وزير إماراتي: يجب التركيز على تحويل التحدي المناخي إلى خلق فرص اقتصادية

الجابر قال إن 2020 شهد أكبر إضافة في تاريخ الطاقة المتجددة بلغت 260 غيغاوات

الدكتور الجابر خلال اللقاء مع فريدريك كيمب الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي (الشرق الأوسط)
الدكتور الجابر خلال اللقاء مع فريدريك كيمب الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي (الشرق الأوسط)
TT

وزير إماراتي: يجب التركيز على تحويل التحدي المناخي إلى خلق فرص اقتصادية

الدكتور الجابر خلال اللقاء مع فريدريك كيمب الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي (الشرق الأوسط)
الدكتور الجابر خلال اللقاء مع فريدريك كيمب الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي (الشرق الأوسط)

قال الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والمبعوث الخاص لدولة الإمارات لشؤون التغير المناخي، إن فرص الاستثمار في الطاقة المتجددة أصبحت مجدية اقتصادياً أكثر من أي وقت مضى، لافتاً إلى البيانات التي نشرتها مؤخراً الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» التي أكدت أن عام 2020 شهد أكبر إضافة في تاريخ قطاع الطاقة المتجددة بلغت 260 غيغاوات، وذلك رغم الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن انتشار جائحة «كوفيد - 19» عالمياً.
وأضاف الدكتور الجابر أن الإمارات تستفيد من ذلك الواقع الاقتصادي ومن خبراتها في مجال التكنولوجيا النظيفة لحشد الدعم الإقليمي للعمل المناخي، وذلك استعداداً للدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 26).
وأكد الوزير الإماراتي التزام بلاده بالعمل المناخي المستمر والطموح، وضرورة التركيز على تحويل التحدي المناخي إلى خلق فرص اقتصادية، وقال: «من خلال رؤية القيادة ترى الإمارات أن العمل المناخي المستمر والطموح هو ضروري ومهمّ ويشكل داعماً قوياً للنمو الاقتصادي، وأن اتخاذ الخطوات الصحيحة في هذا الاتجاه سيضع العالم على مسار جديد نحو تحقيق نمو اقتصادي كبير منخفض الكربون... لذلك، علينا التعامل مع التحدي المناخي على أنه فرصة يجب الاستفادة منها».
وجاء حديث الدكتور الجابر خلال لقاء، اليوم (الثلاثاء)، مع فريدريك كيمب، الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي، المؤسسة البحثية الأميركية التي تتخذ مقرها في واشنطن، قبل أيام من استضافة البيت الأبيض لقمة القادة بشأن المناخ بمشاركة 40 دولة بما فيها الإمارات.
وأكد الجابر أهمية الزيارة الأخيرة لجون كيري المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون التغير المناخي، إلى الإمارات للمشاركة في الحوار الإقليمي للتغير المناخي الذي عُقد في أبوظبي، حيث قال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي: «اكتسبت تلك الزيارة أهمية كبيرة فقد جمعت أحد أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، مع الولايات المتحدة التي تعد أكبر اقتصاد في العالم وكذلك أحد المنتجين الرئيسيين للموارد الهيدروكربونية، لعقد شراكة تهدف إلى تحويل العمل المناخي إلى فرصٍ اقتصادية مجدية... وفيما تمتلك الإمارات والولايات المتحدة الأميركية علاقات قوية وراسخة، فإننا نعمل على أن تسهم هذه العلاقات المتميزة في دعم الجهود الدبلوماسية التي تهدف لتحقيق نتائج ملموسة في مجال العمل المناخي».
وأوضح الدكتور سلطان أحمد الجابر أن الإمارات ستستفيد من الخبرات التي اكتسبتها من سجلها الحافل بالاستثمار في التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة في 70 دولة حول العالم، وستركز على الاستفادة من الفرص الجديدة ذات الجدوى الاقتصادية، وقال: «نجحنا في الاستفادة من رأس المال الخاص والتمويل الميسّر في تنفيذ مشاريع كبيرة بدءاً من مرحلة التخطيط وصولاً إلى إنجازها قبل الموعد المحدد وضمن الميزانية... ونحن مستعدون دوماً للتعاون مع شركاء جدد حينما تتوفر الفرصة».
كما أشار إلى الدور المهم الذي يقوم به قطاع النفط والغاز كمصدر رئيسي للطاقة خلال العقود المقبلة، وكذلك دوره المهم في التحول في قطاع الطاقة.
وأضاف: «استناداً إلى هذه الحقائق، من الضروري أن يركز المنتجون على خفض انبعاثات الكربون في قطاع النفط والغاز قدر الإمكان... وتمتلك أدنوك (شركة بترول أبوظبي الوطنية) تاريخاً طويلاً من عمليات الإنتاج المسؤول منذ تأسيسها قبل خمسين عاماً، فقد كانت من أولى شركات النفط التي اعتمدت سياسة عدم حرق الغاز وتطبيق تقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق صناعي واسع في المنطقة... وساعدت تلك الإجراءات الاستباقية في أن يكون قطاع النفط في الإمارات من الأقل كثافة عالمياً من حيث مستويات الانبعاثات، كما أن مستويات الانبعاثات من خام مربان هي أقل من نصف متوسط الانبعاثات في قطاع النفط والغاز العالمي... ونسعى دائماً إلى استكشاف سبل جديدة لتحسين أدائنا البيئي واعتمدنا استراتيجية تقلل كثافة انبعاثات الكربون في عملياتنا بنسبة 25% إضافية بحلول عام 2030».
وفي إطار خطط الإمارات المستقبلية لخفض انبعاثات الكربون في قطاع الطاقة، أشار الدكتور الجابر إلى أن دولة الإمارات تستثمر في أنواع الوقود الجديدة الخالية من الكربون، مثل الهيدروجين. ورغم أن سوق الهيدروجين لا تزال محدودة حالياً، لكنها تحظى بفرصة كبيرة للاستحواذ على شريحة ضخمة من منظومة الطاقة في العقدين المقبلين، وستكون الإمارات في ذاك الحين قادرة على أن تصبح مزوداً رئيسياً لكل من الهيدروجين الأزرق والأخضر.
وتابع: «في (أدنوك)، يمكننا الاستفادة من البنية التحتية التي نمتلكها حالياً في قطاع الغاز، ومن قدراتنا في التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق تجاري، في تطوير الهيدروجين الأزرق... كما نستكشف إمكانات الهيدروجين الأخضر عبر تحالف أبوظبي للهيدروجين، الذي يجمع اللاعبين الرئيسيين في قطاع الطاقة والصناعة في الإمارات... وندرك أن مفتاح تطوير اقتصاد الهيدروجين في المستقبل يتمثل في مواءمة العرض مع الطلب، وتطوير سلسلة قيمة تربط الموردين بالعملاء في الأسواق الرئيسية... لذلك، ندرس حالياً الفرص الممكنة في السوق الدولية ونطوّر خطة لإنشاء منظومة للهيدروجين يمكنها توفير الإمدادات لكل من دولة الإمارات والسوق العالمية».



