تزايُد خطر الانتحار بسبب «كورونا»

وقْع العزلة على المراهق والطفل أشد وطأة منه على البالغين

تزايُد خطر الانتحار بسبب «كورونا»
TT

تزايُد خطر الانتحار بسبب «كورونا»

تزايُد خطر الانتحار بسبب «كورونا»

على الرغم من أن التباعد الاجتماعي يعد من أهم وسائل الوقاية من جائحة «كوفيد - 19»، فإن الآثار النفسية شديدة السلبية له إضافةً إلى استمرار الإجراءات الوقائية التي وصلت إلى الحظر الكامل لجميع أنشطة الحياة في كثير من الدول، أدت إلى زيادة المخاوف من ارتفاع نسب الإقدام على محاولات الانتحار بين المراهقين. وبعد مرور عام كامل على بداية الجائحة التي غيّرت شكل الحياة الاجتماعية بالكامل، أخذ الأطباء والاختصاصيون النفسيين يحذّرون من عواقب تمديد إغلاق المدارس والنوادي وأماكن التجمعات وأشاروا إلى احتمالية أن تكون خسائر الصحة النفسية أشد وطأة.

- مخاطر نفسية
حدد الخبراء علامات معينة كمؤشر خطورة يجب على الآباء أن يكونوا على دراية بها وعرض الحالة على الطبيب النفسي بشكل فوري. ويعد التفكير في الانتحار والإقدام عليه حالة طوارئ psychiatric emergency، حيث يمثل خطراً حقيقياً يهدد صحة الشباب في الدول المتقدمة وليس نادر الحدوث كما يتوقع البعض. لذلك فإن الحديث عنه وأسباب حدوثه يجب أن يتم التعامل معه بمنتهى الجدية خصوصاً وسط المراهقين الذكور (لأن نسبة الذكور ضِعف الإناث)، أو الذين يواجهون مشكلات نفسية معروفة سلفاً خصوصاً الذين يعانون من اضطراب في الهوية الجنسية.
وحذر العلماء من ارتباط الوجود في المنزل لفترات طويلة بظهور علامات الخطورة للتفكير في الانتحار ومنها:
- القلق والتوتر الدائم أو الشعور بالحزن نتيجة الأخبار المتتالية عن الإصابات والوفيات والأعراض الجانبية للقاحات المختلفة.
- تغيُّر عادات الأكل والنوم سواء بالزيادة أو النقصان نظراً إلى الوجود في مكان واحد فقط وعدم وجود تسلية باستثناء المشاهدة السلبية.
- انسحاب المراهق من الوجود الاجتماعي داخل محيط الأسرة وعدم تناول الطعام معهم أو الاشتراك في المحادثات نتيجة للشعور بالملل.
- عدم ممارسة الأنشطة التي كانت تستهوي المراهق مثل القراءة وسماع الموسيقى.
- يجب على الآباء في حالة ملاحظة أي جروح خارجية على جسم المراهق سؤاله عن كيفية حدوثها ومتى حدثت لأن تعمُّد إيذاء النفس يعد علامة شديدة الخطورة تسبق الإقدام على المحاولة الفعلية.
- الفترات الطويلة من دون نشاط بدني أو ذهني (نتيجة لتعطل المدارس) في الأغلب تدفع المراهقين إلى الإقدام على تجربة التدخين والأدوية المخدرة.
- تواتر أخبار الوفيات باستمرار يُشعر المراهق بعدم جدوى الحياة وعبثيتها.

