رئيسة «العمل» الإسرائيلي تقترح حكومة مع العرب

بعد فشل مقترح نتنياهو لانتخاب رئيس الوزراء مباشرة

إسرائيلي يمر بجانب لافتة من الانتخابات الأخيرة لنتنياهو ومنافسه لبيد (أ.ف.ب)
إسرائيلي يمر بجانب لافتة من الانتخابات الأخيرة لنتنياهو ومنافسه لبيد (أ.ف.ب)
TT

رئيسة «العمل» الإسرائيلي تقترح حكومة مع العرب

إسرائيلي يمر بجانب لافتة من الانتخابات الأخيرة لنتنياهو ومنافسه لبيد (أ.ف.ب)
إسرائيلي يمر بجانب لافتة من الانتخابات الأخيرة لنتنياهو ومنافسه لبيد (أ.ف.ب)

في خطوة غير مسبوقة، خرجت ميراف ميخائيلي، رئيسة حزب العمل؛ مؤسس الحركة الصهيونية وباني الدولة العبرية والذي أسس لسياسة نبذ العرب والتمييز ضدهم، باقتراح موجه لزملائها في أحزاب اليمين الليبرالي والوسط واليسار، لتشكيل حكومة، فوراً، برئاسة يائير لبيد، وعدم انتظار قرار رئيس حزب «يمينا» المتردد، نفتالي بنيت، بالتحالف مع القائمتين العربيتين.
وقالت ميخائيلي إن «إسرائيل تشهد تغيراً تاريخياً في تعاملها مع العرب، فبعد أن استُبعدوا من الشراكة طيلة عقود، وبعد حملة تحريض عنصرية قادها بنيامين نتنياهو منذ عام 1993، أصبح هناك قبول لهم في الشارع اليهودي. وحتى نتنياهو، الذي حارب وجودهم في تحالفه مع إسحاق رابين (حكومة حزب العمل في حينه)، محذراً صراحة من تدفق العرب على صناديق الاقتراع، وشن تحريضاً دموياً أدى إلى اغتيال رئيس الوزراء، إسحاق رابين، نجده في الشهور الأخيرة، يتحدث بلهجة أخرى ويعدّ الشراكة معهم شرعية ويدير حواراً إيجابياً للتحالف مع (الحركة الإسلامية). وهذه هي فرصة العقلاء في السياسة الإسرائيلية، خصوصاً أحزاب الوسط واليسار واليمين الليبرالي، لأن يتيحوا الشراكة مع العرب في إدارة الدولة».
وأكدت ميخائيلي أن «حكومة كهذه يمكن تشكيلها في غضون أيام، لأن أكثرية 61 نائباً متوفرة لها؛ فحزب لبيد (يوجد مستقبل) 17 مقعداً، وحزب (كحول لفان) برئاسة بيني غانتس 8 مقاعد، وهناك 7 مقاعد لكل من حزب العمل، وحزب (يسرائيل بيتينو) برئاسة أفيغدور ليبرمان، و6 مقاعد لـ(القائمة المشتركة) برئاسة أيمن عودة، ومثلها لحزب (أمل جديد) برئاسة غدعون ساعر و(ميرتس) برئاسة نتسان هوروفتش، و4 مقاعد لـ(الحركة الإسلامية) برئاسة منصور عباس».
جاء هذا التصريح، أمس الخميس، بعد أن أجرى رئيس الوزراء المكلف، بنيامين نتنياهو، اتصالاً هاتفياً مع ميخائيلي، عرض خلاله أن تؤيد اقتراحه التوجه إلى انتخاب مباشر لرئيس الحكومة؛ فقال لها إن تجربة حزبها في هذا الموضوع إيجابية، حيث كان قد بادر إلى انتخابات مباشرة كهذه في سنة 1999 انتهت بفوز رئيسه؛ إيهود باراك (على نتنياهو نفسه). لكن ميخائيلي رفضت الاقتراح وأبلغته أن حزبها يرفض الانتخابات المباشرة، بعد أن تبين أنها أقل ديمقراطية من الطريقة المتبعة اليوم، والتي يشكل الحكومة بحسبها مرشح الحزب الأكبر.
