طرد 20 دبلوماسياً تشيكياً يزيد تدهور علاقات روسيا مع أوروبا

رداً على طرد دبلوماسيين روس من براغ اتهموا بممارسة نشاط تخريبي

العاملون في سفارة جمهورية التشيك يودعون زملاءهم بعد قرار طردهم من موسكو (إ.ب.أ)
العاملون في سفارة جمهورية التشيك يودعون زملاءهم بعد قرار طردهم من موسكو (إ.ب.أ)
TT

طرد 20 دبلوماسياً تشيكياً يزيد تدهور علاقات روسيا مع أوروبا

العاملون في سفارة جمهورية التشيك يودعون زملاءهم بعد قرار طردهم من موسكو (إ.ب.أ)
العاملون في سفارة جمهورية التشيك يودعون زملاءهم بعد قرار طردهم من موسكو (إ.ب.أ)

اتخذت المواجهة المتصاعدة بين روسيا والغرب بعداً جديداً بعد تفجر أزمة تبادل طرد الدبلوماسيين بين موسكو وبراغ التي كانت تعد تقليدياً من البلدان الأوروبية القليلة التي حافظت على توازن علاقاتها مع روسيا. ورأت أوساط في موسكو أن دخول براغ المفاجئ على خط المواجهة يعكس نجاح واشنطن في تعزيز «جبهة غربية موحدة» ضد روسيا، خصوصاً أن التطور تزامن مع خطوات مماثلة من بولندا وبلدان أخرى، وفي سياق التلويح المتواصل بفرض تدابير جديدة تستهدف المصالح الروسية. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، مساء الأحد، طرد 20 دبلوماسياً تشيكياً، رداً على قرار براغ قبل يومين ترحيل 18 موظفاً في السفارة الروسية لديها.
وأكدت الوزارة، في بيان، أنه تم استدعاء سفير براغ لدى موسكو، فيتيزسلاف بيفونكا، للإعراب عن «احتجاج حاسم» على إجراء السلطات التشيكية بحق السفارة الروسية. وذكرت الوزارة أنها أبلغت بيفونكا بإعلان 20 موظفاً في السفارة التشيكية لدى موسكو «شخصيات غير مرغوب بها»، وتم توجيه أمر بمغادرتهم أراضي روسيا خلال 24 ساعة. ولاحقاً، أوضح مدير قسم الشؤون الدولية في الرئاسة التشيكية، رودولف ييندراك، أن القرار الروسي يعني أن السفارة التشيكية في موسكو ستعمل بأقل من ربع طاقمها المعتاد، ولن يبقى في موسكو إلا 5 دبلوماسيين تشيك.
وكانت الحكومة التشيكية قد أعلنت، السبت، عن طرد 18 دبلوماسياً روسياً قالت إنهم «ضباط في هيئة الاستخبارات الخارجية والإدارة العامة للاستخبارات الروسية». وقالت السلطات التشيكية إن هذا الإجراء تم اتخاذه في ظل كشف ملابسات جديدة لحادث انفجار مستودع ذخيرة في مدينة فربيتيتسيه عام 2014. وأوضحت أن التحقيقات الجارية منذ ذلك الوقت دلت على تورط عناصر الاستخبارات الروسية في الحادثة التي أودت بحياة مواطنين اثنين.
لكن الخارجية الروسية نفت صحة الاتهامات، ورأت في بيان أن «السلطات التشيكية اتخذت قراراً غير مسبوق... تحت ذرائع مصطنعة لا أساس لها». وأضافت الوزارة أن «هذه الخطوة العدائية تمثل استمراراً لسلسلة إجراءات معادية لروسيا اتخذتها براغ خلال السنوات الأخيرة... ولا يمكن عدم ملاحظة الأثر الأميركي في هذه الأحداث. وفي سعيها إلى إرضاء الولايات المتحدة، على خلفية فرضها مؤخراً عقوبات جديدة على روسيا، تخطت السلطات التشيكية حتى حليفتها الكبرى في الطرف الآخر للمحيط».