- صعوبات العزلة
نصح الباحثون الآباء بعدم تجاهل العلامات التي تطرأ على أطفالهم وسؤالهم بشكل مباشر عن احتمالية أن تكون فكرة التخلص من الحياة قد راودتهم وتبعاً لإجابة السؤال يجب أن يتم طلب المشورة الطبية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن نحو 50% من الآباء لم يكونوا على علم بتفكير أولادهم في الانتحار خصوصاً الأطفال في الفئة العمرية التي تسبق فترة المراهقة، ظناً منهم أن الأطفال لا يُقدمون على تلك المحاولات وتجاهلوا العلامات الدالة على الانهيار النفسي وقللوا من قيمتها.
وحسب المنظمة الأميركية لمنع الانتحار (American Foundation for Suicide Prevention) فإن سؤال الآباء يُشعر المراهق بأنهم يهتمون لأموره ويقدّرون ألمه النفسي.
وأوضح الخبراء أن وقع العزلة على المراهق والطفل أشد وطأة من البالغ نظراً لأن المراهق يكون في بداية النمو العاطفي والوجداني وتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية حقيقية وهناك أشياء ربما تبدو صغيرة للبالغين لها دور مهم في تعميق التواصل الإنساني عند الأطفال. وعلى سبيل المثال فإن غياب ملامح الوجوه مع ارتداء الكمامات طوال الوقت وعدم السلام بالأيدي بشكل مباشر يزيد من شعور المراهق بالعزلة ويضاعف الضغوط النفسية عليه.
وأسهمت العزلة في المنازل في زيادة «وقت الشاشة» بشكل مبالغ فيه مما يؤدي إلى التعرض لأخطار الوجود عبر الإنترنت، مثل التنمر، ومتابعة المواد الإباحية، والأدوية المخدرة، فضلاً عن التعرض لأفكار الاكتئاب السلبية من خلال مواقع معينة تعرض الانتحار كنوع من التخلص من الألم النفسي وتشرح طرقاً لتنفيذه. وتشير الإحصائيات إلى أن كل حادثة انتحار تشجّع مراهقين آخرين على الإقدام على المحاولة، وقبل عمر الحادي والعشرين هناك 22% من المراهقين فكروا فعلياً في المحاولة.
وأشار الخبراء إلى أهمية أن يبدي الآباء التفهم (وليس قبول الفكرة)، والتفهم معناه عدم الاستخفاف بالحالة النفسية وعدم توبيخه للتفكير في هذه الأمور، لأنه يشعر بالذنب بالفعل ويدخل في دائرة مفرغة من الإحساس بالاكتئاب الذي يؤدي إلى تفكيره في التخلص من الحياة، وهكذا. وكذلك تقديم الدعم الأسري وتأكيد أن أي مشكلة مهما كان حجمها هي النهاية مؤقتة وفترة الحظر استثنائية وعلى الرغم من أن شكل الحياة تغير بالطبع بسبب الجائحة لكنها لن تنتهي، و«كورونا» مجرد مرض أقل خطورة من كثير من الأمراض.
وتجب على الآباء ملاحظة علامات الاكتئاب ومراقبة الأدوات الموجودة في المنزل التي يمكن أن تُستخدم في أذى النفس، مثل السكاكين، وكذلك حفظ الأدوية في درج خاص وعدم ترك المراهق بمفرده في الغرفة لفترات طويلة (بشكل غير مباشر) والتحكم في وقت شاشة الأجهزة الإلكترونية، وتمكن مشاهدة جماعية للتلفاز لبرنامج مفضل لدى الطفل مع تجنب نشرات الأخبار كلما أمكن، وإشاعة جو من المرح في المنزل والتركيز على الدور المهم الذي تلعبه اللقاحات في الوقاية من المرض وقرب القضاء عليه. كما يمكن سؤال المراهق عن الأحاديث التي تتردد بينه وبين أصدقائه حول الجائحة وتفنيد الأخبار السلبية.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ما هو التفكير المُفرط

«كفأرٍ يركض على عجلة»... 15 عادة تؤدي للإفراط في التفكير

هل شعرت يوماً أن عقلك عبارة عن فأر يركض على عجلة، ولا يتوقف أبداً للراحة؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص نائم  (د.ب.أ)

نصائح للاستغراق في النوم خلال الليالي الحارة

يعد النوم الجيد أمراً ضرورياً للصحة العقلية والجسدية، ولكن عندما يكون الجو حاراً يمكن أن يتأثر نومنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأدلة تزداد على أن الروائح قد تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية (رويترز)

باحثون يربطون بين حاسة الشم والاكتئاب... ما العلاقة؟

هناك ظاهرة أقل شهرة مرتبطة بالاكتئاب، وهي ضعف حاسة الشم، وفقاً لتقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تمارين تساعدك على زيادة سعة الرئة

تمارين تساعدك على زيادة سعة الرئة

تلعب الرئة دوراً مهماً في صحة الجهاز التنفسي واللياقة البدنية بشكل عام، وتشير سعة الرئة إلى الحد الأقصى من كمية الهواء التي يمكن أن تحتويها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

تدريب لتحسين حياة مرضى سرطان الثدي

الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
TT

تدريب لتحسين حياة مرضى سرطان الثدي

الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)

أظهرت دراسة ألمانية أن برنامجاً يركز على التدريبات البدنية يمكن أن يحسن جودة الحياة لدى مرضى سرطان الثدي النقيلي.