ويبدو أن اقتراح نتنياهو بالانتخاب المباشر لرئيس الوزراء، قد فشل، لأنه لم يفلح في توفير أكثرية مؤيدة له. وقد تكلم نتنياهو، أمس وأول من أمس، مع غالبية الأحزاب الإسرائيلية، بما في ذلك مع رئيس «الحركة الإسلامية»، ولم ينجح في إقناع أحد سوى أحزاب اليمين المتحالفة معه في الأصل. ورفض اقتراحه حتى نفتالي بنيت، الذي قال إنه يعارض سن قوانين ذات طابع شخصي، وإنه إذا أراد تشكيل حكومة يمين حقاً، فعليه أن يركز جهوده على إرضاء غدعون ساعر، «وهو ابن حزب (الليكود) وضلع من أضلاعه»، والتجاوب مع مطالبه.
وقالت مصادر مقربة من نتنياهو إنه غدا في حالة ياس واكتئاب؛ «لأنه يشعر بفقد السيطرة على زمام الأمور في الحلبة السياسية. فهو لا يفلح في تشكيل حكومة، لأن حليفه بتسلئيل سموتريتش، رئيس حزب (الصهيونية الدينية)، الذي عمل نتنياهو بكل قوته على تجميع اليمين المتطرف تحت قيادته ومنحه أصواتاً عدة من (الليكود)، يشكل العقبة الكأداء أمام تشكيل حكومة، لأنه يرفض، مبدئياً، أن تستند حكومة كهذه إلى النواب العرب من (الحركة الإسلامية). كما أن الأحزاب الدينية بدأت تتكلم بنغمة جديدة، عن (إمكانية التعايش مع حكومة يمين من دون نتنياهو)».
وحتى في حزب «الليكود»، الذي يسير قادته وراء نتنياهو بعينين مغمضتين، بدأوا يُسمعون تذمراً من سياسته ويتهمونه بالتضحية بالحكم بتغليبه مصلحته الشخصية على مصلحة الحزب ومصلحة معسكر اليمين والدولة بأسرها. ولكن نتنياهو تجاهل كل هذه الأسباب وخرج مهرولاً إلى مؤتمر صحافي، في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء - الخميس، متهماً نفتالي بنيت، بالذات، بالتسبب في إفشال حكم اليمين. وقال إن «الضمان الوحيد لاستمرار حكم اليمين، هو في التوجه إلى انتخاب رئيس حكومة بشكل مباشر، فانتخابات كهذه هي أفضل وأدق استفتاء شعبي يقرر فيه الناس من يكون رئيس حكومتهم. لكن بنيت يمنع هذه الفرصة؛ لأنه يريد أن يكون بنفسه رئيس حكومة، مع أن عدد أفراد كتلته البرلمانية لا يزيد على 7 نواب. إنه مصاب بمرض الوصول إلى رئاسة الحكومة، وهذه أنانية لا تليق بأحزاب اليمين».
ورد بنيت عليه قائلاً إن «الهم الأساسي عند الجمهور هو ألا نأخذه إلى انتخابات خامسة. والأناني هنا هو نتنياهو وحده، الذي لكي يبقى رئيس حكومة، مستعد للتضحية بالحزب وبالمعسكر وبالدولة كلها. أنا أقترح على نتنياهو أن يترجل عن الحلبة ويعتزل السياسة، وأنا أتعهد له بأن نشكل حكومة يمين بقيادة (الليكود)». لكن هجوم نتنياهو ترك أثره على بنيت، وفي محاولة لإرضاء ناخبيه من اليمين، أعلن أنه رفض اقتراحاً من المعسكر المناوئ لبنيامين نتنياهو لسن قانون يمنع من تُقدَّم ضده لوائح اتهام من تشكيل حكومة في المستقبل. وقال: «هذا القانون شخصي، جاء ليحارب شخصاً بعينه؛ هو نتنياهو. ومثلما أرفض قانوناً لانتخابات شخصية لرئاسة الحكومة، أرفض قانون المعارضة ضد نتنياهو». وشدد على أنه في حال فشل نتنياهو في تشكيل حكومة، فإنه سيعمل على تشكيل ما سماها «حكومة وحدة» مع اليسار.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.