انقلابيو اليمن يستهدفون مؤسسات تجارية خاصة في صنعاء

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يستهدفون مؤسسات تجارية خاصة في صنعاء

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر محلية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية عادت من جديد إلى استهداف ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص في العاصمة صنعاء وفي بقية المدن الواقعة تحت سيطرتها، وذلك في سياق مساعيها لمعرفة الرأسمال الفعلي لهذا القطاع ومقدار الأرباح التي تجنيها الشركات والمؤسسات والمحال التجارية لتقوم على إثرها برفع معدل ضرائب الأرباح، وفرض جبايات وإتاوات مالية أخرى عليها.
وقالت المصادر إن آلة الدهم والابتزاز والإغلاق الحوثية طالت على مدى الأيام القليلة الماضية 3 من كبرى الشركات والمؤسسات التجارية الخاصة العاملة في العاصمة المحتلة صنعاء.
ومن بين تلك المؤسسات التي طالها الاستهداف الحوثي مصنع ضخم لتعبئة المياه المعدنية، وسوق مركزية لبيع الملابس، وشركة إعلامية خاصة للبث الفضائي عبر الأقمار الصناعية في اليمن.
وفي إطار الحملة الحوثية التي شرعت فيها الجماعة مطلع رمضان وطالت أكثر من 800 سوق ومركز ومحل تجاري في صنعاء، أفادت مصادر محلية في العاصمة لـ«الشرق الأوسط»، بأن مسلحين حوثيين دهموا قبل أسبوع مصنع شملان للمياه المعدنية (شمال صنعاء) وباشروا طرد الموظفين والعاملين فيه ومن ثم القيام بإغلاقه.
وذكرت المصادر أن عملية الاقتحام والإغلاق بحق المصنع جاءت على خلفية مطالبة الميليشيات لقيادة المصنع بقاعدة بيانات تفصيلية كي تفرض فيما بعد مبالغ مالية تحت مسميات عدة.
وعقب هذا الاستهداف الحوثي لمصنع إنتاج المياه المعدنية بيومين، اقتحمت عناصر الجماعة مركز «سيتي ماكس» التجاري، وباشروا طرد المتسوقين ممن صادف وجودهم فيه لحظة المداهمة ثم إغلاقه لساعات ومنع مالكيه من إعادة فتحه، إلا بعد دفع مبالغ مالية ضخمة.
وتحدث عاملون بالمركز التجاري لـ«الشرق الأوسط» عن اعتداءات وتهديدات تعرضوا لها على يد مسلحي الجماعة لحظة المداهمة، مشيرين إلى تدمير الجماعة المتعمد أثناء الاقتحام لشاشات وكاميرات المراقبة بصورة وصفوها بـ«الهمجية».
وأشار العاملون إلى أنه سبق لتلك الجماعة أن اقتحمت المركز عدة مرات، بينها عملية الاقتحام الكبير التي تعرض لها العام الماضي وشملها تعيين الجماعة لحارس قضائي ومصادرة حسابات المركز الموجودة في البنوك التجارية، إلى جانب استحواذها على عمليات البيع والشراء وتعيين محاسبين جدد وإدارة مالية، وأمناء للمخازن والمستودعات.
وكشف البعض منهم لـ«الشرق الأوسط»، عن أن إجمالي الاعتداءات الحوثية التي طالت المركز طيلة 3 سنوات ماضية بلغ أكثر من 31 اعتداء.
وتواصلاً لجرائم النهب الحوثية المفروضة بقوة السلاح والتهديد على اليمنيين في صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة، داهم مسلحون حوثيون قبل أيام شركة «يمن ديجيتال» التي تعد أكبر شركة إعلامية للبث الفضائي في صنعاء.
وذكرت مصادر حقوقية وإعلامية في صنعاء أن مسلحين يتبعون ما يسمى قوات «الأمن والمخابرات» التابعة للجماعة اقتحموا مقر الشركة الرئيسي لـ«يمن ديجيتال ميديا للإعلام» بصنعاء، وصادروا أغلب معدات وأجهزة الشركة بزعم «التخابر مع دول أجنبية»، كما نصبوا مديراً جديداً للشركة بصنعاء.
وبحسب المصادر، فقد رافق مسلحي الجماعة مندوبون آخرون يتبعون ما يسمى «الحارس القضائي» وهو الجهاز الذي استحدثته الميليشيات لشرعنة مصادرة أموال وشركات ومؤسسات المناهضين لها بمناطق سيطرتها.
وقال المدير التنفيذي للشركة، طه المعمري، إن الميليشيات وجّهت للطاقم تهمة «اقتراف جرائم ماسّة بأمن الدولة وإعانة العدوان والتخابر مع دولة أجنبية»، وهي تهمة سبق أن لفّقتها الجماعة لكثير من الصحافيين اليمنيين.
واعتبر «المعمري»، في بلاغ تقدم به لـ«مرصد الحريات الإعلامية» في اليمن، أن توجيه مثل هذه التهم هو مبرر لمصادرة معدات الشركة من قبل الميليشيات وإيقاف عملها.
وسبق للجماعة الحوثية، وكيل إيران في اليمن، أن اقتحمت مكتب شركة «يمن ديجيتال» في صنعاء، عام 2018، لذات الأسباب والذرائع.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.