«الاستثمارات العامة» و«أرامكو» لأدوار حيوية في السوق المالية والصناعات العملاقة

اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» : آلية التخارج من الشركات الرابحة تدعم الاقتصاد وعوائدها ستنهض بقطاعات واعدة

الصندوق السيادي السعودي للتخارج من شركاته الرابحة بالطرح العام في سوق الأسهم (الشرق الأوسط)
الصندوق السيادي السعودي للتخارج من شركاته الرابحة بالطرح العام في سوق الأسهم (الشرق الأوسط)
TT

«الاستثمارات العامة» و«أرامكو» لأدوار حيوية في السوق المالية والصناعات العملاقة

الصندوق السيادي السعودي للتخارج من شركاته الرابحة بالطرح العام في سوق الأسهم (الشرق الأوسط)
الصندوق السيادي السعودي للتخارج من شركاته الرابحة بالطرح العام في سوق الأسهم (الشرق الأوسط)

أفصحت تفاصيل ما كشف عنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أول من أمس، عن أداور حيوية ستكون منوطة بصندوق الاستثمارات العامة وشركة «أرامكو السعودية» في السوق المالية والعملية الإنتاجية الفترة المقبلة، حيث ستسهم في طروحات ضخمة وصناعات عملاقة وزيادة الاستثمار في الاقتصاد الوطني.
وفي ظل التطورات المرتقبة على صندوق الاستثمارات العامة السعودي، أكد ولي العهد أن «أرامكو» موعودة بطروحات مقبلة تعزز مبيعاتها وتوسع أنشطتها وتنوِّع من منتجاتها، مشيراً إلى تعديل هدف الصندوق من 7 تريليونات ريال (186.6 مليار دولار) المستهدف في عام 2030 إلى 10 تريليونات ريال (266.6 مليار دولار)، في حين توقع مختصون أن تؤتي خطة تنوع الاقتصاد أُكلها مصحوبة بزيادة كبيرة في الاستثمارات.
وكان ولي العهد السعودي في اللقاء التلفزيوني الذي تم بثه مساء أول من أمس (الثلاثاء)، قد أكد أنه تم كسر كل الأرقام التي كان يعتقد أنها أرقام كبيرة وغير قابلة للتحقيق، حيث صارت أجزاء منها في 2020 و«سنكسر كثيراً من هذه الأرقام في 2025 مما يعني أننا سنحقق أرقاماً أكبر في 2030»، مشيراً إلى أن الصندوق ينفق في الاستثمارات الجديدة داخل البلد أكثر من الإنفاق الرأسمالي لميزانية الدولة، موضحاً نمو الصندوق السيادي بنسبة 300% خلال 4 أعوام.
وشدد الأمير محمد بن سلمان على استمرارية نمو الصندوق وتبني سياسة حسب الوضع في ذلك الوقت، مشيراً إلى أن «أرامكو» أكبر مستأجر للسفن في أنحاء العالم، موضحاً أن صناعة السفن في «أرامكو» ستكون من إحدى كبرى الشركات الصناعية في مجال السفن. وهنا، يقول عضو مجلس الشورى فضل البوعينين لـ«الشرق الأوسط» إن «التحول الكبير في صندوق الاستثمارات العامة كان لافتاً من حيث حجم الأصول واستراتيجية الاستثمار والعائد إضافةً إلى النجاح في تحقيق مستهدفاته قبل موعدها المحدد في الرؤية».
وأضاف البوعينين: «من اللافت ما قاله ولي العهد حول توقف إيرادات الصندوق لخزينة الدولة في الوقت الحالي صفر إيرادات، حيث إن التركيز على تعظيم أصول الصندوق وتدوير عوائده لتحقيق التنمية الاقتصادية وتشكيل صندوق ضخم يمكن أن يكون مصدر التمويل الرئيسي للمالية العامة مستقبلاً».
وزاد البوعينين: «الحديث عن أن الصندوق سينفق 160 مليار ريال (42.6 مليار دولار) العام الحالي يعني أن إنفاقه يفوق ما خُصص للإنفاق الاستثماري في الميزانية العامة... هناك هدف متحقق في تدفق الاستثمارات الأجنبية التي تضاعفت ثلاث مرات وأحسب أن للصندوق دوراً فيها من خلال عقد الشراكات الأجنبية وإطلاق المشروعات العملاقة».
