في مزارع الملاح والسيطرة على عدة نقاط فيها، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام المدعمة بقوات الدفاع الوطني ولواء القدس الفلسطيني ومقاتلي حزب الله اللبناني ومقاتلين من جنسيات إيرانية وأفغانية، ترافقت مع قصف عنيف ومتبادل من الطرفين على مناطق الاشتباكات، وقصف من قبل الطيران الحربي على المنطقة.
وأشار المرصد إلى أنّ الاشتباكات أسفرت عن تدمير دبابة على الأقل لقوات النظام، إضافة إلى مقتل 9 من مقاتلي المعارضة بينهم 3 من جنسيات غير سورية، وما لا يقل عن 15 عنصرا من قوات النظام، جثث بعضهم موجودة لدى الكتائب المقاتلة والإسلامية.
ونفى الفراتي المعلومات التي ذكرت أن التوجّه هو لحصر عملية التبادل بأسرى الطرفين في معركة حلب، قائلا: «ننظر إلى سوريا بوصفها أرضا واحدة ولا نميّز بين مدني ومقاتل، وسنتعامل معهم باعتبارهم ملفا واحدا». وأكد أنّ هناك ما لا يزيد على 55 أسيرا من قوات النظام نتيجة معركة حلب، لافتا إلى أنّ المؤكد أنّ 48 منهم اعتقلوا في منطقة رتيان بعدما حوصروا في بناء وأن هناك أكثر من 150 قتيلا سقطوا في جبهة الملاح ونحو 50 آخرين في رتيان ومثلهم في الراشدين.
ويوم أمس، أفادت «غرفة عمليات تحرير حلب» بمقتل من قالت إنه قائد مجموعة الاستطلاع «عبد الله علي عبد الله» في حزب الله في ريف حلب الشمالي. وأعلنت «غرفة عمليات تحرير حلب» في بيان مصور قرأه أحد الضباط ونشر على صفحة «فيسبوك» الخاصة بها، النفير العام، واستمرار المعارك في الريف الشمالي، مؤكدة مقتل نحو 300 عنصر من قوات النظام والموالين له في المعارك الأخيرة في الريف الشمالي، وأسر ما يقارب 100 عنصر من قوات النظام وميلشياته، بينما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن ارتفاع عدد أسرى قوات النظام والمسلحين الموالين لها لدى الفصائل المقاتلة والإسلامية، إلى 51 شخصا، غالبيتهم الساحقة من مدينة حلب وريفها.
وكانت مواقع معارضة نشرت فيديو يقوم خلاله الناشط الإعلامي أبو فراس الحلبي بالتحدث مع أسرى قوات النظام، وجميعهم من السوريين، وقال بعضهم إنّ الضباط، بينهم قياديون من حزب الله كانوا يقودون الهجوم لفك الحصار عن نبل والزهراء، تركوا أرض المعركة بعد توزيع العناصر على نقاط الجبهة.
يُذكر أن غرفة عمليات حلب العسكرية تم تشكيلها منذ 6 فبراير (شباط) 2015، وتهدف إلى منع حصار مدينة حلب واستكمال السيطرة على ما تبقى من مناطق حلب التي تقع تحت سيطرة النظام، وبمشاركة من معظم الفصائل العاملة في حلب وريفها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم