الهند تخوض حرباً غير مسبوقة ضد «كوفيد ـ 19»

حدة الموجة الثانية مرتبطة بالتراخي والتجمعات السياسية والخشية من أخذ اللقاح

الهند تخوض حرباً غير مسبوقة ضد «كوفيد ـ 19»
TT

الهند تخوض حرباً غير مسبوقة ضد «كوفيد ـ 19»

الهند تخوض حرباً غير مسبوقة ضد «كوفيد ـ 19»

شهدت الهند يومياً، خلال الأيام السبعة الفائتة، وفاة ما يزيد عن 3000 شخص يومياً، وإصابة نحو 350000 شخص بفيروس «كوفيد 19»، ما يجعل الموجة الثانية من الجائحة تبدو أشبه بتسونامي يضرب البلاد. وحقاً سجلت الهند أكبر حصيلة يومية لضحايا الفيروس على الإطلاق على مستوى العالم، محطمة يوماً بعد يوم الرقم القياسي للإصابات. واليوم، تشهد سقوط أكبر عدد من الوفيات اليومية منذ بدء الجائحة.
وفي حين عصفت الجائحة بالفقراء بصورة أساسية خلال الموجة الأولى، انتقل الفيروس هذه المرة إلى المراكز الحضرية، ليضرب أحياء أبناء الطبقة المتوسطة والنخبة، وكذلك أبناء الطبقة العاملة. وفي كل مكان، توجد الآن قوائم انتظار من أجل جميع ما يتعلق بالخدمات الصحية تقريباً، من اختبارات ودخول للمستشفيات، حتى محارق الجثث والمدافن.
وبوجه عام، يبدو الوضع المتعلق بالرعاية الصحية في حالة انهيار، بينما يكافح الناس للحصول على الأدوية والأكسجين. وتتكشف فصول المحنة يوماً بعد آخر أمام الجيل الحالي من الهنود الذي لم تسبق له قط معاينة مثل هذا المستوى من قبل. ففي الشوارع، تكدست أكوام من الجثث، ويواجه الناس صعوبة بالغة في دفن أحبائهم، ويتسارع بناء محارق مؤقتة للجثث.
المؤكد أن الوضع برمته يبدو مظلماً، لكن الملاحظ أن 80 في المائة من حالات الإصابة يأتي من مدينتي دلهي ومومباي وأجزاء من ولايات أوتار براديش وتاميل نادو والبنجاب مع ولايات قليلة أخرى. أما في باقي ولايات الهند وأقاليمها الاتحادية، فيبقى الوضع عموماً تحت السيطرة.
فتح الجحيم أبوابه فجأة أمام سانجانا (17 سنة)، وذلك بإصابة جدتها ووالدها ووالدتها وشقيقها بفيروس «كوفيد 19»، ووجدت الفتاة المراهقة نفسها بمفردها تماماً تسعى بدأب لطلب النجدة. وفي منشور لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كتبت: «أرجوكم ساعدوني. لقد اضطررت لمخالفة القانون وقيادة السيارة لنقل والدتي إلى المستشفى، لكن 3 مستشفيات رفضت استقبالها. اليوم، أقف بالسيارة خارج غوردوارا (مكان للعبادة لدى طائفة السيخ) وقدّمت لوالدتي كمية أكسجين تبرّع بها أحد الأشخاص مجاناً، وآمل أن تبقى على قيد الحياة. أرجوكم ليساعدني أحدكم». وقالت شاهدة عيان: «بعد كثير من التردد من جانب أسرتي، غامرت بالدخول إلى واحدة من مستشفيات (إل إن جيه بي) الشهيرة. وحملت لوحة الإعلانات الرقمية رسالة تقول؛ لا توجد أسرة. نعتذر لكم». داخل المستشفى، لن تستطيع منع نفسك من البكاء بسبب مشاهد العجز والبكاء من حولك من أفراد الأسر المختلفة. تحركات سريعة محمومة ومرضى يلهثون في محاولة لالتقاط الأنفاس.

