كيري يواجه اتهامات بـ«الخيانة العظمى» بعد شهادة ظريف عن الغارات الإسرائيلية

المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي خلال مؤتمر صحافي في واشنطن الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي خلال مؤتمر صحافي في واشنطن الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

كيري يواجه اتهامات بـ«الخيانة العظمى» بعد شهادة ظريف عن الغارات الإسرائيلية

المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي خلال مؤتمر صحافي في واشنطن الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي خلال مؤتمر صحافي في واشنطن الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

يواجه المبعوث الأميركي الخاص للمناخ، ووزير الخارجية الأسبق جون كيري موجة من الانتقادات بعد تسريب «شهادة» وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، كشف فيها عن تلقي بلاغات من نظيره الأميركي بمعلومات حساسة حول عمليات إسرائيلية ضد إيران في سوريا.
ودعا نواب جمهوريون كيري إلى تقديم استقالته فوراً، معتبرين ما جرى هو بمثابة «خيانة وطنية عظمى». وردت هذه الاتهامات على لسان السيناتور الجمهوري دان سوليفان الذي قال: «الكثيرون يتحدثون عن الخيانة، وأنا لا أحب استعمال هذه الكلمة باستخفاف. كيري يقوم بالكثير من الأمور التي لا أتحملها. لكن هذه المرة هي بالنسبة لي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير».
واعتبرت السيناتورة الجمهورية مارشا بلاكبيرن أن هناك ضرورة ماسة لفتح تحقيق في الكونغرس بهذه التصريحات، وقالت في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»: «هذا أمر يستحق تحقيقاً في مجلس الشيوخ، وإذا ثبتت صحة التصريحات فعلى جون كيري الاستقالة».
واتهمت بلاكبيرن، كيري بتعريض حياة القوات الأميركية للخطر من خلال تصريحاته هذه، ولاحظت أن «هذا موضوع جدي. فهو شخص خدم الولايات المتحدة في أعلى المناصب ولديه معلومات حساسة عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ ووزيراً للخارجية، وهو علم ما كان يحصل على الصعيدين العسكري والدبلوماسي. وفي حال أعطى هذه المعلومات لعدو لنا فهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة لي».
وفي هذا الإطار، دعا بعض المشرعين الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تجميد التصريح الأمني الذي يتمتع به كيري بصفته مبعوثاً للمناخ الذي يخوله الاطلاع على معلومات سرية، إلى أن يتم التحقق من صحة الادعاءات. ووصف السيناتور الجمهوري ميت رومني الادعاءات بالمقلقة للغاية، مضيفاً: «يجب أن تكون هناك شفافية تامة لفهم ماذا جرى، ومن قام بذلك، وما هو الهدف من ورائه وثم المحاسبة». وأضاف: «لدينا تسجيل من قبل مسؤول إيراني وهذا يجب النظر فيه والتحقق من صحته».
من جانبه، اتهم النائب الجمهوري مايك غالاهار كيري بتسريب معلومات حساسة، فقال: «من المثير للغضب أن يسرب أي دبلوماسي أميركي حالي أو سابق معلومات استخباراتية لبلد يرعى الإرهاب على حساب أحد أقرب حلفائنا». وشدد السيناتور الجمهوري تود يونغ على هذه النقطة فقال: «لا نريد لمبعوث المناخ الأميركي أن يهدد من مصلحة أقرب حلفائنا في المنطقة»، داعياً كيري إلى توضيح ما جرى بسرعة.
وهذا ما جرى بالفعل، إذ غرّد كيري نافياً التقارير بحزم فكتب: «أستطيع أن أؤكد لكم أن هذا التقرير وهذه الادعاءات خاطئة تماماً. هذا لم يحصل أبداً عندما كنت وزيراً للخارجية أو بعد ذلك». وبذلك، نفى كيري أن يكون قد شارك هذه المعلومات الحساسة مع نظيره الإيراني السابق خلال دوره كمفاوض أساسي للتوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، ولا خلال فترة لقائه مع ظريف بصفة شخصية خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
من جهته، تطرق المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إلى هذه الادعاءات بطريقة غير مباشرة، وقال إن «المعلومات المتداولة بشأن الهجمات الإسرائيلية لم تكن سرية». وأضاف: «هذا لم يكن سراً، والحكومات التي كانت مشاركة في ذلك تحدثت عن الأمر بشكل علني». وذلك في إشارة إلى إسرائيل التي تحدثت علناً عن استهداف مواقف إيرانية في سوريا 200 مرة على الأقل.
هذا واغتنم بعض الجمهوريين هذه الفرصة للإشارة إلى ضرورة الحفاظ على العقوبات الأميركية على طهران، وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل: «نعلم أن التنازلات المسبقة لإيران لن تؤمن اتفاقاً أفضل أو تجعل من أميركا وحلفائها أكثر أمناً».
وفيما اقتصرت المواقف الجمهورية من المحافظين على انتقاد كيري بشكل مباشر، ودعوته للاستقالة، دعا بعض الصقور إلى توخي الحذر والتدقيق بصحة الادعاءات. قال السيناتور ليندسي غراهام: «لا أعلم إذا كنت أستطيع أن أثق بالتسريب. إذا كان صحيحاً فهو مضر للغاية»، وتابع: «أنا أحب جون كيري، لكن ما جرى في حال صحته لا يساعده بأي شكل من الأشكال وسيشكل مشكلة كبيرة له. لننتظر ونرى مدى صحة التسريبات».
وفي وقت سابق، علق وزير الخارجية مايك بومبيو على التسريبات عبر «تويتر»، وقال: «إنها تثبت ما قلته لأعوام: ظريف استمر في التواصل مع وزير الخارجية السابق كيري بشأن ملفات سياسية بعد مغادرة كيري لمنصبه - وبحسب ظريف فإن كيري أبلغ الإيرانيين بالعمليات الإسرائيلية»، وحذر وزير الخارجية السابق: «قبل أن نتوصل إلى اتفاق يخفف من أمن الولايات المتحدة سيكون من الجيد أن نعلم طبيعة التواصل والاتفاق بين الرجلين».



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».