امتلاء مستشفيات غزة ينذر بكارثة صحية

نقص كبير في الأجهزة والمستلزمات الطبية والأسرّة

عاملات في مستشفى «الشفاء» بعد فقدان إحدى زميلاتهن بـ«كورونا» أمس (أ.ف.ب)
عاملات في مستشفى «الشفاء» بعد فقدان إحدى زميلاتهن بـ«كورونا» أمس (أ.ف.ب)
TT

امتلاء مستشفيات غزة ينذر بكارثة صحية

عاملات في مستشفى «الشفاء» بعد فقدان إحدى زميلاتهن بـ«كورونا» أمس (أ.ف.ب)
عاملات في مستشفى «الشفاء» بعد فقدان إحدى زميلاتهن بـ«كورونا» أمس (أ.ف.ب)

أحصى قطاع غزة المحاصر براً وبحراً وجواً من قبل إسرائيل منذ أكثر من 14 عاماً، نحو 98 ألف إصابة بالفيروس و857 وفاة. ومن المتوقع أن يرتفع العدد خلال الأيام القليلة المقبلة إلى أكثر من مائة ألف إصابة. ومع تفشي فيروس كورونا، واجهت إسرائيل أعداد إصابات ووفيات مرتفعة، في حين كانت الإصابات معدومة على الجانب الآخر من الحدود في قطاع غزة.
لكن المشهد تغير في أغسطس (آب)، بعد الإعلان عن أول إصابات محلية بالفيروس وازداد الوضع سوءاً مؤخراً مع الارتفاع المطرد في أعداد الإصابات، في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل العودة إلى حياة شبه طبيعية. اليوم، يمكن وصف الحالة الصحية في قطاع غزة بأنها ضعيفة جداً، وهناك نقص كبير في الأجهزة والمستلزمات الطبية والأسرّة في وحدات العناية المكثفة، وهي أمور تفاقمت مع تفشي الفيروس. وسجل القطاع الأسبوع الماضي أعلى عدد وفيات يومية بواقع 23 وفاة خلال 24 ساعة فقط، رافقتها ومنذ ثلاثة أسابيع إصابات يومية تزيد على ألف إصابة.
يرقد حسين الحاج في غرفة العناية المكثفة في مستشفى الصداقة الفلسطيني التركي في قطاع غزة، وفيما يجاهد لاستنشاق الهواء وهو موصول بجهاز التنفس الاصطناعي، يحاول الكلام بصعوبة ليقول إن التطعيم ضد فيروس كورونا «ضروري» بعد اكتظاظ وحدات العلاج المكثف الذي ينذر بكارثة صحية. تمتلئ وحدة العناية المكثفة، التي أنشئت قبل نحو شهرين لعلاج الحالات الحرجة من مصابي كورونا، بالشاشات التي تعتلي أسرّة المرضى وتومض باللونين الأخضر والأحمر، بينما ترتفع أصوات التنبيه من أجهزة قياس نسبة الأكسجين في الدم ومعدل ضربات القلب. وقال الحاج وهو رجل سبعيني، لوكالة الصحافة الفرنسية: «سآخذ التطعيم بعد أن أتعافى». وأضاف، وقد غلبت أصوات الأجهزة الطبية على صوته: «نعيش هنا بلا صلاة ولا زيارة، أجد هنا العناية الطيبة وآمل أن تنتهي بعودة البسمة إلى وجوهنا».
ويعمل سامر منصور في قسم العناية المكثفة إلى جانب 16 ممرضاً و10 أطباء، ويشير إلى أنهم شرعوا بتجهيز المستشفى قبل شهرين. ويقول الممرض البالغ من العمر 32 عاماً: «استقبلنا أربعين حالة، تتراوح أعمارهم بين الخمسين والسبعين عاماً، توفي منهم سبعة». ويضيف: «نضطر لإخراج مريض إذا استقبلنا حالة أخرى أكثر خطورة»، ويؤكد أن هؤلاء المرضى المصابين «بحاجة إلى عناية خاصة ولدعم النفسي وهذا يشكل عبئا علينا».
يقع مستشفى «الصداقة الفلسطيني التركي» الذي أنشئ في عام 2017 بدعم تركي، على بُعد مئات الأمتار من موقع تدريب للجناح العسكري لحركة «حماس» وقرب أحواض تكرير مياه الصرف الصحي. ويحاط مبنى المستشفى بتدابير أمنية احترازية مشددة، نظراً للحالة الوبائية، ولا يسمح سوى لأعداد قليلة جدا من الزوار بدخوله لمنع انتقال العدوى.
طلبت إدارة المستشفى من طاقم وكالة الصحافة الفرنسية، الذي سمح له بالدخول، عدم إظهار وجوه المرضى أو إزعاجهم. خلف الأجهزة يراقب ثلاثة ممرضين حالة الحاج وستة مصابين آخرين بالفيروس يمكثون معه في الغرفة، وقد وصلوا جميعاً بأجهزة التنفس. يشير الحاج وهو مدرس متقاعد إلى أنه نقل إلى المستشفى التركي قبل نحو 14 يوماً، وبقيت زوجته المصابة بالفيروس أيضاً قيد الحجر الصحي في المنزل في خان يونس.
ويخشى مدير وحدة مكافحة العدوى في وزارة الصحة في قطاع غزة رامي العبادلة أن يتحول الوضع «الحرج» الذي يعيشه اليوم القطاع إلى «كارثي». وترد هذه الخشية لدى الطبيب إلى اللقاءات الاجتماعية التي يزداد حجمها في شهر رمضان في ظل كثافة سكانية عالية. ويرى العبادلة أن ظهور «الطفرة البريطانية من الوباء التي تعد الأسرع انتشاراً» أسهم في الازدياد المطرد لأعداد الإصابات.
ويقول العبادلة: «عندما يكون عدد الإصابات ألفاً فهذا قد يعني أن العدد الحقيقي هو 5 آلاف حالة يومياً». ويعزو مدير وحدة مكافحة العدوى ذلك إلى «عدم توجه كثير من المواطنين إلى المستشفيات أو المراكز الطبية لإجراء فحص كورونا، وأنهم لا يأبهون بالأعراض لديهم، بل يتجولون في الشوارع والأسواق، وهذا يزيد من تفشي المرض».
وبالنسبة للعبادلة، فإن «إصابة نحو 50 في المائة من المواطنين البالغين بالفيروس في الأشهر الأولى من انتشار الوباء في القطاع جعل الوضع الصحي تحت السيطرة نوعاً ما، إذ أصبحت لديهم مناعة». ويضيف: «نعمل ما في وسعنا لمنع تفشي المرض بشكل أكبر وحتى لا نفقد السيطرة». وتسلمت وزارة الصحة في قطاع غزة نحو 110 آلاف جرعة من اللقاحات من مصادر متعددة، وجرى حتى الآن تلقيح نحو 35 ألف مواطن. ويحتاج سكان القطاع بحسب العبادلة إلى نحو 2.6 مليون جرعة من اللقاحات. وفي محاولتها لاحتواء الحالة الوبائية، فرضت حكومة «حماس» حظر تجوال ليلياً، اعتباراً من السابعة مساءً حتى صباح اليوم التالي، وأبقت على الحظر الشامل ليومي الجمعة والسبت في نهاية كل أسبوع.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.