ودفع التطور بعض الخبراء الروس إلى الحديث عن مجرى تصاعدي للمواجهة سيكون له تأثيرات سلبية على كل محاولات تخفيف التوتر أو إيجاد آليات للتوصل إلى «تفاهمات الحد الأدنى» التي كانت موسكو تعول عليها في حال تم ترتيب لقاء مباشر بين الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين. ولفت بعضهم إلى أنه على الرغم من لهجة بيان الخارجية الروسية الحادة ضد براغ، فإن قرار السلطات التشيكية شكل نقطة تحول جدية في الحملة المنسقة التي تديرها واشنطن ضد موسكو، نظراً لأن براغ حافظت على الرغم من توتر العلاقات الروسية - الأوروبية عموماً على علاقات متوازنة مع موسكو.
وقال خبراء إن التطور الجديد يشير إلى أنه في طليعة المواجهة بين روسيا والغرب، لم تعد جمهوريات حوض البلطيق وبولندا وحدها تشكل رأس الحربة ضد روسيا، كما كان الوضع سابقاً، بل دخلت جمهورية التشيك بقوة على هذا الخط. وينتظر أن يقدم الرئيس التشيكي ميلوس زيمان، على التلفزيون المحلي يوم 25 أبريل (نيسان)، الأدلة التي توصل إليها المحققون التشيك على أن روسيا نظمت الهجوم عام 2014 في بلاده.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن، الأسبوع الماضي، رزمة عقوبات جديدة ضد روسيا، شملت بالإضافة إلى العقوبات والقيود الاقتصادية طرد دبلوماسيين. وأظهر الاتحاد الأوروبي بوادر دعم لواشنطن، عززت نجاح واشنطن في تعزيز ما وصف بأنه «جبهة أميركية - أوروبية تعمل بشكل منسق لمواجهة التهديدات الروسية».
وكان تطور آخر مزعج للكرملين قد برز أخيراً، بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال قبل أيام إنه لا يستبعد فرض رزمة عقوبات جديدة على روسيا، في حال تدهور الوضع في أوكرانيا، ما شكل عنصراً ضاغطاً إضافياً، ومؤشراً جدياً إلى مدى اتساع الحملة المناهضة لموسكو، ودرجة تنسيقها في الغرب.
والصحيح، وفقاً لخبراء، أن ماكرون تحدث عن عقوبات تتعلق بأوكرانيا فقط، وهذا خلافاً للمواقف الأميركية والأوروبية الأخرى. وفي حين تنطلق واشنطن، ومعها بعض الحلفاء الأوروبيين، في تصعيد الضغوط على موسكو، انطلاقاً من ملف التدخل الروسي في استحقاقات محلية أو القيام بأنشطة تجسسية تخريبية، فإن التلويح الفرنسي حول الملف الأوكراني يحمل بعداً إضافياً يمكن أن يوحد الصف الأوروبي أكثر ضد موسكو.
ويأتي هذا على خلفية تزايد التوتر في الشرق الأوكراني، وبروز صوت موحد للأوروبيين الذين طالبوا موسكو بسرعة سحب قواتها المنتشرة على الحدود مع أوكرانيا. وفي سياق الإشارة إلى أن العقوبات الغربية تتخذ منحى تصاعدياً، ومسارا يستهدف إيقاع أوسع ضرر ممكن بروسيا، رجح رئيس مجلس الدوما، فياتشيسلاف فولودين، فرض عقوبات جديدة على روسيا في مجال الصناعة وقطاع الوقود والطاقة. ورأى البرلماني أن الضربات ستوجه إلى «الصناعة وقطاع الوقود والطاقة من أجل وقف التنمية الاقتصادية لروسيا الاتحادية».



