انقسام حاد للنقاد الجزائريين حول «عاشور العاشر»

مسلسل كوميدي يحاكي قضايا وأحداثاً سياسية من الواقع

جعفر قاسم مخرج مسلسل «عاشور العاشر»
جعفر قاسم مخرج مسلسل «عاشور العاشر»
TT

انقسام حاد للنقاد الجزائريين حول «عاشور العاشر»

جعفر قاسم مخرج مسلسل «عاشور العاشر»
جعفر قاسم مخرج مسلسل «عاشور العاشر»

ينقسم النقاد والمهتمون بالأعمال التلفزيونية في رمضان بالجزائر، حيال أشهر مسلسل فني يًعرض حالياً: «عاشور العاشر... الموسم الثالث»، بين مَن عدّه «فاشلاً من البداية» على أساس غياب بطل الجزأين الأولين، وآخرين يرونه جديراً بالمتابعة بحجة أن لمسة المخرج الشهير جعفر قاسم كافية لإقناع الجمهور به.
صالح أوغروت... الممثل الكوميدي الأشهر في البلاد، غاب عن المحطة الثالثة من المسلسل الهزلي في قالب درامي «عاشور العاشر»... الإعلان عن غيابه كان بمثابة خيبة أمل للملايين، الذين تعوّدوا على هذه السلسلة في رمضان، لأن كل الأحداث والشخوص في العمل تدور حوله... حول «السلطان عاشور العاشر».
ومما زاد شكوك كثيرين بخصوص نجاح العمل، أن عرضه سيكون على التلفزيون الحكومي، الذي لا يمكن تصوُّر فيه مشاهد تنتقد السلطة وتسخر منها ولو بإيحاءات بسيطة. وقد ثبتت هذه الشكوك منذ الحلقة الثانية، إذ كتب أحمد زيتوني الذي يجسد شخصية نجل السلطان، على حسابه بـ«تويتر»: «عيب عليك يا تلفزيون الجزائر»، وكان يقصد حذف كثير من المشاهد بسبب انتقادها السلطات. وأكدت مصادر مهتمة بالموضوع لـ«الشرق الأوسط»، أن المسؤولين برئاسة الجمهورية يحرصون على مشاهدة الحلقات قبل عرضها. وكان الجزآن الأولان من المسلسل قد عُرضا في فضائية خاصة، عانت من التضييق بسبب ما احتواه المسلسل من تهكّم على المسؤولين.
وتدور أحداث المسلسل، في مملكة خيالية يحكمها سلطان غريب الأطوار بحركاته وتصرفاته وعلاقاته بعائلته وأهل المملكة، والممالك المجاورة. كل ما يجري في «الدولة العاشورية» يحاكي قضايا وأحداثاً سياسية من الواقع، تتضمن وخزاً غير مباشر للمسؤولين الحكوميين والمجتمع، الذي ينظر إلى الملك على أنه حاكم فاشل عاجز عن الوفاء بحاجيات الرعيّة، وهو فوق ذلك أداة طيّعة بين أيدي المحيطين به، ولا همّ له إلا منافسة حكام دول مجاورة لتحقيق مجد شخصي. بعكس ابنته «عبلة» التي تحظى باحترام وتقدير كبيرين، فهي نبيهة وقريبة من الشعب تتحسس آلامه وأوجاعه، وكثيراً ما تدخلت لصالح أكثر الفئات ضعفاً فانتصرت لهم.
ويقول الناقد محمد علال لـ«الشرق الأوسط»، إن الجزء الثالث من مسلسل «عاشور العاشر»، «وُلد وسط دوامة من التحديات التي أدت في الأخير لخسارة السلسلة الفكاهية شعبيتها بعد موسمين ناجحين». مبرزاً أن «تغيير الممثل الرئيسي كان خياراً خطأ من طرف المخرج جعفر قاسم، ما تسبب من البداية في حكم صارم للجمهور على العمل. ولم يستطع المخرج تعويض تلك الخسارة، رغم كل محاولاته اللعب على تطوير الديكور والتركيز على باقي الشخصيات أكثر قياساً إلى الجزأين الأولين».
وأضاف: «لكنّ المشكل الأكبر يكمن في المناخ السياسي العام الذي عُرض فيه العمل، فمن أهم أسباب نجاح الجزأين الأولين لـ(عاشور العاشر)، حالة الاحتقان الكبيرة التي كان يعيشها المجتمع الجزائري، قبل الحراك الشعبي الناقم على الوضع العام للبلاد والرافض لنظام حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة».
وتابع الناقد: «بعد اندلاع الحراك خفّت تلك الحالة نسبياً، وأصبح لأي عمل كوميدي سياسي القدرة على أن يكون الحاضنة التي يتنفس منها الجزائري همومه السياسية، وكان بإمكان المخرج أن يستغل ذلك ليحقق نجاحاً أكبر في الجزء الثالث، لكن جاء في الأخير عملاً باهتاً ومتواضعاً».
وكان صالح أوغروت، قد أعلن أنه رفض المشاركة في الطبعة الثالثة من المسلسل، بذريعة أن المخرج الذي اشترك معه في عدة أعمال فكاهية أخرى، أطلعه على السيناريو متأخراً، وأنه لم يكن بمقدوره إدخال تحويرات عليه. كما قال إن الدور الذي اختاره له لم يقنعه، فرفض الانخراط في العمل الفني. وحينها استنجد جعفر قاسم بالممثل الفكاهي حكيم زلوم لأداء شخصية الملك.