هل يكرر ترمب سياسات الإنفاق المفرط ويزيد ديون أميركا؟

دونالد ترمب يتحدث خلال حملته الانتخابية في أتلانتا 15 أكتوبر 2024 (رويترز)
دونالد ترمب يتحدث خلال حملته الانتخابية في أتلانتا 15 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

هل يكرر ترمب سياسات الإنفاق المفرط ويزيد ديون أميركا؟

دونالد ترمب يتحدث خلال حملته الانتخابية في أتلانتا 15 أكتوبر 2024 (رويترز)
دونالد ترمب يتحدث خلال حملته الانتخابية في أتلانتا 15 أكتوبر 2024 (رويترز)

على مدى العقود الماضية، شهد الاقتصاد الأميركي تسارعاً ملحوظاً في وتيرة تراكم الدَّين العام ليصبح سمة «تاريخية» وجزءاً لا يتجزأ من الهوية الاقتصادية الأميركية، بدءاً من الرئيس فرنكلين روزفلت الذي أسهم بأكبر نسبة زيادة في الدين الوطني حتى الآن، مروراً بالرئيس باراك أوباما، وصولاً إلى الرئيس جو بايدن.

وقد استمر هذا الاتجاه، خلال الفترة الأولى من رئاسة دونالد ترمب (2017-2021)، حيث تميزت بزيادة قياسية في الدين العام، إذ أضافت إدارته أكثر من 7 تريليونات دولار إلى خزينة الدولة، ليصل حجم الدين إلى نحو 28 تريليون دولار مع نهاية ولايته.

وجاء هذا التوسع مدفوعاً بحزمة مساعدات ضخمة لمواجهة تداعيات جائحة «كورونا»، بلغت قيمتها 900 مليار دولار. وبذلك يواصل الدين الوطني الأميركي ارتفاعه ليبلغ في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي 35.8 تريليون دولار، ما يمثل نحو 99 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويقارب المستوى الذي سُجل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

وبعودة ترمب إلى الرئاسة في 2024، يثار عدد من التساؤلات حول احتمالات تكرار هذا السيناريو. وتشير توقعات لجنة الموازنة الفيدرالية إلى أن خططه قد تضيف نحو 7.75 تريليون دولار جديدة إلى الدين العام، إذ يتعهد ترمب بتخفيضات ضريبية جديدة، وزيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، ما قد يُنذر بزيادة الدين مرة أخرى.