مفوض الأمم المتحدة للاجئين يندد بالتقليص «غير المسؤول» للمساعدات الإنسانية

المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

مفوض الأمم المتحدة للاجئين يندد بالتقليص «غير المسؤول» للمساعدات الإنسانية

المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

ندد المفوض السامي للاجئين في الأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، بالاقتطاعات في المساعدات الإنسانية هذا العام، معتبراً أنها «غير مسؤولة».

وقال فيليبو غراندي في مستهل اجتماع متابعة للمنتدى العالمي حول اللاجئين في جنيف: «طبعت العام الفائت سلسلة من الأزمات: إنها عاصفة فعلية»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار إلى «الفظائع اللامتناهية التي ترتكب في السودان وأوكرانيا وغزة وبورما (ميانمار)»، مندداً كذلك ﺑ«الانهيار المفاجئ وغير المسؤول والذي يفتقر إلى رؤية بعيدة المدى للمساعدة الدولية».

مأوى لعائلة فلسطينية نازحة في مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة... 14 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وخفّض تمويل مفوضية اللاجئين بنسبة 35 في المائة منذ بداية العام. وتواجه العديد من المنظمات الدولية الأخرى تقليصاً كبيراً للمساعدة الدولية، وخصوصاً منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، علماً بأن الولايات المتحدة كانت أكبر ممول للمساعدة الإنسانية.

ولاحظ غراندي أن هذا الوضع «يدمر القطاع الإنساني ويتسبب بقدر كبير ومن دون طائل من المعاناة».

وأوضح أن 2025 كان عاماً «تعرّض فيه اللاجئون غالبا لتشويه صورتهم واعتُبروا بمثابة كبش فداء في أماكن عدة».

أشخاص يتجمعون للحصول على هدايا خيرية بعد فرارهم من منطقة متنازع عليها في مخيم للاجئين في مقاطعة أودار مينتشي... كمبوديا 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وأضاف غراندي الذي تنتهي ولايته مع نهاية العام بعدما أمضى عشرة أعوام في منصبه: «يستغل المتاجرون بالبشر معاناتهم لتحقيق الربح، ويستغل السياسيون وضعهم لكسب الأصوات في الانتخابات».

وأشار أيضاً إلى «سياق عالمي يجاز فيه للكراهية أن تنشر في شكل متزايد الانقسامات العنصرية».

ويرتقب أن يعلن المانحون التزامات في هذا الاجتماع في وقت تواجه مفوضية اللاجئين أزمة عميقة، علماً أن عدد النازحين قسرا في العالم والذي قُدّر في منتصف 2025 ﺑ117.3 مليون شخص، تضاعف في عشرة أعوام.

لاجئون من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وصلوا حديثاً بعد اندلاع قتال جديد يصطفون في نقطة توزيع الطعام في مخيم نياروشيشي للعبور في مقاطعة روسيزي في رواندا... 11 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وبسبب اقتطاعات واشنطن التي كانت تؤمن 40 في المائة من موازنة المفوضية، وقيود مالية فرضتها دول مانحة أخرى، أُجبرت المنظمة على إلغاء أكثر من ربع وظائفها منذ بداية العام، واستغنت عن نحو خمسة آلاف من المتعاونين معها.

ويأتي اجتماع جنيف بعيد تعيين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الرئيس العراقي الأسبق برهم صالح على رأس المفوضية. ويحتاج تعيينه إلى موافقة الجمعية العامة للمنظمة الأممية.


أحمد الأحمد يخضع لعملية جراحية بعدما أصيب خلال تصديه لمهاجم شاطئ بوندي

TT

أحمد الأحمد يخضع لعملية جراحية بعدما أصيب خلال تصديه لمهاجم شاطئ بوندي

كريس مينز حاكم نيو ساوث ويلز خلال زيارة لأحمد الأحمد في المستشفى (حساب مينز عبر منصة «إكس»)
كريس مينز حاكم نيو ساوث ويلز خلال زيارة لأحمد الأحمد في المستشفى (حساب مينز عبر منصة «إكس»)

وصف والدا أحمد الأحمد، صاحب متجر الفواكه الذي كبّل وصارع أحد مهاجمي شاطئ بوندي، ونزع سلاحه، ابنهما بأنه بطل، في وقت تدفقت فيه التبرعات على ابنهما خلال تعافيه في المستشفى.

وقال والدا أحمد، لشبكة «إيه بي سي»، إن ابنهما أُصيب بأربع إلى خمس رصاصات في كتفه، ولا تزال عدة رصاصات مستقرة داخل جسده.

وأوضح محمد فاتح الأحمد وملكة حسن الأحمد أنهما وصلا إلى سيدني من سوريا قبل بضعة أشهر فقط، وكانا منفصلين عن ابنهما منذ قدومه إلى أستراليا عام 2006.

وتحدث ابن عمه هوزاي الكنج، لوسائل الإعلام بعد ظهر يوم الاثنين، مؤكداً أن أحمد الأحمد خضع لأول عملية جراحية بنجاح.

وأوضح: «لقد أجرى الجراحة الأولى، وأعتقد أن أمامه جراحتين، أو ثلاثاً، هذا يعتمد على حالته».

عائلة الأحمد تطلب مساعدة رئيس الوزراء

وأعرب والدا أحمد الأحمد عن خشيتهما من عدم قدرتهما على مساعدة ابنهما المصاب في تعافيه بسبب سنهما المتقدمة. وطالبا حكومة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي بمساعدة شقيقيه، أحدهما في ألمانيا، والآخر في روسيا، للسفر إلى أستراليا لدعم العائلة.