أوضح الباحثون بقيادة المركز الألماني لأبحاث السرطان، أن هذا البرنامج أدى إلى تحسن ملحوظ في جودة الحياة، وتراجع كبير في التعب، وفق النتائج التي نشرت، الخميس، في دورية «Nature Medicine».

وسرطان الثدي النقيلي، أو المتقدم، هو نوع من السرطان ينتشر من الثدي إلى أجزاء أخرى في الجسم، ويتضمن انتشار الخلايا السرطانية إلى العظام والرئتين والكبد والدماغ، ويحدث هذا الانتشار عندما تنتقل الخلايا السرطانية من الورم الأصلي في الثدي عبر الدم أو الجهاز الليمفاوي إلى أجزاء أخرى من الجسم.

وتعد المحافظة على جودة الحياة أو تحسينها وتخفيف التعب أهدافاً مهمةً في رعاية مرضى السرطان، إذ يؤثر المرض نفسه وعلاجاته على جودة الحياة، كما يعاني العديد من المرضى من متلازمة التعب، التي تؤدي إلى الإرهاق البدني والعاطفي والعقلي المستمر.

وشملت الدراسة 355 امرأة ورجلين مصابين بسرطان الثدي النقيلي في ألمانيا، وقسموا إلى مجموعتين، الأولى انخرطت في البرنامج التدريبي، الذي شمل جلستين أسبوعياً على مدى 9 أشهر، فيما لم تشارك المجموعة الأخرى في البرنامج.

وتضمن البرنامج التدريبي الفردي تحت إشراف علاجي تمارين لتعزيز التوازن وقوة العضلات والقدرة على التحمل.

وحصل جميع المشاركين في الدراسة على توصيات أساسية لممارسة الرياضة، وتم تزويدهم بجهاز تتبع النشاط لتسجيل مقدار التمرين الذي قاموا به في حياتهم اليومية.

وجرى سؤال المشاركين عن جودة حياتهم باستخدام استبيان موحد يأخذ في الاعتبار الجوانب البدنية والعقلية والعاطفية لجودة الحياة في بداية الدراسة، وبعد 3 و6 و9 أشهر.

بالإضافة إلى ذلك، أجرى الباحثون استبياناً موحداً لتقييم أعراض التعب، وتم اختبار اللياقة البدنية في البداية، وفي فواصل زمنية مدتها 3 أشهر باستخدام جهاز الدراجة الثابتة.

ووجد الباحثون أن المجموعة الأولى انخفضت لديها الأعراض المرتبطة بالمرض والعلاج بشكل ملحوظ، ما أدى إلى تحسين جودة الحياة، مقارنة بالمجموعة الأخرى.

وأدى البرنامج التدريبي المنظم إلى تحسين ملحوظ في جودة الحياة وانخفاض كبير في التعب، حيث انخفضت شكاوى مثل الألم وضيق التنفس بشكل ملحوظ خلال فترة الدراسة. وكانت نتائج اختبار اللياقة البدنية في مجموعة التدريب أفضل من مجموعة التحكم.

وقال الباحثون إن النساء المصابات بالسرطانات المتقدمة مثل سرطان الثدي النقيلي، اللاتي يتلقين العلاج طويل الأمد، يمكن أن يستفدن بشكل كبير من إدارة الأعراض المرتبطة بالمرض والعلاج بشكل جيد.

وأضافوا أن التأثيرات الإيجابية المشجعة للغاية للبرنامج التدريبي يمكن أن تجعل مرضى سرطان الثدي المتقدم يعيشون حياة أفضل ويتمتعون بلياقة بدنية أكبر.