القبض على 12 من أنصار نظام البشير وقرارات مرتقبة بحق آخرين

الشرطة السودانية تفرق إفطاراً رمضانياً لمجموعة إخوانية بالغاز المسيل للدموع

TT

القبض على 12 من أنصار نظام البشير وقرارات مرتقبة بحق آخرين

ألقت الشرطة السودانية القبض على 12 شخصا من أنصار النظام المعزول، عقب تفريقها بالغاز المسيل للدموع لتجمع نظمه «حزب المؤتمر الوطني» المحلول، تحت لافتة «إفطار رمضاني» في إحدى ساحات الخرطوم العامة، ووصفته بأنه ذو أبعاد سياسية جرى بالتنسيق مع هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات السابق، والتي تم حلها عقب تنفيذها لتمرد عسكري وسط الخرطوم.
وقالت اللجنة المعنية بتصفية نظام الإسلاميين، «لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989 وإزالة التمكين ومحاربة الفساد»، في بيان أمس، إن الحزب المحلول نظم الإفطار الرمضاني تحت شعارات سياسية بتنسيق كامل مع هيئة عمليات جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق.
واضطرت السلطات الأمنية في يناير (كانون الثاني) 2020 لاستخدام الأسلحة الثقيلة لمواجهة تمرد أفراد هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات السابق، والتي صدر قرار بحلها في يوليو (تموز) 2019 باعتبارها قوة مسلحة تتبع رئيس جهاز الأمن الأسبق «صلاح قوش»، وتتكون في أغلبها من الموالين للإسلاميين، ولكن هذه القوة رفضت القرارات واحتلت عددا من المقار التابعة لجهاز الأمن بالقوة، واضطرت القوات الأمنية لاقتحامها بعد معارك معها داخل العاصمة الخرطوم، بيد أن هذه المجموعة حافظت على تماسكها «التنظيمي»، وبولائها لقائدها السابق ولجماعة الإخوان.
وبحسب بيان اللجنة، دونت الشرطة بلاغات في مواجهة المتهمين، بموجب قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران) واسترداد الأموال العامة، وقانون الإجراءات الجنائية، على القيام بنشاط سياسي تحت لافتة «حزب محلول»، وروجت له قيادات معروفة تابعة للحزب، تدعو للكراهية والعنف، وتحدي قيم الثورة.
وقضت الحكومة الانتقالية بحل الحزب وحرمانه من ممارسة العمل السياسي، وذلك استنادا إلى «الوثيقة الدستورية» الحاكمة للفترة الانتقالية، وقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة.
وأوضحت اللجنة في بيان لاحق، أنها ستعلن خلال ساعات قرارات بحق نافذين في النظام البائد، متورطين في عمليات فساد، أسهموا في تفاقم التردي الذي تعيشه الخرطوم في خدمة مياه الشرب.
وفرقت الشرطة بالغاز المسيل للدموع الخميس، تجمعا لمن يطلقون على أنفسهم «الإسلاميين»، تجمعوا في متنزه عام وسط الخرطوم تحت لافتة «إفطار رمضاني»، رددوا خلاله هتافات مناوئة للحكومة الانتقالية، وتدعو للعنف، ونقلت تقارير أنهم تحرشوا بقوات الأمن التي كانت مكلفة بمراقبة المكان، ما اضطرها لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وأمس هددت المجموعة في بيان نشرته منصة على «فيسبوك» تابعة لهيئة العمليات المحلولة، بإسقاط الحكومة الانتقالية، ودعت من أطلقت عليهم «قاعدة الإسلاميين العريضة في جميع أنحاء السودان»، لإسقاط الحكم الانتقالي، وقالت: «إن الأوان قد آن وحانت ساعة الصفر للعمل الجاد والدؤوب والمنظم، لإسقاط حكومة (قحت) - اختصار لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير - طاعة لله والرسول وحفاظاً على الدين والملة، ومن أجل حياة كريمة لنا، وللمستضعفين في البلاد».
ووجه البيان المذيل بـ«تنسيقية إعلام تيار الشباب الإسلامي»، رسالة للمكون العسكري في الحكومة الانتقالية طالبه فيها، بأن «يخلوا بينهم وبين الناس في ممارسة سياسية ديمقراطية سلمية، توضح للعالم أجمع لمن الأغلبية ومن هم الشذاذ»، وحذر باسم ما سماه التيار الإسلامي العريض من الوقوف «مكتوف الأيدي» حال استمرار استهداف برامجه السلمية، من قبل بعض القوات المنسوبة للمكون العسكري وتحت قيادته.
وهدد البيان التحالف الحاكم «قوى إعلان الحرية والتغيير»، ودعاه لما سماه «المنازلة السياسية»، والتخلي عن «الممارسات الصبيانية، إن كنتم قادرين وعندكم الأهلية لذلك»، وتابع بلهجة تهديدية مباشرة: «وأخيرا إلى (قحت)، اتركوا الإسلاميين ما تركوكم... والسلام».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».