ورغم أن ترمب يرى في هذه السياسات دافعاً لنمو الاقتصاد وتعزيز التنافسية، فإن هذا الإنفاق المعتمد على العجز قد يؤدي إلى تدهور الوضع المالي العام، ولا سيما مع التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة. وبذلك، سيواجه ترمب تحديات مالية جسيمة قد تهدد مكانة الولايات المتحدة في أسواق الديون العالمية، مما يؤثر على إقبال المستثمرين على شراء سندات الدين الأميركية، ويرفع تكاليف الاقتراض الحكومي.

تحذيرات من مخاطر تراكم الديون

يشير الواقع إلى أن الدين العام بات يشكل تهديداً حقيقياً لمستقبل الاقتصاد الأميركي. ووفق بيانات مكتب الموازنة في الكونغرس، من المتوقع أن ترتفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة إلى 155 في المائة بحلول 2050. وفي الآونة الأخيرة، تزداد التحذيرات من ضرورة ضبط العجز، إذ إن استمرار الاعتماد على الدين قد يُعرّض الاقتصاد لمخاطر أعمق، خصوصاً في حال حدوث تباطؤ اقتصادي مفاجئ. ووفقاً لرئيسة مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية السابقة، شيلا باير، فإن أزمة الديون الفيدرالية تُعد من أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة حالياً. فالحكومة الأميركية اعتمدت مراراً على الإنفاق المموّل بالعجز وتخفيض الضرائب، لمواجهة أزمات كبرى، مثل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، والأزمة المالية العالمية 2007-2008، وجائحة «كورونا». إلا أن استمرار هذه السياسات بعد انحسار الأزمات أسهم في تراكم ديون هائلة.

سيارة تمر أمام لافتة تعرض رقم الدين الوطني الأميركي بعد أن وصل إلى حد الاقتراض البالغ 31.4 تريليون دولار (رويترز)

ارتفاع العوائد على السندات الأميركية

ومع إعلان فوز ترمب في الانتخابات، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.479 في المائة، مع ازدياد التوقعات بأن سياسات ترمب التجارية والضريبية قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وتفاقم الوضع المالي للبلاد. وقال الرئيس التنفيذي لصندوق التحوط «تولو كابيتال مانجمنت»، سبنسر حكيمي: «نتوقع أن تؤدي ولاية ترمب إلى تأثيرات سلبية على العوائد؛ نظراً لزيادة العجز ورفع الرسوم الجمركية».

وأظهر استطلاع لمعهد المحللين الماليين المعتمدين أن 77 في المائة من المحللين يرون أن المالية الأميركية تسير في اتجاه غير مستدام، بينما يرى 61 في المائة أن الولايات المتحدة تفتقر إلى الإرادة السياسية لخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. ويعتقد 63 في المائة أن الولايات المتحدة قد تفقد مكانتها بوصفها عملة احتياطية خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة. هذه التوقعات قد تعني أن المستثمرين في سندات الخزانة الأميركية قد يواجهون خسائر كبيرة، ما سيؤدي إلى تراجع قيمة الأصول المالية المملوكة للبنوك والصناديق والمديرين الماليين، وازدياد موجات التخارج في الأسواق المالية، مما يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية.

تحديات إعادة تفعيل سقف الدين

من بين التحديات الكبرى التي ستواجه إدارة ترمب إعادة تفعيل سقف الدين الفيدرالي (حد الدين) في 2 يناير (كانون الثاني) 2025، بعد أن جرى تعليقه في 2023 على أثر مفاوضات مطوّلة مع الكونغرس. وتقوم واشنطن بتحديد حد أقصى للاقتراض الفيدرالي، ويجب أن توافق غالبية أعضاء الكونغرس على هذا الحد.

وبين عامي 1992 و2012، جرى تعديل سقف الدين 15 مرة. ومع بداية عام 2013، بدأ صنّاع السياسات تعليق السقف، بدلاً من رفعه بشكل مباشر، بحيث تجري إعادة ضبطه في نهاية كل فترة تعليق. ومنذ ذلك الحين، عُلّق السقف، وأُعيد فرضه سبع مرات إضافية، مما أدى إلى زيادة السقف من 16.7 تريليون دولار في 2013، إلى 31.4 تريليون دولار في 2023. وفي حال عدم التوصل إلى حل سريع، سوف تضطر وزارة الخزانة إلى استخدام احتياطياتها النقدية والإجراءات الاستثنائية، وهي مجموعة من المناورات المحاسبية، لتمويل الحكومة حتى تاريخ «X»؛ وهو التاريخ الذي لن تتمكن فيه الحكومة من دفع جميع فواتيرها. ويقدِّر بعض التحليلات أن هذا التاريخ قد يكون في النصف الثاني من العام المقبل.