وأوضح عضو مجلس الشورى السعودي، أن نمو الصندوق بنسبة 300% خلال السنوات الماضية يؤكد نجاعة العمل المنفذ ما أسهم في تحقيق الأهداف بشكل متسارع، فيما يتوقع نموه 200% مستقبلاً وهو ما يجعل الصندوق من البرامج المحققة لمستهدفاتها قبل موعدها المحدد. ولفت إلى أن الصندوق سيحقق أهداف التنمية الاقتصادية وتعزيز القطاعات الواعدة في مقدمها السياحة والتعدين والصناعات العسكرية والطاقة المتجددة والخدمات اللوجيستية؛ إضافة إلى الأمان الاستثماري والعائد المجزي وخلق الفرص الوظيفية والاستثمارية والمساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف الرؤية.
وقال البوعينين: «أداء الصندوق وإنفاقه الاستثماري أسهما في الحد من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن انخفاض الإيرادات بسبب انهيار الأسعار وجائحة (كورونا)، كما أنه يعمل كـ(ضامن) لمضي مشروعات الرؤية التنموية رغم الجائحة»، مضيفاً: «جانب مهم كذلك حول الصندوق وهو عمليات التخارج من الشركات الرابحة دعماً للاقتصاد والاستفادة من عوائد التخارج لتطوير شركات جديدة ثم ضخها بالسوق من جديد... هذه آلية ذكية ستسهم في إحداث تنمية اقتصادية وتنوع وإثراء للناتج المحلي الإجمالي».
وبالعودة إلى حديث ولي العهد، فقد كشف عن طروحات قريبة لـ«أرامكو» لبيع بعض الأسهم لمستثمرين دوليين رئيسيين، سيعلَن عنها خلال السنة أو السنتين المقبلتين، حيث هنالك -حسب الأمير محمد- نقاش عن الاستحواذ على 1% من قِبل إحدى الشركات الريادية في العالم، في ظل مباحثات مع شركات أخرى لشراء حصص مختلفة في جزء من أصل «أرامكو» ربما يتحول لصندوق الاستثمارات العامة وفي جزء سيطرح طروحات سنوية في السوق السعودية.
وقال محلل الأسواق المالية والأسهم حمد العليان: «إنه منذ تاريخ طرح شركة (أرامكو) للاكتتاب العام كانت هناك رغبة من المستثمرين المحليين والأجانب في المشاركة والمساهمة في شراء حصص من أسهم الشركة أو الصكوك». وأضاف العليان: «تأكد ذلك بعد أداء الشركة المميز خصوصاً العام الماضي في ظل جائحة (كورونا) وتراجع أسعار النفط ومقارنتها بأرباح الشركات المشابهة لها في ذات القطاع بينما (أرامكو) كانت الوحيدة التي حافظت على مستويات جيدة في الأرباح والتوزيعات».
ولفت العليان إلى أن هذه صفقة شراء شركة عالمية نسبة من «أرامكو»، ستكون مهمة جداً لتعزيز مبيعات الشركة ومساعدتها في التوسع في أنشطتها والتنويع من منتجاتها، مضيفاً: «هذا بالفعل ما يعنيه ولي العهد من (أرامكو) لديها فرصة لأن تكون من كبرى الشركات الصناعية عالمياً».


مقالات ذات صلة

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

الاقتصاد إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

ما زال التضخم في السعودية الأقل ضمن مجموعة العشرين، وذلك بعد تسجيل معدل 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، عن تسجيل بلاده صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير خلال العام الحالي.

زينب علي (الرياض)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية بالسعودية (الشرق الأوسط)

الأقل في مجموعة العشرين... التضخم في السعودية يسجل 2 %

بلغ معدل التضخم السنوي في السعودية 2 في المائة، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)

السعودية: توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية بـ2.6 مليار دولار

قال وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، إن السعودية نجحت في جذب الاستثمارات من الشركات العالمية الكبرى في القطاع اللوجيستي.

زينب علي (الرياض)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.