التحقيق مع صناع مسلسل «الطاووس» يثير جدلاً في مصر

«الأعلى للإعلام» قال إنه يستهدف «إعلاء القيم»

فريق عمل مسلسل «الطاووس» من صفحة الفنان السوري جمال سليمان على «إنستغرام»
فريق عمل مسلسل «الطاووس» من صفحة الفنان السوري جمال سليمان على «إنستغرام»
TT

التحقيق مع صناع مسلسل «الطاووس» يثير جدلاً في مصر

فريق عمل مسلسل «الطاووس» من صفحة الفنان السوري جمال سليمان على «إنستغرام»
فريق عمل مسلسل «الطاووس» من صفحة الفنان السوري جمال سليمان على «إنستغرام»

أثار قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري، الخاص بالتحقيق مع صناع مسلسل «الطاووس»، جدلاً في مصر... فبينما أيد البعض إجراءات المجلس الفورية ضد المسلسل، انتقد آخرون انتقاء هذا العمل تحديداً للتحقيق مع صناعه وترك أعمال أخرى تحتوي على عبارات ومشاهد وصفت بأنها «غير لائقة».
وقال المجلس في بيان له مساء أول من أمس إنه «تقرر التحقيق مع صناع (الطاووس) ومسؤولي القنوات التي تقوم بعرضه، بعد تلقي شكاوى عدة، بشأن استخدام لغة لا تتفق مع الأكواد التي أصدرها المجلس، والتي تؤكد ضرورة إعلاء القيم وعدم المساس بالأسر المصرية أو الحط من شأنها، أو إظهارها في صورة تسيء إليها».
ويرى نقاد مصريون أن «تعدد الجهات التي تمارس الرقابة على الدراما من أبرز المشكلات التي تواجه الصناعة حالياً، منتقدين «تربص المجلس بما يتم عرضه على الشاشة وخصوصاً في موسم رمضان».
وأكد المجلس «انحيازه إلى حرية الفن، وإطلاق طاقات الإبداع والتفرد والقيم الجمالية، وعدم وضعه قيوداً من أي نوع على تلك المعاني النبيلة، ولكنه يعمل في الوقت ذاته على تنقية الأجواء ومنع الصور التي تسيء للفن المصري الأصيل».
مسلسل «الطاووس» سيناريو وحوار كريم الديلي، ومن بطولة الفنان السوري جمال سليمان، والفنانة المصرية سميحة أيوب، وسهر الصايغ، وأحمد فؤاد سليم، وهبة عبد الغني، ورانيا محمود ياسين وهالة فاخر، وخالد عليش، وإخراج رؤوف عبد العزيز.
وتدور أحداثه حول محامٍ يتمتع بذكاء شديد «كمال» الذي يتحرى قضية اغتصاب الفتاة «أمينة» التي تنتمي لطبقة فقيرة، والتي تم تخديرها بواسطة شباب ينتمون إلى الطبقة الغنية وقاموا باغتصابها.
ويقول الناقد المصري أندرو محسن لـ«الشرق الأوسط»: «بيان المجلس الأعلى للإعلام يحتوي على تناقض شديد، فبينما يؤكد عدم وقوفه ضد حرية الإبداع، أعلن أنه سوف يحقق مع صناع مسلسل «الطاووس» في بعض المخالفات غير المحددة، في ظل عرض مسلسلات أخرى لمشاهد عنف ودماء وإيحاءات».
ويشير محسن، إلى أن «تنويه بعض المسلسلات المصرية عن تحديد الفئات العمرية، يساهم في التحكم في مشاهدة أي عمل دون الآخر».
وبحسب المجلس الأعلى للإعلام فإن «لجنة رصد الأعمال الدرامية تقوم أولاً بأول بمتابعة ما يتم عرضه من مسلسلات، ومراقبة مدى الالتزام بالأكواد الإعلامية، وتتلقى شكاوى المواطنين، وكذلك انتقادات النقاد والكتاب والمهتمين بذلك».
ورغم عدم الإفصاح عن أنواع المخالفات الرئيسية التي تم رصدها بمسلسل (الطاووس)، فإن متابعين قالوا إن السبب وراء قرار «الأعلى للإعلام» هو تشابه قصة المسلسل مع قضية اغتصاب شهيرة هزت الرأي العام المصري قبل عدة أشهر.
وقال المحامي المصري طارق العوضي، عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك» أمس: «وصلني استدعاء من المجلس الأعلى للإعلام لمقابلة لجنة مشكلة من المجلس للاستماع إلى أقوالي في الشكوى المقدمة حول علاقة مسلسل «الطاووس» بقضية «الفيرمونت» وما تم استغلاله كدعاية للمسلسل»، ولفت إلى «تأجيل موعد التحقيق لوجود ظرف لدى أحد أعضاء اللجنة وسيتم تحديد موعد آخر».
وكان العوضي قد أعلن في وقت سابق عن تقديم بلاغ للنائب العام لـ«استغلال اسم موكلته (صاحبة قضية الفيرمونت) من قبل الجهات المنتجة لمسلسل «الطاووس».
ويؤكد محسن أن «الضرورة الدرامية تقتضي ظهور الممثلين في أوضاع شبه حقيقية، فتناول مسلسل يدور عن حارة شعبية يتطلب مراعاة الديكور والجمل المناسبة للموضوع».
وتتضمن لائحة جزاءات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري، عدة بنود، أولها لفت الانتباه، والإنذار، مروراً بتوقيع غرامة، قبل منع البث، فيما تتضمن معايير الأعمال الدرامية بالمجلس عدة محاذير من بينها «عدم اللجوء إلى الألفاظ البذيئة وفاحش القول والحوارات المتدنية، والابتعاد عن إقحام الأعمال الدرامية بالشتائم والسباب والمشاهد الفجّة، وعدم استخدام تعبيرات وألفاظ تحمل للمشاهد والمتلقي إيحاءات مسيئة تهبط بلغة الحوار، بالإضافة إلى التوقف عن تمجيد الجريمة باصطناع أبطال وهميين يجسدون أسوأ ما في الظواهر الاجتماعية السلبية، بجانب ضرورة خلو هذه الأعمال من العنف غير المبرر والحض على الكراهية والتمييز وتحقير الإنسان.
وأثار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في شهر رمضان من عام 2019 جدلاً كبيراً في مصر، بعد نشره تقريراً يرصد عشرات المخالفات في 18 مسلسلاً، من بينها «ألفاظ سوقية»، و«إيحاءات جنسية»، و«تشويه صورة المرأة»، و«عدم احترام اللغة العربية»، و«عدم احترام للهوية المصرية والعربية»، حيث اعتبره صناع الدراما والنقاد أمراً غير منطقي وغريب، يصطدم بحرية الإبداع والفن.



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».