مقالات ذات صلة

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

يوميات الشرق نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

من أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد»، التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )

الدراما الاجتماعية تتصدر «الماراثون» التلفزيوني مصرياً

من مسلسل {جعفر العمدة}
من مسلسل {جعفر العمدة}
TT

الدراما الاجتماعية تتصدر «الماراثون» التلفزيوني مصرياً

من مسلسل {جعفر العمدة}
من مسلسل {جعفر العمدة}

من بين 30 عملاً درامياً مصرياً تم عرضها خلال ماراثون دراما رمضان 2023، تنوعت بين دراما اجتماعية وكوميدية، ووطنية، وتاريخية، تصدرت الدراما الاجتماعية السباق، بعدما حققت بعض المسلسلات التي تنتمي لها تفاعلاً كبيراً بين الجمهور، وإشادات نقدية لافتة.
وشهد هذا الموسم ظواهر عديدة، منها زيادة عدد المسلسلات القصيرة، وتشابه الأفكار بين أكثر من عمل، وتصدر الفنانات لبطولات العديد من الأعمال، وعودة الدراما الدينية مع مسلسل «رسالة الإمام»، وطرح قضايا المرأة الشائكة، على غرار مسلسلات «تحت الوصاية، وعملة نادرة، وستهم»، كما أنتجت الشركة المتحدة عملين وطنيين يرصدان بطولات الجيش المصري في حربه ضد الإرهاب، وهما: «الكتيبة 101»، و«حرب»، وقدمت عملاً تاريخياً بعنوان «سره الباتع» كأول أعمال المخرج خالد يوسف في الدراما التلفزيونية، فيما كان نصيب الأسد للأعمال الكوميدية بـ7 مسلسلات.

نيللي كريم

وبينما احتلت بعض الأعمال «الترند» أكثر من مرة، خلال الماراثون على غرار مسلسلي «جعفر العمدة، وتحت الوصاية»، و«ضرب نار»، و«المداح»، مرت أعمالاً أخرى مرور الكرام، ولم تكن مثار اهتمام على أي وجه. وفق نقاد.
وبحسب محلل البيانات والذكاء الاصطناعي مصطفى أبو جمرة، فإن مواقع «السوشيال ميديا» كانت محركاً أساسياً في دفع الجمهور لمشاهدة أعمال دون أخرى، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن أكبر دليل على ذلك نسب المشاهدة لـ«جعفر العمدة» التي عززتها مواقع التواصل ودفعت لتوجيه متابعين جدد للمسلسل، مشيراً إلى أن «جعفر العمدة» لمحمد رمضان، و«تحت الوصاية» لمنى زكي، نالا نصيب الأسد في نسب المشاهدة خلال الماراثون الرمضاني، وفقاً لمؤشرات تحليل مواقع «السوشيال ميديا»، على حد تعبيره.
وبين صعود وهبوط مسلسلات ماراثون دراما رمضان، ترصد «الشرق الأوسط» أبرز الأعمال التي نجحت في جذب الانتباه من خلال أفكارها الجذابة وسردها المشوق، والأخرى التي فشلت في لفت الأنظار وشهدت تراجع بعض النجوم، عبر آراء نقاد.

خالد النبوي في {رسالة الإمام}

- تألق منى زكي
تقيس الناقدة خيرية البشلاوي نجاح العمل الفني بمدى ما يحققه من صدى اجتماعي إيجابي، لذا ترى أن مسلسل «تحت الوصاية» عمل جيد تتكامل فيه العناصر الفنية، ونجحت بطلته منى زكي في أداء دورها بشكل صادق، ولم تكن الطفلة «التوأم» ولا الطفل «عمر الشريف» بأقل حضوراً وتلقائية، وكل الممثلين على نسق أداء بارع مثل رشدي الشامي، كما أن نيللي كريم التي طرحت قضية تمس آلاف النساء في صعيد مصر تتعلق بحرمان بعض النساء من ميراثهن الشرعي بحكم عادات وتقاليد مغلوطة عبر مسلسل «عملة نادرة».
ورغم الانتشار الكبير لمسلسل «جعفر العمدة»، فإن الناقدة المصرية تتحفظ على النجاح الجماهيري الذي حققه المسلسل، وتراه مؤشراً على تراجع المجتمع، مبررة ذلك بقولها إن المسلسل ومعه «المداح» هما الأسوأ لأنهما يشدان المجتمع للخلف عبر ما يطرحانه من أفكار تمثل ردة حقيقية. على حد تعبيرها.

