خلافات تشخيص الأزمة السياسية تُسرّع دعوات حل البرلمان التونسي

راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي (رويترز)
راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي (رويترز)
TT

خلافات تشخيص الأزمة السياسية تُسرّع دعوات حل البرلمان التونسي

راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي (رويترز)
راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي (رويترز)

خلفت الانتقادات التي وجهتها قيادات سياسية معارضة لأداء البرلمان التونسي، وطريقة تعامله مع ملف النائب راشد الخياري، الذي اتهم الرئيس التونسي بتلقي تمويلات مشبوهة خلال حملته الانتخابية، خلافات عميقة حول تشخيص الأزمة السياسية في تونس وتداعياتها على أداء المؤسسات الحكومية، وأيضاً حول سبل التوافق على الحل الأفضل لتجاوزها، وهو ما فاقم دعوات حل البرلمان برمته.
فقد دعا المنجي الرحوي، رئيس حزب «الوطد» (يساري معارض)، إلى حل فوري للبرلمان، الذي يرأسه راشد الغنوشي، وهو ما خلف بدوره تساؤلات حول موقف بقية الأحزاب الممثلة في البرلمان من سيناريو حل البرلمان، خصوصاً أن بعض القيادات السياسية أجمعت على أن هذا الحل «لن يمثل الحل السحري لتجاوز أزمة المؤسسات الدستورية» في تونس.
ووجه الرحوي انتقادات لاذعة لطريقة تسيير البرلمان، وتوجيهه لخدمة مصالح رئيس البرلمان، ودعا إلى حملات كبيرة لا تتوقف إلا بإجراء انتخابات مبكرة، اعتماداً على قانون انتخابي جديد، مؤكداً أن البرلمان الحالي «بات عبئاً على التونسيين» على حد تعبيره.
في السياق ذاته، جاءت مواقف بقية القيادات السياسية بخصوص تشخيص الوضع داخل البرلمان متقاربة، حيث حملته الجزء الأكبر من الأزمة.
وقال النائب المستقل حاتم المليكي إن المنتصر حالياً داخل البرلمان هو «القوى الانتهازية؛ لأنها الأقوى، والمسيطرة على أجهزة البرلمان». أما النائب مبروك كرشيد؛ فقد خص رئيس البرلمان بانتقادات لاذعة، حيث أكد أن راشد الغنوشي «لا يتصرف كرئيس للبرلمان، بل كمدافع عن مصالح (حركة النهضة)».
بدوره؛ قال العياشي الزمال، عضو «الكتلة الديمقراطية» المعارضة، إن الفوضى في البرلمان «ستتواصل سواء ببقاء الغنوشي رئيساً للمجلس أم من دونه. لكن من الممكن أن يخفف غيابه بعض التوتر»، مؤكداً أن وجود رئيس «حركة النهضة» بالنسبة لبعض التيارات السياسية «يمثل حجر الزاوية في تموقعات سياسية أكبر في علاقة بالصراع مع رئيس الجمهورية، وفي علاقة أيضاً مع الحكومة».
وإضافة إلى الأزمة السياسية التي فاقمت خلافات البرلمانيين، تسببت ليلى الحداد، النائبة عن «الكتلة الديمقراطية» المعارضة، في إرباك عمل البرلمان، ورفع منسوب الخلاف من جديد حول طريقة إدارة هذه المؤسسة الدستورية، ومدى سيطرتها على العمل البرلماني، وذلك بعد اتهامها «ائتلاف الكرامة» باستدعاء الإرهابي التونسي جمال قرشان، قاتل الشرطية الفرنسية، إلى رحاب البرلمان في وقت سابق.
وعلى أثر هذا الاتهام، وجه النائب المستقل ياسين العياري مراسلة إلى مدير الأمن الرئاسي، وأخرى إلى رئاسة البرلمان للتأكد من مدى صحة اتهامات الحداد. لكن ماهر مذيوب، المكلف الإعلام في البرلمان، نفى بشكل قاطع صحة هذا الخبر، مؤكداً أن سجلات البرلمان أثبتت عدم زيارة جمال قرشان البرلمان في أي وقت.
على صعيد آخر، أكد هشام السنوسي، عضو «الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي والبصري (الهايكا)»، أن «الهيئة» اتفقت مع رئاسة الجمهورية على تشكيل فريق عمل مستقل، يتكون من خبراء في القانون والإعلام، تكون مهمته بحث الخلافات مع القنوات السمعية والبصرية غير القانونية، موضحاً أنه سيعرض تقريراً مفصلاً على مجلس الأمن القومي، الذي يترأسه رئيس الجمهورية قيس سعيد، وذلك بالنظر إلى خطورة هذه المؤسسات على الأمن القومي التونسي، وهو مما دفع «الهايكا» إلى التوجه إلى القضاء العسكري، عادّةً أن المسألة باتت تمس الأمن القومي.
ومن المنتظر أن يتضمن هذا التقرير قائمة تفصيلية بالمؤسسات الإعلامية المخالفة للقانون، ومصادر تمويلها والشبهات التي تحوم حولها.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.