صواريخ المطار... واشنطن تراقب وبغداد تبحث عن المنصات

الدفعة الأخيرة تزامنت مع وثيقة استخباراتية تتوقع مزيداً من الهجمات

TT

صواريخ المطار... واشنطن تراقب وبغداد تبحث عن المنصات

قبيل إطلاق الصواريخ على مطار بغداد الدولي ليل أول من أمس (الخميس)، كانت السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد تجري اختباراً لصافرات الإنذار. سكان المنطقة الدولية التي توصف بأنها محصنة باستثناء الصواريخ والمتظاهرين سمعوا الصافرات التي كانت تنبئ حتى قبل شهور بحصول غارة على منازلهم فيما يفترض أن تكون السفارة هي المستهدفة. ومع أن السفارة تمتد على مساحة آلاف الدونمات في المنطقة الخضراء على نهر دجلة، فإن أياً من الصواريخ التي كانت تسقط عليها طوال السنتين الماضيتين لم تصب أي نقطة أو مرفق أو حتى جدار فيها. لكن بعد ما بدا أنها هدنة فرضها الجنرال الإيراني إسماعيل قاآني على الفصائل بعدم قصف السفارة نظراً لرمزيتها لدى الولايات المتحدة الأميركية الأمر الذي يجعل احتمالية الرد على أي قصف يطالها يبقى احتمالاً مرجحاً بالقياس إلى قصف أي منطقة أخرى يوجد فيها الأميركيون بالعراق.
كانت إيران والفصائل المدعومة من قبلها بالعراق دفعت قبل أكثر من سنة ثمناً باهظاً حين حاول مسلحون متظاهرون من الفصائل اقتحام السفارة الأميركية بعد محاصرتها ليوم ونصف اليوم. فعلى أثر ذلك، اتخذ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب قراراً بتصفية قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بغارة جوية على مطار بغداد في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020 بعد وصوله إلى بغداد قادماً من سوريا. يذكر أن نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس الذي كان في استقبال سليماني في المطار قضى معه في تلك الغارة. ومع أن قواعد الاشتباك لم تتغير كثيراً بعد تلك الحادثة فإن طهران أصبحت أكثر حذراً في التعامل مع ترمب بانتظار خسارته ومجيء بايدن. بالفعل جاء بايدن الذي نفذ غارة جوية واحدة على الفصائل المسلحة الموالية لإيران على الحدود العراقية - السورية إثر قصف تعرض له مطار أربيل. وفيما بقيت المنطقة الخضراء آمنة، ويبدو أنها صارت بمنأى عن أي استهداف خشية رد أميركي ربما لا يكون متوقعاً، فإن المناطق الأخرى التي يوجد فيها الأميركيون؛ وهي مطار بغداد الدولي وقاعدتا بلد وعين الأسد وقاعدة حرير ومطار أربيل في إقليم كردستان، مشمولة باستمرار إطلاق الصواريخ عليها، ما دام أن الجهات التي باتت تمارس عملية الاستهداف متنوعة وذات تسميات مختلفة، فضلاً عن النفي المستمر من قبل قيادات الفصائل المعروفة بشأن عدم تورطها في تلك العمليات.
الصواريخ الأخيرة التي أطلقت على مطار بغداد وهي 3 صواريخ من 8 مثلما أعلنت خلية الإعلام الأمني تزامنت مع وثيقة صادرة عن الاستخبارات العسكرية العراقية تكشف عن مخطط لجماعات خارجة عن القانون لاستهداف المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي. وطبقاً للوثيقة، فإن «تلك الجماعات تنوي شن الهجمات عبر صواريخ كاتيوشا عبر 15 منطقة ببغداد» دون أن تكشف الاستخبارات أي تفاصيل بشأن ذلك. وفي الوقت الذي اكتفت فيه واشنطن بالقول إنها «تراقب الأوضاع» عقب قصف مطار بغداد، فإن خلية الإعلام الأمني التي أصدرت بياناً بالحادث أكدت أن الجهات المسؤولة «تواصل البحث عن منصات إطلاق الصواريخ»، تمهيداً للوصول إلى الفاعلين. لكن هذه الجملة الأخيرة تحولت إلى لازمة ثابتة في بيانات خلية الإعلام الأمني كون أن الجهات التي تقوم بمثل هذه الأعمال لا تترك أي دليل مادي على تورطها، بالإضافة إلى أن التوصيف السائد للجماعات المسلحة أو الفصائل الموالية لإيران أو الميليشيات بات هو الجماعات الخارجة عن القانون.
البيان الصادر عن خلية الإعلام الأمني قال إن «الصواريخ أطلقت من أعلى سطح منزل خالٍ من ساكنيه الذين غادروه قبل أسبوع ضمن حي الجهاد القريب من المطار».
يذكر أن القيادة المركزية الأميركية أعلنت الخميس، أن الولايات المتحدة الأميركية لن تخفض عدد قواتها في العراق. وقال قائد القيادة المركزية كينيث ماكنزي في مؤتمر صحافي: «العراق يريد بقاءنا ولن نخفض عدد القوات هناك». وأضاف أنه «لا يعتقد بأن الولايات المتحدة على حافة الانخراط بحرب في الشرق الأوسط».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.