إردوغان يطيح وزيرة متورطة في واقعة محسوبية

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تعديلا محدودا مفاجئا في حكومته شمل الإطاحة بوزيرتي التجارة والأسرة والعمل والضمان الاجتماعي وتقسيمها إلى وزارتين وتعيين 3 وزراء جدد لشغل هذه الحقائب.
ونشرت الجريدة الرسمية أمس (الأربعاء) مرسوما رئاسيا أصدره إردوغان بعد منتصف ليل الثلاثاء تضمن إقالة وزيرة التجارة روهصار بيكجان وتعيين محمد موش النائب عن مدينة إسطنبول بدلا منها، وإقالة وزيرة الأسرة والعمل والضمان الاجتماعي زهراء زمرد سلجوق وتقسيم الوزارة إلى وزارتين، هما الأسرة والخدمات الاجتماعية وأسندت إلى القيادية في صفوف الحزب المحامية داريا يانيك وهي من أبرز القيادات المؤسسة لفرع حزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول، ووزارة العمل والضمان الاجتماعي وأسندت إلى الأكاديمي وداد بيلجين، الذي كان يعمل مستشارا لإردوغان للسياسات الاجتماعية بالرئاسة التركية، وهو من القياديين بالحزب الحاكم أيضا وانتخب نائبا برلمانيا مرتين.
وبينما لم يذكر المرسوم الرئاسي أسبابا لإقالة الوزيرتين إلا أن التعديل المفاجئ جاء بعد الكشف عن تورط وزيرة التجارة روهصار بيكجان في إسناد مناقصة بمبلع 1.1 مليون دولار إلى شركة يملكها زوجها وتتبع بدورها لشركة تملك هي نفسها 40 في المائة من أسهمها، لتوريد مواد مطهرة تستخدم في الوقاية من فيروس «كورونا» إلى الوزارة والمؤسسات التابعة لها. وكان موقع «أوضه تي في» المعارض للحكومة كشف عن أن شركة «قارون» زودت وزارة التجارة والمؤسسات التابعة لها بالمواد المطهرة. واتهمت المعارضة التركية بيكجان بالفساد، وممارسة المحسوبية عبر تفضيل شركة تملكها وتقديمها في بعض المناقصات الحكومية الخاصة بتوريد المواد المطهرة لوزارتها.
ودعا حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بيكجان إلى توضيح ما إذا كانت وزارتها والمؤسسات ذات الصلة، اشترت ما قيمته 9 ملايين ليرة (1.1 مليون دولار) من المواد المطهرة من شركة تملكها. وقال علي أوزتونتش، نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب، إن شركة بيكجان فشلت في الرد على أسئلة حول هذا الموضوع.
وكانت بيكجان عينت وزيرة للتجارة في يوليو (تموز) 2018، وهي مصرفية سابقة وسيدة أعمال، أسست في عام 2005 شركة «قارون»، محور الادعاءات الموجهة لها بالفساد والمحسوبية، والتي تنشط أيضاً في مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك الري وخطوط الأنابيب.
واعتبر مراقبون أن قرار إردوغان إطاحتها لا يمكن فصله أيضا عن فشلها في علاج تضخم العجز التجاري المزمن الذي باتت تعاني منه تركيا والذي استفحل في الفترة الأخيرة نتيجة تداعيات تفشي وباء «كورونا». ووزير التجارة الجديد، محمد موش، هو قيادي بارز في حزب العدالة والتنمية الحاكم درس الاقتصاد وإدارة الأعمال، وحاصل على ماجستير في تخصصه من الولايات المتحدة، وهو نائب بالبرلمان عن مدينة إسطنبول وسبق له أن كان عضوا في اللجنة التنفيذية للحزب، لكنه لم يدخل في قيادة الحزب التي اختيرت في مؤتمره العام الشهر الماضي، حيث كان إردوغان يخطط لتغيير وزاري واسع قبل انتخابات 2023، وهو ما اعتبر مؤشرا على توليه منصبا وزاريا. أما بالنسبة لإقالة وزيرة الأسرة والعمل والضمان الاجتماعي زهراء زمرد سلجوق، فأرجعه مراقبون إلى أدائها المتدني خلال فترة انتشار وباء «كورونا» وعدم قدرتها على تطبيق سياسات تحد من الأثر السلبي للوباء على المجتمع.
على صعيد آخر، أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن بلاده تتفاوض بشأن شراء دفعة جديدة من أنظمة صواريخ «إس - 400» الروسية، في خطوة يتوقع أن تعمق الخلاف مع الولايات المتحدة التي ترفض اقتناء تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) المنظومة الروسية التي تعتبرها خطرا على أنظمة الحلف الدفاعية وعلى مقاتلات «إف 35» أميركية الصنع. وانتقد جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية ليل الثلاثاء - الأربعاء، موقف واشنطن، التي فرضت عقوبات على مسؤولين في قطاع الصناعات الدفاعية التركي. وقال جاويش أوغلو إنه إذا أرادت الولايات المتحدة أن تشتري تركيا أسلحة منها، فيجب أن تعرضها بأسعار معقولة وشروط أفضل.
كان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن دعا في اتصال هاتفي مع نظيره التركي، الشهر الماضي، إلى التخلي عن أنظمة الصواريخ الروسية «إس 400»، لكن جاويش أوغلو أشار إلى أن الصفقة مع روسيا هي «مسألة مكتملة، وقد ذكّرناه (بلينكن) مرة أخرى لماذا اشترت تركيا (إس 400)... المنظومة تم شراؤها والآن تم إغلاق المسألة». من ناحية أخرى، أكد جاويش أوغلو أن بيع بلاده طائرات حربية مسيرة إلى أوكرانيا ليس موجها ضد روسيا، مشيرا إلى أن تركيا لديها علاقات جيدة مع البلدين، رغم الوضع المتوتر في منطقة البحر الأسود.