تجارب قاسية ومعاناة شديدة
الدكتور سوريش كومار، مدير الشؤون الطبية داخل مستشفى «لوك ناياك»، يقول إنه في خضم الوضع الحاد لفيروس «كوفيد 19» داخل العاصمة نيودلهي، أصبحت جميع أسرة وحدة الرعاية المكثفة مشغولة على مدار الأيام الخمسة الأخيرة. وأكد كومار أنه لم يشهد طوال مسيرته المهنية الممتدة لـ30 سنة مثل هذه الأزمة. وأشار إلى أن بعض الحالات الحرجة من المرضى تحتاج إلى ما بين 40 و50 لتراً من الأكسجين في الدقيقة للحفاظ على مستواه داخل أجسادهم. وفي هذه الأثناء، قال براديب شارما، بينما كان يبكي بلا توقف على أبواب أحد المستشفيات: «لا توجد أسرة داخل المستشفى. لقد جئت هنا لتوّي رفقة شقيقي البالغ 26 سنة. وقد مات والدي الليلة الماضية. لا أدري ماذا أفعل الآن. أما جثمان والدي فجرى حرقه داخل محرقة جماعية».
وعلى مسافة قصيرة، كانت سابا خان (35 سنة) تحاول إعطاء زوجها المصاب تنفساً من الفم للفم، بعدما فرغت أنبوبة الأكسجين التي كان متصلاً بها. وقالت، وهي تبكي: «ماذا يمكنني أن أفعل، إنه يلهث كي يلتقط أنفاسه، وذهب شقيقه لإحضار أنبوبة أكسجين من منشأة لإعادة ملء الأنبوبة. أما المستشفى، فلا تسمح بدخول مرضى لعدم توافر أسرة، لذا نقف هنا بانتظار دورنا. أعلم أنه يمكن أن أصاب أنا أيضاً بالفيروس، لكنني لا أستطيع أن أتركه يموت بهذه الطريقة. لدينا المال اللازم لتغطية النفقات الطبية، لكن لا تتوفر المنشآت الصحية المتاحة».
وفي مختلف أرجاء دلهي، تقابلك مشاهد مؤلمة في كل مكان. ورغم فرض حالة إغلاق كامل بالمدينة منذ أسبوع، تصطف عائلات خارج المستشفيات برفقة مرضى متصلين بأنابيب الأكسجين. وذكر طبيب يعمل بمستشفى «سير غانغا رام» أنه يعمل في القطاعات المخصصة لمرضى «كوفيد 19» منذ أكثر عن سنة، مؤكداً على «وجوب القلق إزاء الموجة الحالية». ويوضح: «على الناس التأكد أننا نفعل كل ما بوسعنا لإنقاذ كل روح. يأتي إليّ بعض أقارب المرضى ويبدأون في البكاء والصراخ والتوسل، الأمر الذي يحطم قلبي». ويتابع: «هذا كله يؤذينا بالتأكيد، فنحن أيضاً لا ندري ماذا يحدث مع أفراد عائلاتنا. إننا نحاول فعل ما بوسعنا بالاعتماد على أي مورد متاح لنا. هذا ليس خطأنا. ولذا، ثبتت إصابة كثير من زملائي بالفيروس من جديد. هذا أمر يفوق طاقتنا».

وضع مروّع داخل المدافن والمحارق
وبالنظر إلى عدد سكان دلهي وضواحيها البالغ 20 مليون نسمة، تشهد العاصمة الهندية واقعاً مخيفاً، ذلك أن الأسر تهرع في مختلف أرجاء المدينة بحثاً عن أسرة في المستشفيات، بينما تنفد النقالات داخل المشارح، وتمتد الأزمة إلى المدافن والمحارق، الأمر الذي يزيد بشاعة الوضع في المدينة. وحقاً، تواجه المحارق في مختلف أنحاء دلهي صعوبة بالغة في التعامل مع الأعداد الضخمة للجثث، ناهيك من اضطرار أهل المتوفين إلى الانتظار لفترات تصل إلى 20 ساعة لتنظيم الجنائز وحرق جثامين أقاربهم. وداخل المدينة يصار إلى حرق عشرات الجثث في ساحة كانت مخصصة أصلاً لانتظار السيارات، لكنها تحولت الآن لمحرقة مؤقتة للجثامين. وفي هذا الصدد، أفاد جيتندر سنغ شانتي، الذي يتولى التنسيق بين ما يزيد عن 100 عملية حرق للجثامين يومياً في موقع بشرق دلهي، أن «الناس يموتون فحسب، إنهم يموتون... ويموتون»!
وفي سياق متصل، تعاني المدافن في مختلف أحياء المدينة من مشكلات مشابهة، فمع وصول مزيد من الجثث إلى مواقع الدفن، اضطر مسؤولون في جبانة «آي تي أو»، وهي واحدة من أكبر المدافن في دلهي، إلى الاستعانة بمعدات حفر من أجل حفر مزيد من القبور. وقال محمد شاميم، المشرف على الجبانة: «... بات مستحيلاً حفر المقابر يدوياً، لأننا نستقبل يومياً ما بين 15 و20 جثة».

