مصر وقطر.. سنوات من الشد والجذب

«الجزيرة» ودعم جماعة الإخوان أبرز نقاط الخلاف

مصر وقطر.. سنوات  من الشد والجذب
TT

مصر وقطر.. سنوات من الشد والجذب

مصر وقطر.. سنوات  من الشد والجذب

نحو 10 سنوات من التوتر والأزمات بين مصر وقطر، لم تنجح خلالها فترات التهدئة القصيرة، التي شهدتها أحيانا، في إنهاء الخلافات التي باتت تتسع أكثر بين البلدين. وتأتي اعتراضات مصر على تناول قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية الأحداث بها، ودعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية في مصر، أبرز نقاط الخلاف بين البلدين.
وجاء الخلاف الأخير باستدعاء قطر، أمس، سفيرها لدى مصر للتشاور، بعد أن عبرت الدوحة عن تحفظها على الهجوم العسكري المصري على ليبيا، مما أثار غضب القاهرة. وقال مندوب مصر لدى الجامعة العربية، حول التحفظ القطري إن «قطر كشفت عن موقفها الداعم للإرهاب».
تلك الأزمة أنهت محاولات استغرقت 3 أشهر فقط من بدء ذوبان الجليد في العلاقات بين البلدين، إثر مبادرة مصالحة جاءت بدعم من العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز.
أزمات كثيرة مرت بها العلاقات بين مصر وقطر، منذ حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، حيث شهدت العلاقات منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثانية كثيرا من الفتور والتنافس على الدور السياسي في المنطقة العربية، بعد أن سعت قطر للعب دور إقليمي، خاصة في القضية الفلسطينية.
ووصلت العلاقات بين مصر وقطر، إلى أسوأ مراحلها عام 2008 عقب الحرب الإسرائيلية على غزة ودعم قطر حركة حماس التي كانت على علاقة متوترة مع نظام مبارك. كما فتحت الدوحة أبوابها وقناتها الفضائية أمام معارضي نظام مبارك مثل الدكتور سعد الدين إبراهيم والشيخ يوسف القرضاوي، وهو ما كان يرفضه دائما نظام الرئيس الأسبق.
مع اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 ضد مبارك، شهدت العلاقات بين البلدين تحولا كبيرا، حيث دعمت قطر الثورة، ولعبت قناة «الجزيرة» دورا في مساندة الشعب المصري، وفتحت بثا مباشرا من قلب ميدان التحرير، رمز الثورة المصرية. كما قام أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة بزيارة مصر في مايو (أيار) 2011، وسحب مرشح بلاده لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية، كي تحتفظ مصر بهذا المنصب.
اتسع الود بين البلدين مع فوز الدكتور محمد مرسي، برئاسة مصر، فبدأت العلاقات تأخذ منحى أكثر تقربا، وقام الأمير القطري بزيارة مصر عقب شهر من تولي مرسي الحكم، وعقدا قمة ثنائية لبحث تعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي.
التقارب القطري - المصري خلال عام (فترة حكم جماعة الإخوان لمصر) انتهى بعد عزل مرسي في يوليو (تموز) 2013، حيث استقبلت الدوحة عددا من قيادات جماعة الإخوان، وشخصيات سياسية داعمة لهم، غادروا مصر إثر عزل الرئيس الأسبق، كما أصبحت قناة «الجزيرة» النافذة الإعلامية الأولى للجماعة.
وينظر القضاء المصري عددا من القضايا ضد أعضاء وقيادات الجماعة، الذين فروا هاربين إلى قطر، تتعلق بالتحريض على استخدام العنف، وصدرت ضدهم عشرات الأحكام، وتطالب مصر بعودتهم. وبالتوازي، قامت قناة «الجزيرة» القطرية بشن حملات إعلامية ضد القيادة والحكومة المصرية، وكذلك الجيش المصري، وهي دائمة الوصف لـ«30 يونيو» بأنها لم تكن ثورة شعبية.
ومع وصول السيسي للحكم، لم تتغير السياسة القطرية تجاه مصر، ولم تتحول «الجزيرة» عن نهجها، إلى أن حاول العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز عقد مصالحة بين كل من مصر وقطر؛ حيث استقبل السيسي قبل أشهر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، المبعوث الخاص للشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر.
وإثر الزيارة اتخذت قطر خطوات كثيرة لتحسين علاقاتها مع القاهرة، مثل وقف مهاجمة مصر في قنوات «الجزيرة» التابعة لها، وترحيل بعض قيادات الإخوان إلى تركيا، قبل أن تعاود انتقاداتها للحكم من جديد في مصر في الآونة الأخيرة، وتستضيف قناة «الجزيرة» عددا من الشخصيات المعارضة للنظام المصري الحالي.



تحذير سعودي من تقويض جرائم إسرائيل السلامَ في المنطقة

TT

تحذير سعودي من تقويض جرائم إسرائيل السلامَ في المنطقة

جانب من أعمال القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض الاثنين (واس)
جانب من أعمال القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض الاثنين (واس)

جددت السعودية، الاثنين، إدانتها ورفضها القاطع للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وراح ضحيتها أكثر من مائة وخمسين ألفًا من القتلى والمصابين والمفقودين، معظمهم من النساء والأطفال.

وأكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، لدى افتتاحه أعمال القمة العربية الإسلامية غير العادية في الرياض، أن استمرار إسرائيل في جرائمها بحق الأبرياء والإمعان في انتهاك قدسية المسجد الأقصى، والانتقاص من الدور المحوري للسلطة الوطنية الفلسطينية على كل الأراضي الفلسطينية من شأنه تقويض الجهود الهادفة لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإحلال السلام في المنطقة.

