مصرية تستلهم مفردات رمضان التراثية بالكليم اليدوي

على مائدة الطعام المصرية في رمضان اعتاد الصائمون الاستمتاع بأطباق تقليدية شهية خلال وجبتي الإفطار والسحور، لكن الفنانة إيمان شهاب قررت إضفاء لمسة أخرى مُحملة بالأجواء الرمضانية على المائدة عبر مجموعة أكسسوارات السفرة المرصعة بالرموز المستوحاة من التراث والأجواء الرمضانية، وتصدرت هذه المجموعة مفارش المائدة (placemats)، وأغطية وقواعد الأطباق إلى جانب مفروشات الأرض التي استلهمتها هي أيضاً من أجواء رمضان وقدمتها في تناسق وانسجام مثاليين مع مساند كراسي السفرة والمعلقات، من الكليم اليدوي.
حرصت شهاب على تقديم أشكال متنوعة بحيث تحمل كل قطعة رسمة مميزة عن غيرها حتى تجمع أكبر قدر من الرموز التراثية ما يكسب مائدة رمضان طابعاً دافئاً مميزاً يضفي على المائدة بريقاً خاصاً قادماً من قلب إبداع الأجداد وجمال الطبيعة، تقول إيمان شهاب لـ«الشرق الأوسط»: «إن رمضان شهر يلتف فيه أفراد الأسرة على مائدة واحدة مهما كانت ظروف العمل والانشغال كما أنّه في وقت التجمع مع العائلات والأصدقاء، ورغم (كوفيد - 19) يحرص المصريون على تبادل العزومات، فهي وإن كانت محدودة للغاية فإنها موجودة مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وتتابع: «انطلاقاً من ذلك فكرت كيف يمكن أن أجعل هذا المكان يتمتع بعبق الماضي والأجواء الروحانية والفلكلورية، لا سيما أنه لم يعد الخروج إلى المطاعم في ظل الجائحة اختياراً مناسباً، ومن هنا تساءلت لماذا لا أساهم في تحويل منازلنا إلى مكان أكثر راحة وجمالاً وبهجة تزدان بالرموز والموتيفات الموحية التي كنا نراها كثيراً في الشوارع والأماكن العامة والمطاعم كيلا نفقد فرحة رمضان».
تمزج شهاب الشكل النحتي بـ«الهندسة الناعمة» لتفاصيل مائدة رمضانية استثنائية، وتقول: «تعمدت استلهام تصاميمي من الثقافة المصرية والبيئة المحيطة، فالاحتفال برمضان في مصر مختلف للغاية عن أي مكان آخر بالعالم، ويُعد الفانوس الأيقونة الأكثر شهرة وقدماً وأهمية، لذلك اعتمدت عليه في جانب كبير من هذه التشكيلة، لكني قدمته بشكل تجريدي، ولأنّ أغلب تصاميمي تتخذ أشكالاً هندسية لتأثري بتخصصي كمهندسة مدنية، فقد جعلت الفانوس ذا طابع هندسي عند تنفيذه على النول، كما جعلته بطلاً للمعلقات بغرفة السفرة وبدلاً من الشراشيب استوحيت أجزاء تتدلى منه تشبه زينة رمضان في الشوارع».
في السياق، تقدم شهاب كذلك أعمالاً من عمق الريف المصري على غرار الساقية والمياه والأشجار والنخيل والقمح وبراعم الزهور، أما الألوان فاستقت بعضها من الاحتفالات بالشهر الكريم مثل اللون الأصفر «تأثراً بلون الإضاءة الذي اعتدت رؤيته يخرج من فانوسي في طفولتي»، كما اختارت المصممة الألوان الهادئة من درجات الأزرق السماوي التي تبعث في النفس السكينة والطمأنينة إلى جانب اللون البيج حتى يضفي على القطعة مزيداً من الرقي.
وفي حين قد يبدو غريباً أن تعتمد الفنانة على الكليم في مجموعاتها فإنّها ترى أنّها مناسبة للغاية وتقول: «قد يثير استخدام الكليم دهشة الكثيرين لأنّه غير مألوف لا سيما عند استخدامه في التصنيع اليدوي لمفارش المائدة، وهو إن كان صعباً للغاية في النسيج بسبب صغر حجمه وما يتضمنه من موتيفات دقيقة إلا أنّه ملائم للمائدة ولأجواء رمضان أيضاً»، وتوضح: «يمكنه تحمل الاستخدام الشاق المتكرر، وفي الوقت نفسه من السهل غسله، ويناسب تماماً مع رمضان لتاريخه الطويل في المجتمع المصري».
ولع إيمان شهاب بالكليم انتقل إليها من والدها، حتى أصبحت مصممة متخصصة في تقديم منتجات الكليم بشكل يتسم بالحداثة العصرية، فبعد تخرجها في كلية الهندسة حصلت على دورات تدريبية عدة في تصنيع الكليم، وتنقلت بين ورش الحرفيين لتتشرب كل ما يتعلق به من تفاصيل وأسرار، وبالتوازي درست أسس التصميم والرسم والتلوين والخط العربي، لتوظف ذلك في تصاميمها للكليم في وقت لاحق.
وتؤكد: «أرى أن الكليم أكثر من مجرد قطعة سجاد توضع في الأرض، إنه بالنسبة لي مناسب للعديد من الأفكار المبتكرة الأخرى لديكور البيت، ومن هنا أدخلته في العديد من القطع غير المألوفة، وأدخلت عليه يدوياً عبارات محببة للأسرة المصرية مثل (خطوة عزيزة) و(نورتم) و(أهلاً وسهلاً)، وقدمت تصاميم حديثة تناسب مختلف غرف المنزل وأبرزها غرف الطعام والاستقبال والمكتب».