محمد فاتح الأحمد والد أحمد الأحمد الذي كبّل وصارع أحد مهاجمي شاطئ بوندي ونزع سلاحه (لقطة من فيديو)

وقالت والدة أحمد: «إنه بحاجة للمساعدة الآن لأنه أصبح معاقاً. نحتاج أن يأتي أبناؤنا الآخرون إلى هنا للمساعدة». وأضافت: «لقد رأى أحمد الناس يموتون، وعندما نفدت ذخيرة ذلك الرجل (المسلح)، انتزع السلاح منه، لكنه أُصيب».

وقال رئيس الوزراء الأسترالي إن شجاعة أحمد أنقذت أرواحاً.

ووصف الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أحمد بأنه «شخص شجاع جداً جداً» أنقذ حياة الكثيرين.

التبرعات تتدفق على «البطل»

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، تدفقت التبرعات على الرجل المسلم، البالغ من العمر 43 عاماً، لتصل لنحو 750 ألف دولار أميركي، خلال تعافيه في المستشفى بعد إجراء عملية جراحية.

وجمعت حملة عبر موقع «جو فاند مي» تم إطلاقها من أجل أحمد أكثر من 1.1 مليون دولار أسترالي (744 ألف دولار أميركي) خلال يوم واحد.

كان أحمد الأحمد يتناول القهوة مع صديق في بوندي عندما سمع دوي طلقات نارية، وفقاً لوالديه. ولاحظ أحد المسلحين محتمياً خلف شجرة، وعندما نفدت ذخيرته، اقترب منه أحمد الأحمد من الخلف، وتمكن من انتزاع السلاح من يديه.

ولقي ما لا يقل عن 15 شخصاً مصرعهم عندما أطلق نافيد أكرم (24 عاماً) ووالده ساجد أكرم (50 عاماً) النار على رواد يهود كانوا يحضرون مهرجاناً لعيد حانوكا يوم الأحد. ونُقل 42 شخصاً آخرون إلى المستشفى تتراوح حالاتهم بين المستقرة والحرجة.

وأجرى كريس مينز حاكم نيو ساوث ويلز زيارة لأحمد الأحمد في المستشفى الذي يتلقى به العلاج. وقال: «أحمد بطل حقيقي».

وأضاف، في منشور عبر منصة «إكس»، اليوم الاثنين، «شجاعته المذهلة الليلة الماضية أنقذت بلا شك أرواحاً لا تحصى، عندما قام بنزع سلاح إرهابي، وخاطر بحياته بشكل كبير. كان شرفاً لي أن أقضي معه بعض الوقت، وأنقل له شكر الناس من جميع أنحاء نيو ساوث ويلز».

وأظهرت لقطات أحمد الأحمد (43 عاماً) وهو يركض نحو أحد المسلحين من الخلف قبل أن ينتزع منه بندقية ذات سبطانة طويلة.

تم بث هذه اللقطات من قبل وسائل إعلامية حول العالم، وشوهدت أكثر من 22 مليون مرة على وسائل التواصل الاجتماعي.


كيف فقدت «سي آي إيه» جهازاً نووياً في جبال الهيمالايا الهندية؟

جبال الهيمالايا (أرشيفية- رويترز)
جبال الهيمالايا (أرشيفية- رويترز)
TT

كيف فقدت «سي آي إيه» جهازاً نووياً في جبال الهيمالايا الهندية؟

جبال الهيمالايا (أرشيفية- رويترز)
جبال الهيمالايا (أرشيفية- رويترز)

انتهت مهمة سرِّية لـ«وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية (CIA) خلال الحرب الباردة بالفشل، بعدما فُقد جهاز مراقبة يعمل بالطاقة النووية في أعالي جبال الهيمالايا الهندية، في لغز لا يزال دون حل بعد 6 عقود، ويقول ناشطون بيئيون ومسؤولون هنود إنه قد يشكِّل تهديداً مستمراً لملايين الأشخاص.

وحسب تحقيق نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، جنَّدت «وكالة الاستخبارات المركزية» في عام 1965 فريقاً من متسلقي الجبال النخبة من الأميركيين والهنود، لتركيب جهاز تنصُّت بعيد المدى قرب قمة جبل ناندا ديفي، أحد أعلى وأبعد القمم الجبلية في العالم. وكان الهدف من العملية مراقبة اختبارات الصواريخ الصينية، عقب أول تفجير نووي أجرته الصين.