أين ومتى وقع الخطأ؟
في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الفائتين، أجريت عدة دراسات لاختبار الأجسام المضادة لفيروس «سارس - كوفيد - 2»، التي تعتبر مؤشراً على التعرّض لعدوى سابقة. وخلصت الدراسات إلى أن ما يزيد عن 50 في المائة من المواطنين في مدن كبيرة مثل دلهي ومومباي وتشيناي تعرّضوا للإصابة بالفعل. ودفعت هذه النتائج نحو الظن بأن الجزء الأصعب من الجائحة قد ولى... وأن الموجة التالية ستكون أقل حدة.
وفي حين تركّزت الإصابات إبّان الموجة الأولى بصورة أساسية في أوساط الفقراء (الأحياء الشعبية) داخل المناطق الحضرية، انتقل الفيروس الآن إلى أشخاص كانوا قد عزلوا أنفسهم خلال الموجة الأولى، بينهم أشخاص من المجتمعات الحضرية الأكثر ثراءً، لكنهم بدأوا في الاختلاط أثناء الموجة الثانية. وعن هذا الأمر، شرح مانوج مورهيكار، المتخصص بمجال الأوبئة في تشيناي (مدراس سابقاً) قائلاً: «توحي الدراسات كذلك بأنه على الصعيد الوطني تعرّض 271 مليوناً للفيروس... أي نحو خُمس عدد سكان الهند، البالغ 1.4 مليار نسمة».
ومن ثم، الواضح الآن أن التراخي والشعور بالرضا عن الوضع القائم كانا في رأس أسباب شدة الموجة الثانية القاتلة. وتقف التجمّعات الضخمة في الأماكن المفتوحة والمغلقة، ومنها حفلات الزفاف، وراء المشاهد المروّعة داخل المستشفيات والعيادات الطبية في عموم البلاد مع انهيار المنظومة الصحية تحت وطأة الارتفاع المفاجئ في حالات الإصابة. وهنا يعلّق راتان سنغ غيل، الصحافي البارز، قائلاً إنه «عندما ضربت الموجة الأولى من الفيروس عام 2020. كان هناك عدد غير مناسب من الأسرة والمعدات الطبية على مستوى الهند، كما لم تكن هناك لقاحات. ومع ذلك، نجحت الهند في مواجهة الموجة الأولى. غير أننا اليوم نجد بعد مرور سنة توافر مزيد من المعدات الطبية والأسرة في المستشفيات واللقاحات، لكن من دون أن يكون هناك استعداد كبير لأن أحداً لم يتوقّع حدوث موجة ثانية. وتضاعف الضرر جرّاء إهمال الحكومة وسوء تصرّف الناس، ومنه الشعور بالرضا والتراخي. ثم إنه فور انتهاء الموجة الأولى تقريباً، أعلنت الحكومة الهندية انتصارها على الفيروس، الأمر الذي أدى لخفض مستوى الجدية في التعامل مع الفيروس، بدلاً عن مواصلة الجهود لمكافحته».

