مدفع رمضان يعود إلى حماة السورية بعد غياب 10 سنوات

بعد عشرة أعوام من الغياب عاد مدفع رمضان لينطلق من قلعة حماة مع آذان المغرب معلناً موعد الإفطار، ومع أنّ صوت إطلاق المدفع فقد وظيفته في الإعلان عن بدء الإفطار أو الإمساك عن الطعام فجراً، إلا أنّه ما زال من طقوس رمضان المحببة التي ينتظرها السوريون للشعور بالأمان والسلام الروحي الذي افتقدوه خلال عشر سنوات من الحرب كانت خلالها أصوات المدافع تقض مضاجعهم وتخطف أرواحهم.
وأظهر مقطع فيديو تداوله أهالي حماة عبر حساباتهم على «فيسبوك» عملية إطلاق المدفع لحظة الإفطار من على قلعة حماة التي تتربع على تل مرتفع يتوسط مدينة النواعير التي يخترقها نهر العاصي، وقد بدت المدينة ساكنة؛ إذ خلت شوارعها تماماً من المارة في حين تصدح مآذن جوامعها الأثرية المحيطة بالقلعة بآذان المغرب في مشهد روحاني لطالما حنت إليه المدينة خلال سنوات الحرب.
ويشار إلى أنّه أعيد فتح قلعة حماة أمام الجمهور بداية شهر مارس (آذار) الماضي، بعد إعادة تأهيل المتنزهات الشعبية وتجديد الإنارة، المحيطة بأطلال القلعة الأثرية، وذلك بعد إغلاق دام عشر سنوات منذ اندلاع الاحتجاجات ضد النظام عام 2011، وتحول التل الذي يعد أعلى نقطة جغرافية تتوسط المدينة وتكشف معظم أحيائها. إلى ثكنة عسكرية. ولدى استعادة النظام لسيطرته على معظم الريف الحموي وتراجع التهديدات لتواجده في مدينة حماة القريبة من المطار العسكري، حيث تتواجد القوات الروسية إلى جانب القوات النظامية، توجهت محافظة حماة للعناية بالجانب السياحي؛ في محاولة لتنشيط هذا القطاع داخلياً في ظل تعطل القطاع السياحي منذ بداية الحرب.
وإطلاق المدفع الذي يحتفي به الأهالي وإن بدا حدثاً هامشياً، لكنه يعني للحمويين الكثير لارتباطه بذكريات الشهر الفضيل وشخصية «أحمد نعسان الأحدب» الذي لا يزال حياً في الذاكرة على الرّغم من مرور عقود على وفاته؛ إذ يفتخر أهالي حماة بالأحدب صانع الأحذية الذي كان يصعد القلعة ويراقب ظهور القمر وأفوله بداية ومطلع كل شهر قمري، وكان الأهالي يقصدونه لمعرفة موعد حلول شهر رمضان. وفق ما ذكرته المهتمة بتراث حماة رأفت زكار والمشرفة على صفحة «حماة مدينة التراث» بـ«فيسبوك»، ومن طقوس رمضان في حماة تقول، إنّ الناس كانوا ينتظرون «مدفع الإفطار بفارغ الصبر، وكان لهم في الماضي بعض الأناشيد الرمضانية كقولهم قبيل غياب الشمس: يا شمسية رمضان عجلي لي بالآذان - بطني لزقت بظهري ماتم غير العظام».
وقولهم في التشنيع على المفطر: يا مفطر يا بم يا دلاق الدم....الخ، وقبيل آذان المغرب بقليل وتحت مئذنة «جامع الحي» يتجمع الأطفال وبيدهم «الإفطارية»، وهي بعض الحلوى أو البسكويت والمعجنات وينشدون بصوت واحد: يا مؤذن قولها - ريت ذقنك طولها - وإن كنت ما بتقولها - تُوقع من فوق المأذنة.
وحين يقترب إطلاق مدفع الإفطار يصيحون:
«طاطا يا طاطا - صحن السلطة - كبة على رغيف - صاحوا يا لطيف - علق ضو - انطفا ضو - صاح المدفع بو - بقلب العدو».