وكان الهوائي الذي يعمل بواسطة مولِّد يزن نحو 50 رطلاً ويحتوي على البلوتونيوم- 238، والبلوتونيوم- 239، مُصمما للعمل سراً لسنوات طويلة من دون اكتشافه؛ غير أن عاصفة ثلجية مفاجئة أجبرت الفريق على الانسحاب قبل استكمال عملية التركيب. وبناءً على أوامر قائد المهمة الهندي الكابتن إم. إس. كوهلي، قام المتسلقون بتثبيت الجهاز على رفٍّ جليدي، ثم نزلوا من الجبل. وعندما عادوا في ربيع العام التالي، كان الجهاز قد اختفى.

وقال كوهلي لاحقاً: «كل ما وجدته كان بقايا حبال». وأضاف أن مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية أصيبوا بالذعر؛ إذ قالوا: «هذه كبسولات بلوتونيوم... سيكون الأمر خطيراً للغاية». ولم يُعثر على الجهاز حتى اليوم.

ويُخشى أن يشكِّل مولِّد البلوتونيوم المفقود، المعروف باسم «SNAP-19C»، خطراً على مئات الملايين من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الواقعة أسفل الأنهار؛ إذ يُعتقد أنه مدفون في مكان ما داخل الأنهار الجليدية التي تغذِّي نهر الغانج.

وقال جيم مكارثي، آخر متسلِّق أميركي لا يزال على قيد الحياة شارك في المهمة: «لا يمكنك ترك البلوتونيوم قرب نهر جليدي يصبُّ في الغانج! هل تعلم كم عدد الأشخاص الذين يعتمدون على هذا النهر؟».

وفي حين يرى بعض العلماء أن التدفق الهائل لمياه النهر قد يخفف أي تلوث إشعاعي محتمل، يحذِّر آخرون من أنه في حال تضرر الجهاز أو العثور عليه، فقد يُستخدم في تصنيع «قنبلة قذرة».

ويُعدُّ البلوتونيوم مادة شديدة الخطورة؛ إذ يمكن أن يؤدي استنشاقه أو ابتلاعه إلى الإصابة بالسرطان وفشل الأعضاء.

وكشفت وثائق عُثر عليها في الأرشيف الشخصي لباري بيشوب، مصوِّر «ناشيونال جيوغرافيك» الذي ساهم في تنظيم المهمة، عن قصة تغطية موسَّعة أُعدَّت للعملية، شملت شهادات علمية مزوَّرة، ورسائل دعم، وحتى قوائم طعام للمتسلِّقين. كما تؤكد ملفات من أجهزة الاستخبارات الأميركية والهندية أن الحملة نُظِّمت على أعلى المستويات في حكومتَي البلدين.

وظلت القصة سرية لأكثر من عقد، إلى أن كشفها الصحافي هوارد كوهن عام 1978. وطالب مشرِّعون هنود حينها بإجابات، بينما تعهد رئيس الوزراء مورارجي ديساي بفتح تحقيق. وتُظهر برقيات دبلوماسية سرية، استشهدت بها صحيفة «نيويورك تايمز»، أن الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر شكر ديساي سراً على مساعدته في احتواء تداعيات القضية.

وفي الهند، لا يزال الجهاز مصدر قلق عام. ففي عام 2021، أدى انهيار أرضي مميت قرب جبل ناندا ديفي إلى مقتل أكثر من 200 شخص، ما غذَّى تكهنات بأن حرارة المولِّد المدفون قد تكون ساهمت في زعزعة استقرار النهر الجليدي. ورغم عدم وجود أدلة تربط الكارثة بالجهاز المفقود، دعا مسؤولون في ولاية أوتاراخاند رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى الإذن بإجراء عملية بحث. وقال وزير السياحة في الولاية ساتبال مهراج: «يجب استخراج هذا الجهاز مرة واحدة وإلى الأبد، ووضع حد لهذه المخاوف».

ومع تسارع ذوبان الأنهار الجليدية بفعل الاحتباس الحراري، يحذِّر بعض العلماء من أن المولِّد قد يظهر في نهاية المطاف من تحت الجليد. وحسب تعبير أحد قدامى العاملين في الاستخبارات الهندية: «إنه خطر جسيم يرقد هناك مهدداً البشرية جمعاء».