الثقة المفرطة والتراخي
وفعلاً، كانت السلطات على درجة بالغة من الثقة، لدرجة أن وزير الصحة هارش فادران أعلن انتهاء حقبة «كوفيد 19» في مارس (آذار) الماضي. وأجرت المفوضية الهندية للانتخابات انتخابات برلمانية في 5 ولايات، هي البنغال الغربية وأسام وكيرالا وتاميل نادو وبونديشيري في خضم الجائحة. ويعتقد كثير من الخبراء أن التجمعات الانتخابية كانت السبب الأول وراء تفشي الجائحة بسرعة كبيرة. وعن هذه النقطة، قال الصحافي طارق بهات: «السياسيون في مختلف الأحزاب يتحملون المسؤولية عن هذا الأمر، ذلك أن فعاليات سياسية ضخمة جرى تنظيمها، ألقى خلالها مختلف السياسيين خطباً، بداية من رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إلى زعيم المعارضة راهول غاندي، على مدار الأسابيع الستة الماضية، مع عقد انتخابات في 5 ولايات هندية منذ مارس».
وأضاف بهات: «في خطبهم إلى الآلاف المكدّسين داخل خيم والجالسين بعضهم بجوار بعض، وكثرة منهم لا يضعون كمامات واقية، لم ينطق القادة السياسيون بكلمة واحدة عن السلوك الآمن للوقاية من (كوفيد 19)، الأمر الذي بعث برسالة إلى الحشود تفيد بأن الفيروس بات كابوساً من الماضي». وتابع: «كان باستطاعة مفوضية الانتخابات على الأقل حظر التجمعات الانتخابية. وباستطاعة الأحزاب الامتناع عن توجيه خطابات إلى تجمعات ضخمة لا يلتزم حضورها بوضع كمامات ولا يحافظون على التباعد الاجتماعي. وهكذا، بحلول الوقت الذي انتبهت فيه مفوضية الانتخابات للخطر وأخذت تلوم التجمعات الانتخابية، كان الأوان قد فات».
وللعلم، زاد الطين بلة عندما سمحت الحكومة لملايين المتدينين الهندوس بالاستحمام في نهر الغانج في هاردوار أثناء مهرجان كومبه وميلا، هذا الشهر. ولقد ثبتت إصابة ملك نيبال السابق غيانيندرا شاه وزوجته كومال بالفيروس، ولم يتطلب الأمر مجهوداً كبيراً لمعرفة كيف أصيبا، ذلك أنهما اختارا زيارة كومبه ميلا. وسرعان ما انتشرت صورة للملك السابق وهو عاري الصدر ولا يضع كمامة ويقف وسط مئات الرجال المتدينين على ضفاف نهر الغانج المقدس. ومن جديد، كان هذا الحدث سبباً في تفشي الفيروس بسرعة كبيرة وعلى نطاق واسع. وبعد ذلك، قررت الحكومة تقليص التجمعات الدينية، لكن بعد فوات الأوان أيضاً.
وعلى صعيد آخر، ازداد الوضع سوءاً بسبب الصبغة السياسية التي أضفيت على أزمة «كوفيد 19»، إذ حملت السلطة الاتحادية في دلهي سلطات الولايات المسؤولية، واتهمتها بالغفلة. وفي المقابل، ادعت الولايات أن دلهي لم تستجب لمطالبها بتوفير مزيد من الأكسجين وجرعات اللقاحات. ولكن الوضع تفاقم على أرض الواقع بغض النظر عمّن يتحمل اللوم حقاً. واللافت هنا أن هذه العناصر نفسها هي التي واجهت الفيروس العام الماضي، عندما تعاون رئيس الوزراء الاتحادي مع كبار قادة الولايات وتحمّلوا المسؤولية معاً. واستمر هذا الحال على هذا المنوال حتى ديسمبر (كانون الأول) 2020، إلا أنه منذ عام 2021 سيطرت السياسة على المشهد برمته.
وأخيراً، لا شك أن الجماهير تتحمل هي الأخرى نصيبها من اللوم، وذلك بسبب استخفافها وتجاهلها للتدابير المفروضة لمواجهة الفيروس منذ يناير 2021. وأيضاً لتأثرها بإشاعات كاذبة، وتخوّف كثيرين من تلقّي اللقاح عندما أطلقت الحكومة أكبر حملة تطعيم على الإطلاق خلال مارس، والمؤسف أنه بينما هناك طلب هائل على اللقاحات، فإن المتاح منها ما عاد كافياً.