وقد أدت النزاعات حول سقف الدين في الماضي إلى دفع البلاد إلى حافة التعثر، مما أثر على تصنيفها الائتماني. وقد يتكرر هذا السيناريو في حال وجود حكومة منقسمة، حيث فاز الجمهوريون بالأغلبية في مجلس الشيوخ، لكن لا يبدو أن أياً من الحزبين يملك الأفضلية في السيطرة على مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون حالياً بأغلبية ضئيلة. كما أن هذا الأمر يؤثر سلباً على سندات الخزانة الأميركية التي تُعد استثماراً آمناً ومستقراً.

وفي حال اعتبار الديون الأميركية أكثر خطورة، قد يتجه المستثمرون إلى أسواق أخرى، مما يرفع معدلات الفائدة ويزيد أعباء الفائدة على الحكومة. وتشير تقديرات مؤسسة «بروكينغز» إلى أن التخلف عن السداد أو المساس بسلامة سوق الخزانة، قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الفائدة بنحو 750 مليار دولار خلال عشر سنوات. علاوة على ذلك، فإن تكاليف الفائدة على الديون الأميركية في طريقها إلى تجاوز مستوياتها القياسية السابقة، نسبة إلى حجم الاقتصاد في عام 2025، ويرجع هذا جزئياً إلى الزيادات المطردة بأسعار الفائدة في السنوات الأخيرة.

تمثال للسيناتور السابق ألبرت غالاتين يقف أمام وزارة الخزانة بواشنطن (رويترز)

مناورات تهدد بخفض التصنيف الائتماني

لم تقم الولايات المتحدة قط بالتخلف عن سداد ديونها، لكن المشرّعين غالباً ما ينتظرون حتى اللحظة الأخيرة لرفع أو تعليق سقف الدين. وهذه المناورات المالية لها عواقب سلبية، مثل احتمال خفض تصنيف الولايات المتحدة الائتماني من قِبل وكالات التصنيف، وهي مصدر للقلق بالنسبة للأسواق المالية.

وفي العام الماضي، خفّضت وكالة «فيتش» تصنيف الولايات المتحدة الائتماني بمقدار درجة واحدة من «إيه إيه إيه» إلى «إيه إيه +»، ونظرتها إلى «سلبية» من «مستقرة»؛ بسبب المناورات السياسية حول حد الدين. كما أبدت «موديز» و«ستاندرد آند بورز» مخاوف مشابهة.

الدولار واستدامة الديون

أتاحت المكانة المتميزة للدولار بوصفه عملة احتياطية للولايات المتحدة تجاهل العواقب المباشرة لازدياد الديون الفيدرالية، لكن هذا الوضع يشهد تراجعاً ملحوظاً؛ فقد انخفضت حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية من أكثر من 70 في المائة خلال عام 2000، إلى 58 في المائة حالياً، كما انخفضت ملكية الأجانب للسندات الأميركية من 34 في المائة خلال 2012، إلى 28 في المائة خلال 2024، ما يعكس تآكل الثقة بقدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها المالية.

وإذا استمر هذا التوجه، فقد تواجه الولايات المتحدة أزمة في تمويل ديونها، ما سيدفع الحكومة لدفع تكاليف فائدة مرتفعة. فقد بلغت تكلفة خدمة الدين الفيدرالي 892 مليار دولار في 2024، ومن المتوقع أن ترتفع بشكل كبير إذا استمر الدين في الارتفاع، مما يضيف ضغوطاً مالية إضافية على الموازنة الفيدرالية، وقد يضطر الاقتصاد الأميركي إلى التعامل مع زيادات ضريبية أو تخفيضات في الإنفاق؛ في محاولة للتعامل مع هذه الضغوط.

بين السياسات التوسعية والعجز المالي

على الرغم من أن الولايات المتحدة تمكنت تدريجياً في الماضي من تقليص الدين العام إلى نحو 31 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول عام 1981، فقد أسهمت السياسة المالية الحالية، سواء من الجمهوريين أم الديمقراطيين، في تعميق العجز، عبر تسهيل تمويل المبادرات الشعبية بالاقتراض المتزايد. ويبدو أن كلا الحزبين اتفق ضمنياً على أن العجز يمثل الوسيلة الأسهل لتحقيق أهدافهما السياسية، ما أضعفَ الاهتمام بمعالجة المشكلات المالية.

وبالنسبة لترمب، سيكون التحدي الأكبر في ولايته الثانية هو موازنة سياساته التوسعية في تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق، مع الحاجة إلى السيطرة على الدين المتزايد. وإذا قرر مواجهة الدين، فقد يتعين عليه تقليص بعض أوجه الإنفاق، أو تعديل التخفيضات الضريبية، وهي خطوات غير شعبية، كما يمكنه الاستفادة من دعم الأغلبية الجمهورية لتحقيق «اكتساح أحمر» يساعده في تمرير إصلاحات هيكلية تعزز استدامة النمو المالي، دون التأثير على الاقتصاد.