فاصل البداية والنهاية «خدعة» جديدة من القنوات المصرية

مشاهدون يصطدمون بتتر النهاية بعد عرض الإعلانات

الفنانتان دينا الشربيني وروبي
الفنانتان دينا الشربيني وروبي
TT

فاصل البداية والنهاية «خدعة» جديدة من القنوات المصرية

الفنانتان دينا الشربيني وروبي
الفنانتان دينا الشربيني وروبي

وصلت كثافة حجم الإعلانات على الشاشات المصرية في موسم دراما رمضان الجاري، إلى مرحلة الذروة حالياً، إذ لم تكتفِ قنوات مصرية بعرض فواصل إعلانية أطول من مدة «فواصل» المسلسلات، بل امتدت إلى تترات بداية الأعمال التي تُعرض كاملة تمهيداً لمشاهدة وجبة درامية، لكن المشاهد يصطدم بإعلان القناة عن تأجيل عرض المسلسل لما بعد الفاصل الإعلاني الأول بكلمة واحدة، باتت غير محببة للجمهور وهي «سنعود».
وبعد تمدد الفواصل الإعلانية التي تجمع بين الكمبوندات السكنية الفاخرة، والمستشفيات التي تحتاج إلى تبرعات عاجلة، على حساب الدراما، يفاجأ المشاهد مرة أخرى بتتر النهاية بعد «إيهامه» و«خداعه» من قِبل تلك القنوات بالعودة إلى العمل الدرامي قبل الفاصل الإعلاني الذي تم إقحامه وسط المسلسل، لإجبار المشاهدين على الجلوس أمام الشاشات لمشاهدة الإعلانات.
ويسعى كثير من الشركات إلى استغلال التفاف ملايين المصريين حول الشاشات في موسم رمضان لمشاهدة الدراما التلفزيونية في الترويج لمنتجاتها وخدماتها المتنوعة.
ورغم تشديد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، في بداية شهر رمضان الجاري، على «ضرورة ضبط فترات الإعلانات التي تذاع في أثناء المسلسلات، والتوقف عن الإسراف والتطويل الذي يفسد حق الجمهور في المشاهدة والاستمتاع بالأعمال الدرامية»، حسب المجلس، فإن الجرعات الإعلانية تضاعفت بشكل لافت. وقال المجلس في بيانه إنه «سيضطر للتدخل لحماية المشاهدين، إذا لم تلتزم القنوات من تلقاء نفسها بتقليص المساحات الإعلانية، وذلك بعد أن تلقى شكاوى كثيرة بشأن عدم تنظيم الإعلانات واعتدائها على حق الجمهور».
وتعطي المادة 70 من قانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رقم 180 لسنة 2018، الحق للمجلس في تحديد حد أقصى للمادة الإعلانية نسبةً إلى المادة الإعلامية والصحافية في جميع وسائل الإعلام والصحف.
ويصف عمرو قورة، الخبير الإعلاني المصري، تعليق بعض القنوات المشاهدين أمام الشاشات بعد وعدهم بالعودة إلى المسلسلات ومفاجأتهم بانتهائه بـ«الخداع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تتر البداية ليس مكاناً مناسباً لكتابة أسماء فريق العمل به من الأساس، بل هو مساحة مهمة تُعرض به أغنية أو موسيقى لتهيئة الجمهور لمشاهدة العمل، على أن تُكتب أسماء الفريق في تتر النهاية». مشيراً إلى أن «ما يقدَّم على الشاشات غير مرتبط بأي دراسات، بل يخضع للفكر التجاري فقط».
ويؤكد قورة أن «القنوات المصرية تقدم حوافز كثيرة لتشجيع المعلنين على الإعلان لديها، فعلى سبيل المثال إذا دفع المعلن 300 ألف جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري) قيمة سبوت إعلاني واحد تعرض له القناة 10 أخرى مجاناً، وهذا يعني أن حجم الإعلانات المدفوعة في الفاصل الإعلاني الواحد بين مشاهد المسلسلات لا تزيد على 10%، وهذا يعد السبب الرئيسي وراء كثافة حجم الإعلانات على الشاشة حالياً».
وبدأت ظاهرة الإعلانات الرمضانية في التزايد بشكل لافت منذ عام 2008 وفق قورة، الذي يوضح أن «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلان لن يستطيع ضبط هذه المشكلة لعدم خبرة أعضائه بسير عمل القنوات الفضائية والإعلانات» مؤكداً أنه «لن يتم حل الأزمة من دون وجود قرارات رادعة من السلطات المصرية تجاه جميع القنوات».
انتقاد كثافة الفواصل الإعلانية بالقنوات المصرية تم التعبير عنه بسخرية عبر «السوشيال ميديا» من أحد أكبر المعلنين بالموسم الجاري وهو رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس صاحب مشروع «زد للإسكان الفاخر»، ورد عليه الفنان الكوميدي محمد هنيدي، أحد أكثر الفنانين ظهوراً على الشاشة ضمن الإعلانات التجارية رغم غيابه الدرامي هذا العام، حيث كتب ساويرس عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «يبدو أننا سنشاهد في رمضان إعلانات وسنشاهد بينها مسلسلاً بالصدفة»، ولاقت تغريدته تفاعلاً كبيراً من جمهور «السوشيال ميديا»، فيما ردّ عليه هنيدي: «نُص الإعلانات لـ(زد)».
ويشير قورة إلى أن «المعلنين يتفقون مع شركات الإعلان قبل شهر رمضان على طبيعة عرض الإعلانات، ويختارون مسلسلات بعينها لعرض إعلاناتهم خلالها، ويتفقون على المبلغ الإجمالي، والذي قد يكون مثلاً 20 مليون جنيه، فإنه يدفع ثمن 280 سبوتاً فقط، ويحصل على نحو 500 سبوت هدية».
وتسببت كثافة الفواصل الإعلانية في عزوف كثير من المشاهدين المصريين عن مشاهدة الأعمال الدرامية عبر القنوات الفضائية المصرية ولجوئهم إلى شاشات عربية ومنصات رقمية تعرض تلك الأعمال بفواصل أقل. وتزدحم الإعلانات بعشرات الفنانين والمطربين المصريين من المشاركين في دراما رمضان والغائبين عنها.



معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
TT

معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)

تُبرز عشرات القطع الأثرية المُستخرجة من أرض غزة، هوية القطاع الذي يعاني الحرب منذ نحو سنة، من خلال معرض في سويسرا بعنوان «تراث في خطر».

ويستضيف متحف جنيف للفنون والتاريخ معرضاً يضمّ 44 قطعة من غزة، مملوكة للسلطة الفلسطينية، من بينها جِرار وتماثيل صغيرة وشواهد مقابر ومصابيح زيت، إلى جانب بضع عشرات من القطع الأثرية الأخرى من السودان وسوريا وليبيا.

ورأت أمينة المعرض الذي يُقام من 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي إلى 9 فبراير (شباط) المقبل، بياتريس بلاندان، أنّ «هذه المعروضات جزء من روح غزة، إنها الهوية»، مؤكدة أنّ التراث «هو في الواقع تاريخ هذا القطاع، وتاريخ الناس الذين يسكنونه».

وتشكّل القطع الـ44 جزءاً من مجموعة واسعة تضم أكثر من 530 قطعة محفوظة داخل صناديق في حظيرة آمنة بجنيف منذ عام 2007، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

هذه المعروضات جزء من روح غزة (أ.ف.ب)

ويُقام المعرض بمناسبة الذكرى الـ70 لتوقيع معاهدة لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلّح، ويركّز على مسؤولية المتاحف في حماية الممتلكات الثقافية بمواجهة التدمير والنهب والصراعات، ويذكّر بأنّ التدمير المتعمد للتراث يُعَدُّ جريمة حرب.