دعم عالمي مكثّف للهند في مواجهتها الموجة الثانية من الجائحة
> مع خوض الهند مواجهة شرسة ضد الموجة الثانية العاتية من «كوفيد 19»، حظيت البلاد بدعم عالمي ضخم. ونجحت الدبلوماسية الهندية في إدارة هذه الأزمة بنجاح، وتدفقت على البلاد معدات طبية لإنقاذ الحياة، منها أجهزة تنفس وأجهزة تكثيف أكسجين أرسلت من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمملكة العربية السعودية وألمانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة وسنغافورة، حتى بهوتان. وفي تعبير عن تضامنهم، تعاون نحو 40 رئيساً تنفيذياً لشركات أميركية كبرى في تشكيل قوة عمل عالمية لحشد الموارد اللازمة لمعاونة الهند لخوض معركتها ضد «كوفيد 19».
المملكة العربية السعودية أرسلت حتى تاريخه 80 طناً مترياً من الأكسجين إلى الهند للتخفيف من أزمة النقص التي تعاني منها الهند جراء الارتفاع القياسي في أعداد المصابين. كذلك، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن معدات طبية حيوية، منها مئات من أنابيب الأكسجين، في طريقها الآن إلى الهند، لدعم الجهود المبذولة لتلافي سقوط مزيد من الضحايا للفيروس المروّع.
الولايات المتحدة تولت أيضاً تصدير مواد خام إلى الهند تتسم بأهمية محورية لإنتاج اللقاحات، ما يجعل البلاد استثناءً في ظل قانون الإنتاج الدفاعي الصادر عام 1950. والجدير بالذكر في هذا الصدد، أن الهند من جانبها كانت قدّمت يد العون هي الأخرى لكثير من الدول بتوفير أدوية تسهم في إنقاذ الحياة أثناء الموجة الأولى من الجائحة. وفي بادئ الأمر، أبدت واشنطن ترددها حيال إرسال المواد الخام المطلوبة لإنتاج اللقاحات ضد «كوفيد 19» داخل الهند، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن سلطات نيودلهي هددت بوقف إمداد الولايات المتحدة بالمواد الخام التي تصدرها الهند للولايات المتحدة لاستخدامها في إنتاج لقاح «مودرنا» الأميركي.
وفي هذا الشأن، أعرب آرون سنغ، السفير الهندي السابق لدى الولايات المتحدة، في تصريحات صحافية، عن اعتقاده بأن «الولايات المتحدة أخطأت في التأخر بتقديم العون للهند وتوفير الدعم لها بمجرد اشتعال الأزمة. وأثار هذا الموقف في أذهان كثيرين ذكريات الحرب الباردة، عندما كان الرأي العام ينظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها شريكاً غير جدير بالاعتماد عليه».
ومع ذلك، أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وتعهد بتوفير «دعم قوي». ومن ناحيته، حثّ مودي بايدن على تأييد مقترح الهند وجنوب أفريقيا داخل منظمة التجارة العالمية بإلغاء حقوق الملكية الفكرية وبراءة الاختراع المتعلقة بلقاحات «كوفيد 19»، وذلك لضمان وصول الدول النامية بسرعة، وبتكلفة معقولة، للقاحات والأدوية الضرورية.
أيضاً، انضمت فرنسا إلى الأصوات العالمية الداعية لدعم الهند، وأرسلت معدات طبية وأكسجين. وأجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالاً هاتفياً شخصياً برئيس الوزراء الهندي، ووضع منشوراً بالهندية على صفحته في «فيسبوك» أكد خلاله أن البلدين سينتصران في الحرب ضد الوباء معاً. وقال ماكرون: «تعمل وزاراتنا ومؤسساتنا بجدّية. وتتعاون الشركات الفرنسية معاً. وتشكل روح الوحدة قلب أمتنا، وهي الروح ذاتها التي تقف خلف الصداقة بين بلدينا. وسننتصر في هذا الأمر معاً».
في هذه الأثناء، كثّفت الهند جهودها في مجال التطعيم، مع حصول 170 مليون هندي بالفعل على جرعة واحدة على الأقل من لقاح «كوفاكسين». ولقد صرّح د. أنتوني فاوتشي، المستشار الطبي للبيت الأبيض والخبير الأول بمجال الأوبئة في الولايات المتحدة، إن لقاح «كوفاكسين» الهندي نجح في تحييد «617 سلالة متحوّرة من الفيروس الفتاك».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».