ياسمين عبد العزيز في مشهد من مسلسل (ضرب نار)

- تراجع يسرا
فيما يرى الناقد طارق الشناوي أن أبرز أعمال رمضان 2013 مسلسل «تحت الوصاية» لتميزه في الكتابة لخالد وشيرين دياب، وتكامل عناصره الفنية التي قادها المخرج محمد شاكر خضير، ووصول أداء منى زكي فيه إلى ذروة الإبداع.
وأشار إلى أن فكرة البطولة الثنائية في مسلسلي «الكتيبة 101، وحرب» من الجماليات الفنية التي تحسب لصناع العمل، كما جاء «رسالة الإمام» بطولة خالد النبوي، في توقيته ليقدم صورة صادقة عن سماحة الإسلام.
وعن أفضل الأعمال الكوميدية هذا العام قال: «كامل العدد، والصفارة» الأبرز.
ويعتقد الشناوي، أن مسلسل «سوق الكانتو» عمل مهم، لكن ظلمه صخب العرض الرمضاني، مما أثر عليه سلباً، لكنه يرى أنه سيأخذ حقه في عرضه الثاني بعد شهر رمضان.
ولم يخف الشناوي انحيازه لـ«الهرشة السابعة» لجرأته في الكتابة، وبطلته أمينة خليل التي تعبر بقوة عن فن أداء الممثل الفطري، مشيراً إلى أن مسلسل «1000 حمد الله على السلامة» شهد تراجعاً بالنسبة للفنانة يسرا لأن اختيارها لم يكن موفقاً نصاً وإخراجاً.

علي قاسم وأسماء جلال في مشهد من مسلسل «الهرشة السابعة»

- تكرار الشخصيات
من جهتها، أكدت الناقدة ماجدة خير الله، أن مسلسل «تحت الوصاية» تصدر قائمة الأفضل لديها من دون منازع، لكن هذا لا يمنع من تميز مسلسلات أخرى من بينها «الهرشة السابعة» و«كامل العدد» كأعمال اجتماعية لطيفة، بجانب «تغيير جو» الذي يمثل نوعية أخرى تتطلب تأملاً، وكذلك «رشيد» لمحمد ممدوح، و«جت سليمة» لدنيا سمير غانم.
وترى خير الله أن الممثل محمد سعد «انتحر فنياً» بإصراره على اختيارات غير موفقة، معلنة عدم تعاطفها مع «جعفر العمدة»، مشيرة كذلك إلى تكرار عمرو سعد نفسه، على مدى ثلاث سنوات بالمحتوى والأداء نفسيهما.
- الأفضل كوميدياً
ورغم عرض سبعة أعمال كوميديا خلال الشهر الكريم، فإن الجمهور يميل أكثر للدراما الاجتماعية في رمضان بحسب الناقد خالد محمود، الذي يرى أن «الكبير أوي» لأحمد مكي إضافة مهمة في جزئه السابع، وتميز بالدفع بوجوه جديدة، وهو يظل عملاً ناجحاً، و«الصفارة» كان الأبرز لأن أحمد أمين لديه قدرة على التغيير والتلوين، ونجح مسلسل «جت سليمة» لدنيا سمير غانم في الجمع بين الكوميديا والاستعراض والغناء، لكن محمود يرى أن تجربة يسرا مع الكوميديا هذا العام غير موفقة لضعف السيناريو.

زكي خطفت الإشادات عبر «تحت الوصاية» (الشرق الأوسط)

- مستوى متوسط
ووفقاً للناقد رامي عبد الرازق فإن الموسم الدرامي هذا العام جاء متوسط المستوى والنجاح، وأن الخاسرين أكثر من الفائزين، مؤكداً أن المسلسلات القصيرة ستفرض وجودها في المواسم اللاحقة، لا سيما مع تفوق أعمال من بينها، «الهرشة السابعة» و«الصفارة» و«تحت الوصاية»، التي يراها «أكثر ثلاثة أعمال رابحة على مستوى الشكل الفني والمضمون الدرامي الذي ينطوي على قدر كبير من التماسك والنضح والعمق والتوزان».
وأعرب عبد الرازق عن إحباطه من مسلسل «سره الباتع»، مبرراً ذلك بقوله: «المسلسل شهد استسهالاً في المعالجة، ومباشرة في الطرح، ونمطية وعدم إتقان في الشكل رغم الميزانية الضخمة التي أتيحت له، وأن مسلسل «سوق الكانتو» حقق نقلة فنية في شكل الديكورات والإخراج الفني لكن الدراما به جاءت هشة كما أن إيقاعها بطيء، بالإضافة إلى أن كثيراً من الأعمال سوف تتبخر تماماً من ذاكرة المشاهد ولن يعود إليها مرة أخرى، باستثناء مسلسل «تحت الوصاية». مؤكداً أن على ياسمين عبد العزيز أن تكتفي بهذا القدر من الأعمال التي تجمعها وزوجها الفنان أحمد العوضي بعد «ضرب نار».