ولاحظ عضو السلطة التنفيذية لمدينة جنيف، ألفونسو غوميز، أنّ «القوى الظلامية أدركت أنّ الممتلكات الثقافية هي مسألة حضارية؛ لأنها لم تتوقّف يوماً عن الرغبة في تدمير هذا التراث، كما هي الحال في الموصل».

أما مدير متحف جنيف للفنون والتاريخ، مارك أوليفييه والر، فأسف لكون «معتدين كثر يعمدون في حالات النزاعات إلى المسّ بالتراث الثقافي؛ لأنّ ذلك يعني طبعاً محو هوية شعب وتاريخه». لكنه شدَّد على أنّ «ثمة متاحف وقواعد واتفاقات تحمي هذا التراث لحُسن الحظّ».

ودفعت المواقع الثقافية ثمناً باهظاً منذ الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة رداً على العملية التي نفذتها حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

التراث هو تاريخ الناس الذين يسكنون القطاع (أ.ف.ب)

ورصدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) أضراراً لحقت بـ69 موقعاً ثقافياً منذ بداية الحرب حتى 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، استناداً إلى صور الأقمار الاصطناعية، من بينها 10 مواقع دينية و7 أثرية، و43 مبنى ذا أهمية تاريخية و/أو فنية، و6 نصب، ومستودعان للأغراض الثقافية، ومتحف واحد.

وشدّد المتحف على أنّ «القيمة التراثية لقطع غزة المحفوظة في جنيف تبدو أكبر»؛ نظراً إلى أنّ التراث الثقافي الفلسطيني أصبح راهناً «ضحية للتدمير أكثر من أي وقت مضى».

وأُحضرت هذه الآثار التي توضح جوانب من الحياة اليومية المدنية والدينية من العصر البرونزي إلى العصر العثماني، إلى جنيف عام 2006 لعرضها في معرض بعنوان «غزة على مفترق طرق الحضارات»؛ افتتحه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وكانت هذه القطع ملكاً للسلطة الفلسطينية ولرجل الأعمال الفلسطيني جودت الخضري الذي باع تلك العائدة إليه عام 2018. لكنّ هذه القطع التي كان من المقرّر أن تشكل في المستقبل مجموعة المتحف الأثري في غزة، بقيت لـ17 عاماً عالقة في جنيف؛ إذ لم يتسنَّ يوماً توفير الظروف الملائمة لإعادتها إلى القطاع بأمان.

المسّ بالتراث محو هوية شعب وتاريخه (أ.ف.ب)

علّقت بلاندان: «في الوقت الذي كان مقرراً فيه نقلها مجدّداً إلى غزة، طرأت سيطرة (حماس) على القطاع، وحصلت توترات جيوسياسية بين فلسطين وإسرائيل». ولاحظت أنّ هذه العرقلة التي شاءتها الظروف أتاحت في الواقع إنقاذ قطع «ذات أهمية كبرى»، في حين «دُمِّرَت كامل مجموعة الخضري الخاصة التي بقيت في غزة».

وتعهّدت سلطات جنيف بموجب اتفاق تعاون جديد وقّعته في سبتمبر الماضي مع السلطة الفلسطينية الاعتناء بهذا التراث لأطول مدة ممكنة.

وسبق لمتحف جنيف للفنون والتاريخ أن استُخدم عام 1939 ملجأ لأهم كنوز متحف برادو وعدد من المجموعات الكبرى الأخرى في إسبانيا التي أخرجها الجمهوريون الإسبان من بلدهم بالقطار.

واستضافت جنيف العام الماضي معرضاً للأعمال الأوكرانية. كذلك دعمت سويسرا، بالتعاون مع دول أخرى، أكثر من 200 متحف في أوكرانيا، لمساعدتها في الحفاظ على مجموعاتها بعد الغزو الروسي في فبراير 2022.