وأشار إلى أن السعودية تشجب منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من الأعمال الإغاثية في الأراضي الفلسطينية، وإعاقة عمل المنظمات الإنسانية في تقديم المساعدات الإغاثية للشعب الفلسطيني الشقيق.

وأكد الأمير محمد بن سلمان وقوف بلاده إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان لتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية للعدوان الإسرائيلي المتواصل، داعياً المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته لحفظ الأمن والسلم الدوليين بالوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية على الأشقاء في فلسطين ولبنان.

وقال الدكتور هشام الغنام، الخبير غير المقيم بمركز «مالكوم كير - كارنيغي»، إن البيانات الرسمية السعودية وصفت عدوان إسرائيل بـ«الإبادة الجماعية» ضد الفلسطينيين في غزة «وهذه أعلى مستويات الإدانة لانتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان».

تمثيل فلسطين

«السعودية تنظر إلى السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها كياناً رئيسياً يمثل الفلسطينيين في التفاوض على السلام وتمثيل المصالح الفلسطينية دولياً»، وفقاً للغنام الذي أضاف أن السلطة الوطنية الفلسطينية تقوم بدور محوري في أي عملية سلام تهدف إلى حل الدولتين.

ومن خلال إشارة السعودية إلى أن إسرائيل تنتقص من دور السلطة الوطنية الفلسطينية، يرى الباحث السعودي أن الرياض تشير إلى أن الأفعال العدوانية الإسرائيلية تضعف قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على الحكم بشكل فعّال، أو قدرتها على الحفاظ على النظام والاستقرار داخل الأراضي الفلسطينية.

وتابع: «من أبرز الأفعال الإسرائيلية، إضافة إلى عدوانها المستمر العسكري على الشعب الفلسطيني الأعزل، هو توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، التي تعدُّ غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتقلل من الأراضي المتاحة للدولة الفلسطينية المستقبلية».

يضيف الغنام أن السعودية تشير إلى الحقوق الفلسطينية الأساسية، كما هو موضح في القرارات الدولية المختلفة، مثل الحق في تقرير المصير، وحق العودة للاجئين، وإقامة دولة مستقلة. ووفقاً للمملكة، فإن إسرائيل تعوق هذه الحقوق بشكل ممنهج.

وقال الدكتور علي دبكل العنزي، أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود، إن «الموقف السعودي الذي تمثل في كلمة المملكة تتشكل حوله مواقف عربية وإسلامية ودولية داعمة، ومنددة بما تفعله إسرائيل بالشعبين الفلسطيني واللبناني؛ فمن شجب وإدانة العدوان على غزة ولبنان إلى استنكار الاعتداء على إيران».

موقف ورسائل

أشار العنزي إلى أن رسائل الرياض تفيد بأن «المملكة ستقود كل الجهود لإيقاف الاعتداءات على الشعبين الفلسطيني واللبناني، وستسعى للضغط على الدول المؤثرة لتنفيذ حل الدولتين».

ويرى أن تسمية السعودية ما تقوم به إسرائيل بـ«الجرائم» دلالة على موقف سعودي قوي تجاه دعم القضية الفلسطينية، والضغط على داعمي سلطات الاحتلال لأهمية إحياء عملية السلام، وقبول إسرائيل بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

ونوّه أستاذ الإعلام بأن «السعودية استبقت أي مواقف سوف تصدر عن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بعقد هذه القمة؛ لحشد موقف عربي إسلامي ضاغط على إدارته، وأيضاً توحيد الرؤى والمواقف العربية والإسلامية».

وأكد أن السعودية لن تقبل بالحلول الجزئية أو الهدنة المؤقتة، بل تسعى جاهدة للوصول إلى عدة أمور، تتمثل في وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية، ووقف التهجير القسري في غزة، كذلك وقف الاعتداء على لبنان، وحل القضية حلاً عادلاً بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

وأوضح العنزي أن الجهود الدبلوماسية والسياسية التي قادتها السعودية منذ القمة الماضية أدت إلى اعتراف 149 دولة بدولة فلسطين، وكذلك تشكيل تحالف دولي لتنفيذ حل الدولتين، وعقد اجتماعه الأول في الرياض بمشاركة 90 دولة ومنظمة أممية.

بدوره، أكد الدكتور مطلق المطيري، أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود، على أن الرياض تعاملت منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية العام الفائت مع أهداف تلك العملية المتمثلة بتصفية القضية الفلسطينية أرضاً وإنساناً وموضوعاً، وعلى هذا كثفت المملكة الجهود الدبلوماسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقبولها عضواً في الأمم المتحدة.

وقال المطيري إن دعوة المملكة لتحالف دولي للاعتراف بدولة فلسطين، بغض النظر عن موقف إسرائيل أو قبولها، حققت انتصاراً سياسياً بآلية دولية تجعل من تصفية القضية الفلسطينية أمراً مستحيلاً، مضيفاً أن موقف المملكة ينطلق من مبدأ ثابت في السياسة السعودية، وهو أن فلسطين دولة عربية ووجودها مسؤولية عربية.

أما فيما يخص الجانب الإنساني، فيقول أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود إن السعودية عملت على تقديم المساعدات الإنسانية، سواء لغزة أو لبنان، وفق آلية توصيل المساعدات وضمان استمرارها، وإبعاد المساعدات الإنسانية عن أي اعتبار عسكري أو سياسي أو حتى تفاوضي، وقال: «لعل دعم المملكة لوكالة (الأونروا) يعزز التأكيد على الموقف السعودي الذي يعمل على سلامة الإنسان في فلسطين أو لبنان، وتقديم ما يضمن سلامته وصحته... الظرف صعب وقاسٍ ولكن الإصرار على تقديم المساعدات فعل مطلوب ولا خيار يعوضه أياً كان».