جدل في السودان بشأن التحفظ على مواد في اتفاقية «سيداو»

مجموعات نسوية تعتزم التصعيد ضد الحكومة

TT

جدل في السودان بشأن التحفظ على مواد في اتفاقية «سيداو»

بدأت مجموعات نسوية وناشطات حقوقيات في المجتمع المدني في تشكيل موقف رافض لتحفظات الحكومة السودانية على مواد جوهرية في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو»، في حين كشفت مصادر نسوية عن اعتزام تلك الكيانات الاتجاه إلى التصعيد بتنظيم وقفات احتجاجية ضد الموقف الحكومي، وطلب لقاءات عاجلة مع رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، ووزير العدل، نصر الدين عبد الباري.
وأجاز مجلس الوزراء السوداني، ليلة أول من أمس، اتفاقية «سيداو»، وتحفّظ على المواد (2) و(16) و(29)، أسوة ببعض الدول في المنطقة العربية والأفريقية.
وقالت عضوة اللجنة التنفيذية التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تهاني عباس، إن هذه التحفظات تتعارض مع الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا للسلام في البلاد، وأنها تمس جوهر الاتفاقية، وترى فيها «استهتاراً» بمطالب وحقوق المرأة السودانية، وخاصة فيما يلي قانون الأحوال الشخصية.
وأضافت عباس، أن حالة من الإحباط والاستياء تسود أوساط الحركة النسوية السودانية من تحفظ الحكومة على «متكسبات» ظللن يناضلن من أجلها لعقود طويلة.
وأشارت في تغريدة على «فيسبوك» إلى أن المادة (2) تتعلق بالمساواة وتجريم العنف ضد المرأة بالقانون، كما أن المادة (16) تدخل في قانون الأحوال الشخصية التي تطالب غالبية لمجموعات بإلغائه، حيث إن المادة تثبت وتشرعن استمرار حاكمية القانون.
ومن جهة ثانية، رحبت المفوضية القومية لحقوق الإنسان بهذه الخطوة المهمة، وقالت إنها تتطلع إلى إكمال إجراءات المصادقة على مشروعي اتفاقية «سيداو»، وبروتوكول حقوق المرأة في أفريقيا بالميثاق الأفريقي لحقوق الأنسان والشعوب.
وشددت المفوضية في بيان أمس على عدم جواز التحفظ على أي مادة تتعارض مع هدف وموضوع المعاهدة التي تعني في المقام الأول بالحقوق والمساواة للمرأة، وعلى وجه الخصوص المادة (2) التي تعتبر من المواد الجوهرية في الاتفاقية، ويترتب على استبعاد هذه المادة أي أثر إيجابي للاتفاقية برمتها، ويفرغها من مضمون المعاهدة في حماية وتعزيز حقوق النساء.
وأكدت المفوضية، أن التحفظ على المادة (16) من شأنه أن ينتقص من حقوق النساء وكرامتهن.
وكشفت المفوضة القومية لحقوق الإنسان في البيان عن أنها بصدد الدفع بمذكرة شاملة لمجلسي السيادة والوزراء «المجلس التشريعي المؤقت» في هذا الخصوص.
ومن جانبها، قالت رئيسة «مبادرة لا لقهر النساء»، أميرة عثمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن خطوة الدولة ورغبتها في المصادقة والتوقيع إيجابية، لكن التحفظات غير مرضية لنا تماماً.
وأضافت، أن المبادرة ستعمل على ممارسة الضغوط لتوصيل صوت الحراك النسوي لمجلسي السيادة والوزراء ليتم التوقيع دون أي تحفظ، وهذا هو مبتغى الحركة السنوية.
وتنشط «مبادرة لا لقهر النساء» في التصدي لأشكال الانتهاكات والتمييز كافة التي تتعرض لها المرأة في المجتمع.
ومن المنتظر أن يصادق مجلسا السيادة والوزراء، «الهيئة التشريعية المؤقتة» في البلاد، على القانون في غضون أسابيع بعد انتهاء المشاورات حوله.
وتنص المادة (2) على كل الدول التي تصادق على المعاهدة إظهار نيتها الحقيقة للمساواة بين الجنسين في الدساتير الوطنية، وإلغاء القوانين كافة التي تسمح بالتمييز، وأن تسنّ الدول قوانين بهدف الحماية من أي تمييز ضد المرأة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.